ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Tuesday 10/04/2012/2012 Issue 14439

 14439 الثلاثاء 18 جمادى الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

متابعة

 

في وداع أم أحمد البجادي

رجوع

 

في نهاية شهر ربيع الأول بدأ ألمك وداهمتك أسباب الوفاة, وخلال أيام قلائل رحلتِ عن دنيانا الفانية إلى رب رؤوف رحيم, إنه يوم فراق الحبيبة الحنون أم أحمد (نورة بنت علي العجلان).

كنتِ قبلها ملء السمع والبصر, تجملين المناسبات وتفرحين بالاجتماعات، وإذا بها أيام قلائل عانيت فيها ما جرح قلوب أحبابك، وأنزل الدمع مدراراً من مآقيهم, فمنهم من يكتم بكاءه ويجهد في حبس الدمع في محاجره، ويتجلد والنار تشتعل في جوفه, ومنهم من غلبته الدموع، ولم يستطع للبكاء كتماناً.

لا تظنين أن مصابك مقتصر على أبنائك وأحفادك, بل هو أشمل من ذلك وأوسع، لقد وسع من وسعتِهم بصلتك, وشمل من شملتِهم بعطفك ورحمتك.

وحينما يأخذ الحزن بمجامع القلب نتذكر ما يدخل البهجة في قلوب أحبابها, إنه عملها الصالح الذي عرفناه, وعبادتها التي شاهدناها - ونحن شهود الله في أرضه - في تلك الأيام الخوالي كان مصحفك بحروفه الكبيرة منشوراً بين يديك في أوقات هجوع الناس وانشغالهم حتى نسب الأطفال تلك الطبعة الكبيرة للمصحف إليك، رغم أنك نشأت أمية, لكن الهمة العالية والحرص على إشغال النفس بكتاب الله جعلك تتعلمين قراءة القرآن فقط, حتى أصبح أنيسك في الخلوات.

لم يستطع أحد من محبيك أن يثنيك خوفاً على صحتك عن قضاء رمضان كل عام في بلد الله الحرام, حيث ترابطين فيه الساعات الطوال من بعد الظهر إلى منتصف الليل رغم شدة الحر وطول النهار، والله تعالى يعلم ما كنت تنفقينه في تلك الأيام المباركة من الصدقات والنفقات وما تخفينه عن أقرب الناس إليك.

ولم يكن قيام الليل عندك مرتبطاً بهذا الشهر الكريم بل هو فرض لازم عندك، لم تدعيه حتى وأنت على سرير المرض تتكبدين مشاقه.

إنها المرأة التي لا يعرف الغضب إليها طريقاً؛ فهمها رضا الجميع وجمع القلوب ولمّ الشمل والقيام بالحقوق والواجبات والمسارعة إلى الفضائل والمكرمات.

أما صلتها للأرحام ووصلها للأقارب والجيران فتشهد به الجموع التي خرجت خلف جنازتها تلهج لها بالدعاء.

إننا لا نبكي الفقيدة لأننا نظن - ثقة بالله تعالى - أن ما أفضت إليه أفضل مما تركت، وما عند الله لها خير لها مما عندنا، لكننا نبكي عليها؛ لأن فقد الأعمدة يزلزل الأركان وكذلك كانت أم أحمد.

(أمي نورة) جملة ترددها أفواه الأطفال الذين يطوفون حولها بلعبهم وصراخهم فلا تتضجر أو تتكدر بل يزداد فرحها وسرورها مع ازدياد أعدادهم وملء فضائها بأصواتهم، وهي توزع عليهم الحلوى والهدايا حتى تعلق بها الأطفال كتعلقهم بأمهاتهم بل أشد.

إن جئتها ضحكت ومدت كفها في جيبها تعطي بدون توان.

اللهم ارحم أم أحمد كما رحمت الصغير والمسكين، والطف بها، وأفسح لها في قبرها، ونوّر لها فيه.

رباه قد نزلت بساحتك ضيفة

وأنت الكريم فهل يخيب رجاه

يا رب ثبت باليقين فؤادها

لا مال ينـفع ها هـنا أو جاه

واغفر إلهي ذنبها متفضلاً

وامـنن عليها بالرضـا ربـاه

د. عبدالله بن محمد الرميان

 

رجوع

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة