ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Saturday 07/04/2012/2012 Issue 14436

 14436 السبت 15 جمادى الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

إفشاء السر
مقدم متقاعد/ أحمد علي الأحمد

رجوع

 

من المؤكد أن إفشاء الأسرار يحيي الحديث في الأمسيات المملة، ويعيد شحن المناقشات التي فرغت من الحرارة، لكن ما هو الدافع الحقيقي لرغبتنا في معرفة أسرار تم البوح بها؟ وقد يفضي إلينا أحد الأشخاص بسره ونعده بألا نبوح به، لكن سرعان ما نجد أنفسنا وقد نقلناه لشخص ثالث، فإذا كان الشخص أميناً على السر يبقى في طي الكتمان، لكن ماذا يحدث إذا أسأنا الاختيار؟ ولماذا نشعر برغبة شديدة في البوح بما يجب علينا كتمانه؟

يقول علماء النفس إننا نفعل ذلك دون قصد، وفي كثير من الأحيان دون وعي أو إدراك. هناك من يفشون السر في لحظة ضَعْف أو غضب ثم يأسفون في الحال، وقد يكون إفشاء السر عند بعض الناس نوعاً من استعراض أهميتهم ومكانتهم، فكأن لسان حالهم يقول «انظروا كم أنا مهم لأنني موضع ثقة فلان».

الصمت الثقيل يقود الناس أيضاً لكشف الأسرار؛ فحين تمر فترات صمت طويلة بين شخصين أو أكثر أو يشعر فيها أحدهما بأهمية إثارة حوار لتجنب الصمت المطبق؛ فيبدأ في كشف أسراره أو أسرار الآخرين.

بعض الأسرار قد تثقل كاهل حاملها وتزعجه؛ فتجعله يخرج من ولائه فينطق بها لمن يهمه الأمر.

قد يستغل بعض الناس الأسرار آملين الحصول على معلومات تهمهم كما يقول عالم النفس «أقول لك سراً إذا قلت لي سراً آخر»، وكأنها عملية مقايضة؛ فهم يحاولون أن يعرفوا أن بإمكانهم إيداع ثقتهم في هذا الشخص، ثم يبوحون له بأسرار تافهة ومختلفة؛ ليشجعوا الآخرين على كشف أسرارهم. وهناك من يزرع الأسرار خصيصاً على أمل أن يكشفها للآخرين.

إن النميمة ونقل الكلام وإفشاء الأسرار عادة من عادات الطفولة، لكن الأمر لا يختلف حين نكبر؛ فالطفل لا عتب عليه؛ لأنه لا يقدر النتائج، أما الكبار فلهم حسابات أخرى، وحين تفلفل الأسرار تنفجر على شكل شائعات. شخص ما يبوح بالسر ثم ينتقل السر لآخر؛ ليصبح مشوهاً ومضخماً مع زيادات بالتفاصيل وإضافة الآراء الشخصية؛ فتخرج هذه الشائعات إلى الملأ وكأنها حقيقة لا ريب فيها، ويصح فيها المثل القائل «السر إذا خرج من الشفتين ذاع، وإذا تجاوز الاثنين شاع».

ويقول الخبراء إن هؤلاء الناس تنقصهم الثقة بالنفس؛ ونتيجة لذلك يفشون خصوصيات الآخرين؛ ليعيدوا الاعتبار لأنفسهم، وتصبح الأسرار أيضاً نوعاً من الهدايا لكسب القبول والفوز بأصدقاء. وغالباً ما يكون إفشاء السر ليس للإساءة لشخص ما بل للبحث فقط عن تقدير للنفس لمصدر المعلومات؛ فهذه المعلومات تزيد من شعوره بالأهمية الذاتية.

هناك آخرون يخافون الأسرار، ويتجنبون الانخراط فيها؛ فالخوف من معرفة سر قد يكون خوفاً مما يفرضه تبعاته كحماية السر أو معرفة أشياء تشكّل خطورة ومشاكل يريد الابتعاد عنها. وفي المقابل هناك الكثيرون يعتبرون الأسرار من الأمور التافهة التي لا تستحق كل هذا العناء. إنها معادلة للنميمة ونقل الكلام، وليس هناك وقت لتضييعه في هذا الهراء.

ومن ناحية أخرى فإن الأسرار العميقة الخفية المذهلة تجعل البوح بها مغرياً إلى حدٍّ كبير، ثم ماذا عن الأسرار التي إذا كُشفت قد تؤذي أكثر مما تفيد؟ وبالتالي فإننا لا نتعرض لعقوبات أو محاكمة إذا بُحنا بالأسرار، لكننا نوصف بأننا غير جديرين بالثقة، غير أننا إذا كنا نحرص على الكتمان بشكل معقول وحذرين بما فيه الكفاية فإن عادة البوح بالأسرار غير مؤذية نسبياً؛ فالمعلومات والأخبار الصغيرة من هنا وهناك تضيف أهمية للحياة؛ فلعل الطبيعة الإنسانية كلها تحاول تلبية هذه الرغبة لدى القراء، وفي الصحافة البريطانية هناك باب يسمى باب الشائعات يعمل فيه أحياناً عشرات المخبرين الصحفيين الذين لا همّ لهم إلا جمع الشائعات والأخبار التافهة.

الرياض

 

رجوع

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة