ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Friday 13/04/2012/2012 Issue 14442

 14442 الجمعة 21 جمادى الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

أفاق اسلامية

 

مطالب أهل العروس وشروطهم وحب المظاهر
قلة ذات اليد.. وعزوف الشباب عن الزواج

رجوع

 

الرياض - خاص بـ(الجزيرة):

المغالاة في المهور، وقائمة الشروط، والمطالب الطويلة التي يضعها أهل الزوجة أمام المتقدم للزواج من ابنتهم، والهدايا المتنوعة، وقصور الأفراح، وكيفية تأثيث مسكن الزوجية من كل شيء، ولا يهم النظر إلى وضع الشاب أو ظروفه ولا من أين يأتي بالأموال بالاقتراض أو الدين أو اللجوء إلى البنوك، كلها أسباب تجعل الشباب يعزفون عن الزواج كلما سمعوا عن معاناة صديق أو قريب سوف يتزوج وتكالب الديون عليه، فكيف يمكن تذليل هذه العقبات؟! وكيف نعين الشباب الذين يعانون من قلة ذات اليد على الزواج ؟! هذا ماطرحناه على اثنين من مأذوني الأنكحة، فماذا قالا؟!

واجب النكاح

في البداية يؤكد الشيخ خالد بن عبدالعزيز الشهري إمام مسجد ابن جبرين بحي النهضة بالرياض ومأذون الأنكحة: إن من تأمل نور الكتاب والسنة وجدها قد وعدت الناكح بالغنى حيث يقول المولى - عز وجل -: {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}، ساق ابن كثير في تفسيره بسنده إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: اطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى، وعند القرطبي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: عجبي ممن لا يطلب الغنى في النكاح. قال القرطبي: وقد قيل: ليس وعد لا يقع فيه خُلف، وذكر الامام الشنقيطي في تفسيره على الآية قال: فيه وعد من الله للمتزوج الفقير من الأحرار، والعبيد بأن الله يغنيه، والله لا يخلف الميعاد، وقد وعد الله أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الفقراء باليسر بعد ذلك العسر، وأنجز لهم ذلك، وقوله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف) رواه الترمذي والنسائي وحسنه الألباني، قال المباركفوري في تحفته: أي ثابت عنده إعانتهم ثم نقل قول الطيبي: إنما آثر هذه الصيغة إيذانا بِأَن هذه الأمور من الْأمور الشاقّة التي تفدح الإِنسان وتقصم ظهره لولا أن الله تعالى يعينه عليها لا يقوم بها وأصعبها العفاف لأنه قمع الشهوة الجبلية المركوزة فيه وهي مقتضى البهيمية النازلة في أسفل السافلين فإِذا استعف وتداركه عون اللَّه تعالى ترقّى إلى منزلة الملائكة وأعلى عليين.

ولهذا أوجب بعض العلماء النكاح وعدوه واجبا في أصله إلا أن يوجد ما يصرفه عن الوجوب، وممن ذهب إلى هذا القول الشيخ ابن عثيمين في كتابه الشرح الممتع، مستدلا بأمر النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين من حديث ابن مسعود: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج).

سكن وراحة

ويكشف الشهري الأسباب التي جعلت بعضا من الشباب يعزف عن الزواج رغبة في التحرر من الارتباطات الأسرية، أقول لأمثال لهؤلاء ومن قال لك بأن الزواج كبتا ومنعا للحرية ؟ بل هو السكن والراحة والطمأنينة كما سماه الله في القرآن الكريم: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}. قال العلامة ابن سعدي في تفسيره: فلا تجد بين أحد في الغالب مثل ما بين الزوجين من المودة والرحمة، وقال الشيخ ناصر العمر علامة السكن أنه متى ما فارقها حن إلى الرجوع إليها، فإذا كان الزواج هكذا من السكن والمودة والرحمة والألفة، فهل يُعد منعا للحرية؟

* ومن الأسباب التي تجعل بعض الشباب يعزف عن الزواج تكاليف ليلة الزواج الباهضة، حتى سمعنا عن بعض الزيجات التي يكون تكاليف ليلة الزواج فيها أكثر بأكثير من المهر فنجد المهر ربما لا يتجاوز الأربعين ألف ريال، بينما مايدفع في ليلتها يجاوز السبعين ألف ريال أو أكثر، حتى أني وقفت على طلاق كان سببه تعنت الزوجة وأهلها في اختيار قصر يضاهي المهر، فطلق الزوج امرأته !

* وأخيراً: الوقوف حول عزوف كثير من الشباب عن الزواج وربما تأخرهم فيه ليوجب معالجة هذا الأمر، لأن الزواج إنما هو تحصيل للأسرة واستقرار لها، واستقرار الأسرة إنما هو استقرار للمجتمع، واستقرار المجتمع استقرار للدولة، ومن السبل في المعالجة.. العودة إلى معين الكتاب والسنة الذي لاينضب، وإلى المعيار الذي وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم في اختيار الزوج (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه، فزوجوه. إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض)، وتوعية الشباب بأن النكاح هو سبيل إلى الغنى والسعادة والراحة والطمأنينة، توعية الأسر في التقليل من المؤونة والتكاليف الباهضة، حتى تحصل البركة والسعادة بين الزوجين وتقوم أسرة سعيدة.

فوائد الزواج

أما الشيخ فواز الأدهم المأذون الشرعي لعقود الأنكحة وإمام وخطيب بمدينة الملك عبدالعزيز السكنية فقال: حرصت الشريعة الإسلامية على حفظ وصون المسلم والمسلمة من البراثن والنعرات الشهوانية المخلة بمروءة الإنسان ونهت عن قرب المواطن المشينة أو حتى الاقتراب منها فقال تعالى {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى}، وفي المقابل جعلت للمرء - وبحكم الغريزة التي ركبها الله فيه وهو أعلم بما خلق سبحانه - متنفسا ووسائل مناسبة بخصوص هذا الشأن. ومن هذه الوسائل حثها على النكاح والاقتران بصاحبته لجنبه في هذه الحياة إلا وهي الزوجة كما قال تعالى موصيا بها ((والصاحب بالجنب)) وقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالنكاح وحث عليه وخاصة للشباب، فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وتنطيق الأحكام التكليفية وهي (الواجب والمحرم والمستحب والمكروه والمباح) على الزواج فقد يأخذ النكاح أحد هذه الأحكام حسب الحال. بل حرص السلف الصالح على الزواج لما له من فوائد من تكثير النسل وحفظ الأصل البشري للخلافة في هذه الأرض والطمأنينة والراحة النفسية والبعد عن مهاوي الردى. ‏فعن سعيد بن جبير قال: قال لي ابن عباس: هل تزوجت قلت: لا قال: فتزوج فإن خير هذه الأمة أكثرها نساء. رواه البخاري فهذا النص وغيره مما جاءت به الشريعة الإسلامية توضح أهمية النكاح . وفي هذا العصر ومع كثرة الفتن والمغريات نجد عزوفا من بعض الشباب عن الزواج والتهرب منه.

أسباب العزوف

ويوضح الأدهم بعضاً من أسباب هروب وعزوف الشباب عن الزواج قلة ذات اليد والتي تتمثل في عدم التمكن من الحصول على الصداق (المهر) وصعوبة ذلك لبعض الشباب وكذا ارتفاع وغلاء الصداق وما يترتب على الزواج وملحقاته من تكاليف باهظة، فقد تصل تكاليف بعض الزيجات من صداق واستئجار منزل وتأثيثه وحجز قصر الزواج والبوفيهات المفتوحة للرجال والنساء وما يتعلق بتكاليف أثواب العرائس ولبس النساء ومن يحضرن لهذا الزواج من بناتهن وغيرهن وما يتعلق بمصروفاتهن وكذا ما يتعلق بحضور الرجال وما يترتب على ذلك من مجمل التكاليف قد يصل إلى مبالغ طائلة تصل إلى ((مليون ريال))!! وهذا موجود، إضافة إلى عدم تحمل المسؤولية من قبل بعض الشباب والذي يرى أن الزواج بهذه المرأة وصاحبته هذه يربطه عن أمور كثيرة في حياته. ويرى صعوبة الزواج بها ولا يتحمل تلك المسؤولية مع تلك الزوجة الجديدة والتي حلت في راحله ولها حقوق ضمنتها الشريعة وعليها واجبات أوجبتها الشريعة الإسلامية مع أن الأمر غريزي فطري معتاد خلق الله الخلق ويسر لهم ذلك {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}.

أما بالنسبة لقلة ذات اليد وهي: (عدم القدرة على توفير صداق النكاح وما يترتب على هذا العقد من أمور مالية ومستلزمات لاحقة ) فعلى الشاب المسلم أن يعلم أن الله عز جل هو الذي خلق الخلق وقد تكفل برزقهم {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا}، وعليه أن يسعى في العمل والبحث عنه كما قال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ }، وقد أكدت الشريعة الإسلامية على أن الزواج مفتاح الأرزاق وسبيل من سبلها فقال سبحانه: {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}، وقد فهم السلف الصالح هذه الآية ومدى تفضل الله عز وجل على المتزوج وأنه - عز وجل - ذو إنعام وإحسان على الزوج وزوجته لإغنائه لهما. فقال عبدالله بن مسعود: التمسوا الغنى في النكاح، يقول اللّه تعالى: {إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ}، وقال ابن عباس: رغبهم اللّه في التزويج وأمر به الأحرار والعبيد، ووعدهم عليه الغنى، فقال: {إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ}.

وقال أبو بكر الصديق رضي اللّه عنه: أطيعوا اللّه فيما أمركم به من النكاح، ينجز لكم ماوعدكم من الغنى، قال تعالى: {إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ}. وقد جاءت أحاديث عنه صلى الله عليه وسلم تبين أن الزواج مفتاح الأرزاق.فعن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة حق على اللّه عونهم: الناكح يريد العفاف، والمكاتب يريد الأداء، والغازي في سبيل اللّه» (رواه أحمد والترمذي والنسائي). فمن تزوج يريد العفاف له ولزوجه -صاحبته- أغناهما الله وحق لهم العون من الرزاق الكريم في المعيشة وفتح باب الرزق. وأما ما يتعلق بالتكاليف المرتفعة للزواج وملحقاته فالواجب على أولياء أمور النساء مراعاة حال الشباب وتقليل المهور وخاصة إذا وجد من هو أهلٌ للزواج صالح في دينه وخلقه. وكذا على الجهات المعنية التكاتف والتعاون فيما بينها في هذا الجانب. ومما يذكر هنا فيشكر ما يقوم به بنك التسليف من تقديم تلك السلفة لمن أراد النكاح وكذا مشروع سماحة الشيخ/ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله - في مساعدة الشباب على الزواج. ودورهما في هذا. ومما يذكر حث ونشر فكرة ثقافة الزواج الجماعي التي بدأت تنتشر في بعض المناطق فإنها تخفف تكاليف الزواج.وأما ما يتعلق بهروب بعض الشباب عن تحمل المسؤولية. فليعلم الشباب أن هذه المسؤولية فطرية وهبها الله عز وجل البشر بفطرتهم. وطبعهم عليها، فما على الشاب إلا التعايش مع هذا الوضع الجديد ومراعاة الظروف التي سوف يعيشها بعد هذه الحياة الجديدة وعليه أن يراعي ذلك من جميع الجوانب. فإن الإنسان مسؤول وعليه مسؤوليات متعددة ومتفاوتة.

 

رجوع

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة