ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Wednesday 18/04/2012/2012 Issue 14447

 14447 الاربعاء 26 جمادى الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

من البدهي أن يكون في كل تجمع بشري الصالح، والطالح، والصواب، والخطأ.. وإلا ما وجدت وسائل التأديب، أو مثوبات الترغيب...

النتيجة هي الغاية، والمعول..

من ضمن هذه الحقيقة, وجدت ظاهرة التشبه بالنوع الآخر، بين البنات بالبنين، وكذا المتشبهين من الأولاد بهن..

وهي ظاهرة قديمة أزلية، والدليل في وجودها حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم حين قال وهو خير من يقول: (لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات بالرجال من النساء... ) -رواه البخاري-, وبلوغ هذا السلوك بصاحبه، أو صاحبته للطرد من رحمة الله على لسان من لا ينطق عن الهوى، إنما هو وحي يوحى.. علمه شديد القوى، يشير إلى خطورة هذا السلوك حين يظهر، فما بال عندما ينتشر؟

ولأن التربية هي عصبة متكاملة قوامها تربية الوجدان, والعقول, والنفوس, وتوطين الأدب, والخلق, وجادة التفكير, وحسن التصرف في السلوك انبثاقاً منها، فإن أية ظاهرة تبدأ قليلة، ومن تتسع في انتشارها لتستوجب القرار الرسمي، وتغدو على طاولة العمل الجاد لمكافحتها اجتماعياً في مؤسسات التعليم، وبيوت التربية...

حين تصل لهذا فإنما هي لم تجد من يتصدى لها بشكل جاد منذ بدئها، إذ ليس كل ما يفرح الأهل من طرائف سلوك صغارهم هو وقتي، ينتهي عندما يعون.. بل إن ما يشب عليه الصغير هو صورة واقع ما سيكون عليه كبيراً.. (ينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه).. تلك مسؤولية البيت قبل غيره..

الصغيرات في البيوت حين لا يجدن من يزجرهن وهن يقلدن الأولاد، والعكس تماماً إنما فيه مساس بمستقبل ميولهن، وميولهم، يعزز ذلك الإعجاب الذي ينصب في وجدانهم بشخصيات قريبة منهم، أو بعيدة عنهم، وتحديداً بعد أن أصبح لاعبو الكرة, والمغنون, والمغنيات، والمشاهير على اختلافهم، نماذج يقتفيها بسهولة المراهقون, والمراهقات, دون اعتبار من الأهل لهذه الظاهرة التي تبدأ بارتداء قميص، وقصة شعر، وتنتهي بحركة جسد, وأطراف، ما تلبث أن تأخذ شكلها في هيئة تامة يمثل بها حاملها من الجنسين نوعاً ومسلكاً يستوجبا العقوبة, والصرامة، إذ لا يقف هذا الأمر عند حد رفض العقل له في المجتمع بكامل مسوغاته، بل برفض الشرع، وعند هذا الحد يتولى كل أب، وأم، ومدرسة، وجامعة مسؤولية انتشار ظاهرة التشبه بين الجنسين ببعضهما..

وليست هي ظاهرة مأخوذة من الغرب فقط، حين يطلق عليها مسماها بلغة الغرب، وإنما تعززت في انتشارها، وتوسعها بالتواصل السريع الذي جعل العالم في كف شاشة عرض, ومرآة تأثير فرض..!!

بلغت هذه الظاهرة فتحرك لها المسؤول، بإصدار قرار يمنع الطلاب والطالبات من المتشبهين والمتشبهات من الدراسة حتى يفيئوا..!

وهو قرار متأخر، وإن كان لابد أن يكون..

كذلك فإن البيت يتحمل مسؤوليته كاملة، فدلال الآباء، وإهمال بعضهم، والتندر بحركات الأبناء، والبعد عن اختياراتهم للملابس، بل للأصدقاء، ونمط تعاملهم، وسلوك حركاتهم وطريقة مشيهم، كل هذا لابد ألا تغفل عنه عيون الوالدين..

ثم لا ننسى أن العودة للجادة في سلوكهم، واتقاء عدم تأثيرهم في سواهم، ينطلق من تجنيد جهود البيت والمدرسة، بتغيير كلي لمخازن ألبستهم، وأحذيتهم، والبث الدائم لأسماعهم، واستمالة قلوبهم نحو الصواب والخطأ، ونماذج القدوة الصحيحة، والمسلك الآمن للنجاة من مفاسد التشبه...

أذكر أنني حين كنت عميدة لمركز الطالبات في الجامعة قد واجهت عينات من هؤلاء الطالبات المتشبهات، وقد عقدت بيني وبينهن اتفاقاً أن يسخرن من أوقاتهن، فينخرطن في مساعدة موظفات شئون الطالبات في ضبط الساحات، ومن هنا نبهتهن إلى الخطأ في مظهرهن، وفي الشبهة في سلوكهن، فكيف يكن قدوة لغيرهن وهن على هذا المظهر والسلوك؟.. مع الحديث المستفيض عن الأخلاق، وجعلت إدارة مختصرة بجوار مكتبي، تعنى بهن، وتوافيني بتقارير عنهن يومياً، مع مداومة النصيحة بأساليب غير مباشرة، والتعرف على مشكلاتهن الخاصة، ومعالجة دوافعهن لهذا السلوك، بمشورة الأستاذات المختصات في علم الاجتماع وعلم النفس، وباشرت شخصياً مواجهة أهاليهن، والجلوس إلى أمهاتهن, والتحدث إلى آبائهن، فما مضى من الوقت زمن إلا أصبحن من بعد ذلك حريصات على أن يمتثلن في البيت, والجامعة بالسلوك الطبيعي الذي تم ضبطه.., إذ عرفن مخاطر التشبه..، ولعلي لا أنسى أن دوافع كثيرة كانت وراء هذا, منها الفراغ العاطفي الذي كن يعشنه في أسرهن، وقسوة الأب, أو مشاجرات الوالدين, أو التدليل الفائض,

أو توفر كل ما يردن دون عناء، أو الحرمان من كل ذلك دون وسطية، فالإفراط بشتى أنواعه حين يتعرض له الصغار في مرحلة النمو, له مثالبه، وآثاره الوخيمة.. يخرج في ظواهر كالتي نتحدث..

هؤلاء صغاركم يحتاجون إلى احتوائكم، الحازم الحاني، الواعي اللين، لا فظاظة ولا إهمال، ولا دفق ولا تخل...

عافاكم الله.. وعافانا..

 

لما هو آت
المتشبهات والمتشبهون..!
د. خيرية ابراهيم السقاف

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة