ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Friday 13/04/2012/2012 Issue 14442

 14442 الجمعة 21 جمادى الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

قبل ثلاثة عقود في عام 1402هـ أخرج صاحب ما سمّي لاحقاً بتيار السرورية الشيخ محمد سرور بن نايف زين العابدين، كتابه المشهور “وجاء دور المجوس” باسم رمزي هو: الدكتور عبد الله محمد الغريب، وكشف في هذا الكتاب خبيئات ثورة الخميني، ومستقبل التشيع، والخطر الفارسي على المنطقة، والوشائج التي تربط بين فرق الإسماعيلية كالنصيرية بالأحزاب التي نشأت حديثاً كحزب الدعوة في العراق وحزب الله في لبنان، كتاب قيِّم بالفعل، واجتهاد مبكر موفّق لكشف المخطط الفارسي الذي يتخذ التشيُّع غطاء كما يحدث الآن في سوريا،

وهو يضرب بمعوله في بنية مجتمع مسلم ويفتك بأبنائه، ويهدم ويدمّر ويحرق ويهجر، سعياً إلى إفراغ منطقة الشام من الكثافة السنّية المسلمة، وطمعاً في إحلال ما يقترب من التوازن مع الأقلية النصيرية الحاكمة المتسلِّطة، ونتساءل الآن بعد سيرورة هذا الكتاب وانتشاره الكبير، وطبعه طبعات عدّة مع كتب أخرى تشتغل على الموضوع نفسه، وبخاصة أنّ الكاتب أحد الرموز الإخوانية الكبيرة والمؤثرة وإن كان منشقاً بتيار يغرِّد وحده هو تيار السرورية المتشدّد؛ نتساءل: كيف يضع الإخوان المسلمون أيديهم في يد من يقتل المسلمين؟! كيف تجرّأ زعماء حماس على نقل مكتبهم من غزة إلى دمشق وهي قلعة النصيرية الحاقدة على السنّة؟ كيف وجد زعماء حماس الإخوانية شجاعة وماء في الوجه ليحجوا إلى طهران وهي ترسل آلات القتل من طائرات بدون طيار، وطائرات تجسُّس، وقائدي العمليات العسكرية، وشبيحة، ومعدات عسكرية، ومدداً مالياً إلى دمشق، ويتحرك ذنباها حزب الدعوة العراقي وحزب الله اللبناني بدون حياء ولا رغبة في التخفِّي بخط مستقيم بكل ما يملكان من قوة بطش وشدة حقد لقتل أبناء الشام، وتدمير المدن السنّية على من فيها؟! كيف يجد الإخوان المسلمون أعذاراً لهم عند الله وعند الناس وعند التاريخ، وهم يمهرون بأيديهم حين تصافح القتلة في طهران أو في دمشق ويمنحونهم صك البراءة؟! ومن منهم يقوى بعد كل هذا الافتضاح على التبجُّح بخدمة الإسلام أو نصرة الحق أو إعلاء شأن المسلمين؟ وما هي المسوّغات المقبولة أو غير المقبولة لإقامة حلف لنصرة الدين والعروبة كما تدّعي حماس مع أعداء الدين والعروبة في دمشق وطهران؟! أهم جهلاء بحقيقة النصيرية؟! ألم يقرؤوا تاريخها الأسود وما أراقته من دماء على مدى هيمنتها المقيتة على سوريا؟ أغابت عنهم المجازر المتتالية في كل مدن سوريا؛ لا في حماة وحدها؟! أما تذكّروا واسترجعوا التاريخ القريب قبل ثلاثة عقود وما أصاب إخوانهم الفلسطينيين في صبرا وشاتيلا، والدور الإجرامي الذي قام به البعثيون مع الكتائب بمشاركة وتغطية إسرائيلية؟!

أيصدِّق الإخوان في مصر أو في فلسطين أو في تونس أو في قطر حين يغازلون طهران، أنها هي المنقذ للإسلام أو الناصر لقضية فلسطين؟!

وإذا كانت النصرة الفارسية للفلسطينيين حقة فلمَ لم تتحرك الجيوش الإيرانية أو مندوبوها في دمشق أو جنوب لبنان للانتقام من إسرائيل بعد اجتياح غزة المرير والمؤلم؟!

كان ساستنا والعقلاء من المفكرين الإسلاميين في بلادنا وسائر أقطار الوطن العربي، يؤمنون بالحوار وبالتقارب وبالعمل الإسلامي المشترك، مدفوعين بحسن النيّة وإحسان الظن وأخذاً بالعلن؛ ولكن الوقائع على الأرض لا تصدق تلك الأحلام المثالية البريئة، وتسقط أوهام الحوار والتقارب وحرية التمذهب والاعتقاد، والمجال الحيوي لكل شعب وأخلاق المجورة، والعيش المشترك والقواسم التاريخية والتبادل الحضاري بكل زخمه الفكري والأدبي والتجاري على مدى التاريخ. لقد عاد مزدك وزرادشت وبابك الخرمي، وإخوان الصفا والإسماعيليون بأطيافهم، من خلال ثورة الخميني التي أحيت ورعت وشجعت الصراع المذهبي، وقد كان خافتاً وفي حالة موات سريري عقوداً طويلة، وكان العالم الإسلامي قبل عام 1400هـ1980م يتجه اتجاهاً منفتحاً على الحضارات الأخرى ويتثاقف مع الغرب على الأخص وفق منطق الفائدة المتبادلة، فجاءت الثورة الخمينية المشؤومة وأحيت ما كان خاملاً، وأيقظت ما كان في سبات، وسعت إلى مواجهة العرب والمسلمين، وأنشأت الأحزاب، وأمدّت بالعون ما كان قائماً منها في عواصم عربية متعدّدة، وها هي الآن تكاد تحكم سيطرتها على المنطقة العربية، شرقاً حيث العراق، وشمالاً حيث سوريا ولبنان، وجنوباً حيث الحوثيون، وتمد يدها إلى الحركات الإسلامية المؤدلجة لتختطفها وتسيرها وفق مصالحها، ولتشق بها ما كان يمكن أن يحدث من اتفاق أو تلاق في البيئات العربية بين هذه الحركات والشعوب والحكومات العربية.

والآن: هل جاء دور المجوس؟ أم جاء دور الإخوان؟! الحق أنّ الفرس هم من يسعون إلى تسيُّد المرحلة، وأنّ ثمة تنسيقاً وتبادل مصالح مع جهات غربية عدّة، وأنهم يوظّفون إمكاناتهم كلها للعب هذا الدور والقيام بمسؤولية شرطي المنطقة، وأنهم أيضاً يعدّون العدّة منذ زمن بالأيدولوجيا حيناً وبالمال حيناً وبالقوة العسكرية أحياناً، وبالخداع والمراوغة السياسية في بعض الأحايين، وعن طريق الاستقطاب أو تسخين الخلايا النائمة وتشغيلها. المرحلة ليست للإخوان، بل هم مطيّة يمتطيها الغرب والفرس! فالغرب يمالئ هذه الجماعة لبراجماتيتها ومقدرتها التاريخية على التكيُّف والحوار مع الأطياف والفرقاء - ونستثني الراديكاليين المنشقين الذين خرجوا من العباءة الإخوانية - وذلك لاحتواء الشارع الإسلامي وتوجيهه عن طريق الجماعة الوجهة التي يريدها الغرب، فهم ليس لديهم موانع من تكييف الشريعة، كما حدث في تونس بإشراف حزب النهضة وفتوى الشيخ راشد الغنوشي، ومن إقامة صلات وروابط مع كل الأطراف المؤثرة في صناعة القرار الدولي من روم وفرس ويهود؛ مادام أنّ أولئك الأقوام سيمنحونهم المقود ويعبّدون لهم الطريق ويحمونهم من السقوط، والإيرانيون يوهمون الجماعة بالتشارك في الهم الإسلامي، ورفع راية الدفاع عن الحق الفلسطيني إما مباشرة من خلال خطب الجمعة في طهران، أو من خلال التحشيد الكاذب الذي يفعله حزب الله للقضية الفلسطينية، أو من خلال الادعاء الأخرق الغبي بالممانعة والصمود الذي يتبجّح به نظام البعث في دمشق وأراضيه تحتلها إسرائيل منذ أكثر من أربعين عاماً ولم يطلق رصاصة واحدة من مشارف جبل الشيخ أو من الجولان الذي يبعد أمتاراً عن العمق الإسرائيلي! أو بحرص الإيرانيين الظاهري على تحقيق قضية التقارب المذهبي وأن ليس لديهم حساسية أبداً تجاه الصراعات الطائفية، ويريدون من الجماعة المسيّسة أن تكون البديل المناسب للتعاطي معها لضرب الاتجاه السنِّي الآخر المختلف معها في كثير من الأمور والمختلف مع الإيرانيين في كل الأمور، وهو الاتجاه السلفي المهيمن على شبه الجزيرة العربية بما فيها المملكة العربية السعودية ذات الثقل الديني والاقتصادي والسياسي.

هل سيحكم الإخوان المنطقة العربية؟ وهل هي تجربة لابد أن تمر بها المنطقة كما مرت بتجارب أيدولوجية عديدة سابقة وفشلت كالقومية والبعثية والاشتراكية وغيرها؟ هذا ما سأتحدث عنه في المقال القادم إن شاء الله.

ksa-7007@hotmail.com
 

وجاء دور الإخوان!! 1-2
د.محمد عبدالله العوين

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة