ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Tuesday 17/04/2012/2012 Issue 14446

 14446 الثلاثاء 25 جمادى الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

زرت مؤخراً مدينة تورنتو في كندا، تلك المدينة الجميلة التي تحتوي على ثقافات متعددة من أصول مختلفة من آسيا، وأفريقيا، وأمريكا الوسطى، في هذه المدينة توجد جالية سعودية كبيرة للدراسة، بعضهم أطباء وطبيبات يعملون في مستشفيات كبيرة في تورنتو...

...وكان من بينهم صديق سعودي يعمل طبيباً في أحد أكبر مستشفيات تورنتو روى لي قصة جميلة مفادها أن رئيسه في القسم في المستشفى الذي يعمل فيه كندي يهودي، وإذا حان وقت صلاة الجمعة يبدي بكل تقبّل وتسامح الموافقة على ذهابه لمسجد قريب من المستشفى لأداء صلاة الجمعة، بل إن الطبيب الكندي أحياناً يذكّر الطبيب السعودي بموعد صلاة الجمعة، خشية أن تفوته صلاة الجمعة، حيث إن المسجد ليس قريباً من المستشفى.

هذا التسامح والتعايش وتقبل الآخر إحساس جميل له معنى عظيم، وهو منهج شرعي يحث عليه الدين الإسلامي الحنيف، ولكن المؤسف أنه أصبح نادراً في بلاد المسلمين، مع أن الرسول عليه الصلاة السلام، وهو قدوتنا ومعلمنا حثنا على المعاملة الحسنة، واللين، والرفق مع غير المسلمين، عملاً بقول الله عزَّ وجلَّ {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} البقرة 256.

هذا التسامح والعفو النبوي في مواقف عدة في حياته عليه الصلاة والسلام، له دلالات عميقة، كعفوه عن مشركي مكة حينما فتح، عليه الصلاة والسلام، مكة، وقال لهم: اذهبوا فأنتم الطلقاء، وموقف الرسول، عليه الصلاة والسلام، مع زعيم المنافقين عبدالله بن أبي بن سلول، وهو الذي آذى الرسول الكريم بخذلانه للمسلمين والنيل منهم، وهو من أول من بدأ في الطعن في عرض السيدة عائشة -رضي الله عنها، في حادثة الإفك، ومع ذلك كان النبي عليه الصلاة والسلام، يصبر على أذاه ويعامله بالحسنى واللين، وحينما مات قام النبي، عليه الصلاة والسلام، بالصلاة عليه. وكان عليه الصلاة والسلام ليناً رفيقاً متسامحاً، مع المسلمين وغير المسلمين، وصفه الله، عزَّ وجلَّ، في القرآن الكريم {وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} آل عمران 159 وتوفي عليه الصلاة والسلام ودرعه مرهونة عند يهودي في المدينة المنورة.

وكان المجتمع المدني، نسبة إلى المدينة المنورة، مجتمعاً متعدداً ومتنوعاً، فيه المسلم، واليهودي، والنصراني، بل والمجوسي، كلهم يتعايشون بسلام وطمأنينة. إننا مطالبون بأن نراجع أنفسنا في أمور عدة، لعل أهمها في هذا السياق حسن المعاملة، والتعايش، وتقبل الآخر، مهما كان هذا الآخر، يقول جلَّ من قائل (لكم دينكم ولي دين).

وحريٌ بنا أن نستلهم نهج المصطفى، عليه الصلاة والسلام، في تعاملنا مع المسلمين وغير المسلمين، بالحسنى، واللين، والرفق، والتسامح، والستر، وتفهّم الضعف البشري الذي قد يؤدي إلى ارتكاب الخطايا بمختلف أنواعها، فالإنسان معرَّض للخطأ والخطيئة، وأن كل إنسان قد يخطئ (كل ابن آدم خطَّاء, وخير الخطاؤون التوابون)، ومن المفترض أن نعمل ونسترشد بقوله، عزَّ وجلَّ {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} النحل 125.

 

اليهودي وصلاة الجمعة
سعد بن عبدالله السَّبتي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة