ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Saturday 07/04/2012/2012 Issue 14436

 14436 السبت 15 جمادى الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

يتعيَّن علينا الاعتراف بأننا نعيش في وسط دوامة من المتغيرات، لن نستطيع التصدي لرياحها، أو بعبارة أخرى أن التغيير أصبح بمنزلة ناموس من نواميس الكون، وأن أسلوب الحياة للأيام الخالية لن يعود،

وعلينا الاعتراف بأن معدل التغيير أصبح من السرعة بمكان بحيث نجد صعوبة في التكيف مع هذه المتغيرات تدريجياً؛ لذا فمن الحكمة أن نكف عن مقاومته، ونغرس في أنفسنا خصلة الترحيب به، والمستقبل سيكون ملكاً لهؤلاء الذين يدرسون احتمالات التغيير القادمة، ويرسمون الخطط المناسبة للتعامل معه، ولن يكون بمقدورنا السيطرة على عملية التغيير بالكامل، فذلك مستحيل، ولكن بإمكاننا إدارة شؤون حياتنا في ظل هذه المتغيرات؛ لتكون آثارها تدريجية، وتمر عبر فترة زمنية مختارة واقعية، يمكن خلالها ترويض أنفسنا لقبول التغيير.

إن مشروع التقويم الهجري لحساب الأيام، الذي أسسه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أحد العشرة المبشرين بالجنة، قبل 1433 سنة، كان إنجازاً عبقرياً، يلبي حاجة المجتمع المتغيرة آنذاك، التي بدأت بوادرها مع اتساع الدولة الإسلامية، أدركها عمر رضي الله عنه بعبقريته، التي مدحه بها الرسول صلى الله عليه وسلم مبكراً بقوله “لم أرَ عبقرياً يفري فريه”.

وعالمنا المعاصر شهد عبقرياً آخر، فتجارة الرقيق من الأفعال المباحة في الإسلام، ولكن الملك فيصل رحمه الله أدرك أنه من الحكمة الترحيب برياح التغيير التي هبت على المجتمع المدني آنذاك؛ فأصدر قراره عام 1382هـ بإلغاء تجارة الرقيق في السعودية، ولم يترتب عليه أي تداعيات دينية.

وفي خضم صراع المجتمع السعودي مع أمواج متلاطمة في بحر من المتغيرات كان لزاماً وضع بوصلة تحدد الاتجاه الآمن لمحصلة الشد والجذب التي تمر بها شرائح المجتمع، وهي من الصعوبة بمكان، بحيث تحتاج إلى عبقري، وبواسطة عنصر اجتماعي مؤثر في اتجاه المحصلة، عندها صدر قرار خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله - حفظه الله - ينص على مشاركة المرأة في مجلس الشورى والانتخابات البلدية، وهي وثبة للمجتمع السعودي في طريق التغيير.

وعندما أدركت الولايات المتحدة أن نجاح العولمة المستهدف سيتطلب استخدام الكميات المفهومة لباقي شعوب العالم عندها بدأت بالتحول التدريجي في وحدات قياس المسافة (البوصة، القدم، الياردة، الميل) إلى (الملليمتر، السنتيمتر، المتر، الكيلومتر)، مدركة صعوبة التحول المفاجئ على الشعب الأمريكي؛ ما جعلها تستعمل الوحدتين معاً في آن واحد ولمدة زمنية، ريثما يألف الشعب وحدة المسافة البديلة، وأخيراً نجحت وانسجمت مع وحدة المسافة لباقي شعوب العالم بدلاً من الصدام.

المسافة الزمنية بين السعودية ومراكز العالم الرئيسة هي مجموع عطلتين أسبوعيتين متتاليتين (الخميس، الجمعة، السبت والأحد) في الأسبوع الواحد، وتمثل ستة أشهر ونصف الشهر في السنة، وعند تغيير العطلة الأسبوعية في السعودية إلى الجمعة والسبت تصبح المسافة الزمنية مع مراكز العالم الرئيسة، ثلاثة أيام (الجمعة والسبت والأحد) في الأسبوع الواحد، وتمثل أربعة أشهر ونصف الشهر في السنة تقريباً، والفرق الزمني الناتج هو شهران، ويمكن حساب الخسائر الاقتصادية المترتبة على فرق الزمن، كذلك حساب تكاليف العمل الإضافي للموظفين الذين يتطلب عملهم التواصل مع مراكز العالم مثل أعمال الخزينة في البنوك ومراسلات الاستيراد مع مصدري البضائع إلى السعودية.

الخلاصة:

كل المسوغات تشير إلى حتمية التغيير إلى الجمعة والسبت، ولا نحتاج إلى عبقري لإدراك اتساع ميدان العمل بسبب شبكة الإنترنت، التي لا يحدها زمان، فيمكن التراسل (صوت، صورة، بيانات) مع (سيدني، طوكيو، سنغافورة، لندن، نيويورك)، على مدار الساعة من دون عائق فرق التوقيت، ولا يحدها مكان؛ فلا فرق عندما تتراسل إلكترونياً مع الموظف في المكتب المجاور أو الموظفة التي تعمل في بورصة نيويورك، كما أن التغيير لن يحتاج إلى عبقري معاصر مثل عبقرية الملك فيصل - رحمه الله - أو الملك عبدالله - حفظه الله - تتطلب قراراً، يلغي فيه فعلاً مباحاً، أو يقر فعلاً مباحاً، كما أن التغيير لا يحتاج إلى فتوى من عالم جليل؛ فليس هناك تحليلٌ لحرام ولا تحريمٌ لحلال، وهناك الولايات المتحدة، صانعة العولمة، يمكن الاستفادة من تجربتها في استبدال المألوف بالغريب، والعائق الوحيد هو الحاجز النفسي المصمت عند أبطال مقاومة فكرة التغيير إلى (الجمعة، السبت، الأحد)، وهذا يمكن تجاوزه عن طريق تنفيذ القرار بعد سنة من تاريخ صدوره، خلالها يمكنهم هضم فكرة التغيير تدريجياً.

khalid.alheji@gmail.com
twitter @khalidalheji
 

عطلة الجمعة والسبت حتمية
لا تحتاج إلى حلول عبقرية
م. خالد إبراهيم الحجي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة