ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Friday 20/04/2012/2012 Issue 14449

 14449 الجمعة 28 جمادى الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

الاعتراف بالمشكلة جزء من حلّها، ولعل الجميع يتذكّر تقصيرنا في تشخيص مشكلة الشباب قبل عقدين أو يزيد مما دفعهم إلى أتون التطرف والتكفير والتفجير، فجرّوا على البلاد والعباد من المشكلات العظام التي ما زلنا نعاني آثارها حتى هذه اللحظة..

.. وإن كانت بفضل لله انحسرت أو كادت أن تكون شيئاً من الماضي.

اليوم نعيش فيما يظهر لي مشكلة من نوع آخر قد تكون أخطر من الأولى وذات أثر بالغ ليس في المسألة الفكرية فقط، بل في كل جوانب الحياة الفكرية والأخلاقية والأمنية والسياسية، هذه المشكلة أو الظاهرة, هي الحرية المزعومة التي يمارسها الكثير من الشباب إن لم يكن كل الشباب بكافة توجهاته، هذه الحرية تبدأ من حرية المظهر ولا تنتهي بحرية الكلام على صفحات المنتديات وشبكات التواصل الاجتماعي المعروفة، حرية مزعومة مدمرة تهلك حرث الآباء الذي بذروه في هؤلاء الشباب ونسل الأجداد الذين أصلوه في هذا المجتمع.

شباب يافع يجادل العلماء، وعندما أقول العلماء فإنني لا أعني علماء الشريعة فحسب وإنما كل من حمل علماً، يجادلونهم من منطلق الحرية لا من منطلق العلمية! يجادلون ليس بالتي هي أحسن وإنما بالتي هي أسوأ، يجادلون حاملين شعار جيل الانفتاح، حتى بات من يحمل علماً أصيلاً يولي وجهه عنهم لا صدوداً ونكراناً لأهمية هذا الجيل ولكن لما يجده منهم من تطاول على قامته العلمية واستخفاف بمكانته الاجتماعية! حقيقة واقعة لا تقبل الجدال، تؤلمني كثيراً لكونها لم تعد فردية، بل أصبحت واقعاً نعيشه في كل مجالسنا ومنتدياتنا وقنواتنا التواصلية الاجتماعية.

رجال السياسة الذين أفنوا حياتهم ذهاباً وإياباً وخاضوا أشرس المفاوضات والمناقشات والمداولات لم يعد لهم في أعين هؤلاء مكانة، فأصبحوا (علكة) في أفواه هؤلاء الشبيبة يجهلونهم ويستنقصون من قدراتهم تارة أخرى! ورجال الشريعة الذين جثوا على الركب عقوداً وعقوداً طلباً للعلم وحظوا بتقدير القيادة والمجتمع لم تسلم أعراضهم فهم في نظرهم يعيشون في زمان غير زمانهم ولا يملكون من فقه الواقع شيئاً! قادة الرأي من مفكرين ومسؤولين هم أيضاً بسطاء لا يدركون حاجة المجتمع ولا يعون متطلبات الحياة! بل إن الكثير من هؤلاء صار كل إنجاز وطني مشككاً فيه ويكيلون التهم تلو التهم لأي إنجاز نفاخر به بين الأمم! نكسة أخرى أسميها يعيشها شبابنا تحتاج لمبضع جراح ماهر يعرف كيف يستأصل الورم دون أن يؤثّر في بقية الجسم السليم، لكن السؤال من أين جاء هذا المرض الخطير لهؤلاء الشباب؟ في اعتقادي أن هذه المشكلة نتيجة أولاً لهذا الانفتاح الإعلامي الكبير، وثانياً لعدم معرفتنا بالتعامل السليم مع هذا الانفتاح، حيث إننا لم نتعامل معه بالشكل السليم، بل إن الطامة الكبرى أننا تعاملنا معه وكأنه واقع مفروض غير قابل للترشيد والانضباط، وهذا خلل فكري خطير تعاني منه الأجهزة الأمنية والاجتماعية، بل السياسية، فليس من المعقول أن مثل هذا الأمر لا يستحق الدراسة المتعمقة والسريعة في نفس الوقت لنخرج برؤى تعيد هؤلاء الشباب إلى جادة الصواب دون كبت أو تحجيم للحرية، فمن المعلوم أن الظلم مهما كان بسيطاً لا يصلح المجتمع أبداً، وأنا معاذ الله أن أنادي بظلم شبابنا وكبت حرياتهم، وإنما أنادي بترشيد تصرفاتهم وأن تكون ضمن إطار أخلاق مجتمعنا المسلم، أنادي بمنح الشباب المزيد من الحريات المنضبطة التي تمنحهم مساحة من الإبداع في النقاش والنقد والتحاور دون المساس بما يمكن أن يطلق عليه تطاولاً على أي قامة من قامات هذا الوطن وهذه الأمة، لا أعتقد أن النقد البناء مربوطاً بالقذف أو الاستنقاص أو السخرية، بل إن الحقيقة تقول إن أي ناقد نال من ثوابت الأمة أو سخر من قاماتها المعتبرة لا يعتبر ناقداً، بل يعد حاقداً مريداً لفتنة وفساد كبير.

إننا نعيش في عالم متغيِّر ومتواصل بشكل يتطلب أن يكون تعاملنا آنياً وسريعاً ومتناغماً مع هذه السرعة التي باتت هي السمة لكل حياتنا إلا مع حل المشكلات فإننا نعيش في تباطؤ كبير ولافت وهذا بالطبع يؤثّر تأثيراً كبيراً على كافة مناحي حياتنا.

أختم هذه المقالة برجاء لكل مؤسساتنا الأمنية والاجتماعية والفكرية بالمسارعة في معالجة هذه المشكلة فكرياً، وكذلك سن القوانين التي تجعل الجميع يعرف ما له وما عليه دون تخبط ودون تنازل من طرف لصالح طرف آخر، فالمسألة كبيرة ولا تقبل التسويف أو التأخير، حتى لا تحصل نكسة أخرى لشبابنا، أطالب بالتواصل مع الشباب فكرياً من خلال المشاريع الفكرية والثقافية المنضبطة بالضوابط الشرعية، فقد أثبتت التجارب أن أي مشروع ثقافي أو فكري لا ينضبط بالضوابط الشرعية نتائجه لا تكون في صالح هذا الوطن ولا المواطن وشواهد ذلك كثيرة، والشباب الباحث عن الحرية غالباً لا يبحث عن أكثر من أن يسمع رأيه ويشرك في النقاش, وهم بالطبع (أعني الشباب) ثروة لا يُستهان بها ويجب علينا وجوباً قراءة ما بين سطورهم وتحقيق طموحاتهم الهادفة.

الشباب طامح لا طامع وفرق بين هذه وتلك، كما هو الفرق بين الحرية والانفلات, فعلينا التعامل معهم من هذا المنطلق, أعني منطلق الطموح لأن يكونوا من أفضل إن لم يكن أفضل شباب العالم، فيكفي أنهم شباب (محمد) صلى الله عليه وسلم، وهذه الكلمة فقط ستحولهم من مسار إلى مسار والله المستعان,,,

almajd858@hotmail.com
تويتر: @almajed118
 

حريات الشباب.. انفلات أم طموح؟
إبراهيم بن سعد الماجد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة