ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Tuesday 24/04/2012/2012 Issue 14453

 14453 الثلاثاء 03 جمادى الآخرة 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

الثقافة ليست محض تراكم كمي لمنجزات أدبية وفنية وفكرية وحسب، والمثقف ليس شخصاً نرجسياً حالماً يحيا في فضاءات ميتافيزيقية خارج منظومة الواقع المحسوس، أبداً فمن يعرف أصول الثقافة يعرف حقيقة المثقف، إنّ

الثقافة أسلوب حياة ودليل عمل وسلوك متحضّر، في مجتمعمتطور، والمثقف هو العقل التنويري الذي يمثّل البوصلة الإرشادية للمجتمع، لهذا لا يصح أن يبقى هذا العقل في منأى عن المساهمة الفعلية في إدارة الحياة وتوجيه سلوكيات الناس الوجهة الصحيحة السليمة، إن الثقافة بوصفها من الفواعل الرئيسة في إحداث التغيير المصاحب لعملية التحول الأنيق، لا يمكن لها أن تفعل فعلها المؤثّر من دون حراك ناشط يديمه المثقف بوعيه ومنجزه وخلقه ومبادئه وإرادته ومواقفه النبيلة وحسه الوطني، ومن دون أداء هذا الدور، سيبقى المثقف على هامش الحياة إن حضر لا يعد وإن غاب لا يفتقد، وإلا كيف يستدل على صوت المثقف في زحمة اختلاط الأصوات؟! لا أحسب أن الانغلاق على الذات، أو اللا مبالاة والاتكاء في الزوايا البعيدة سيغفر للمثقف، لأن انزواء المثقف الحقيقي وليس المثقف الملفق سيفتح كوة يمرق من خلالها الأدعياء والإمّعات أشباه المثقفين، وحينها ستحصل التناقضات والمفارقات والاختراقات من جراء انسحابهم وصمتهم، إن عدم تبوء الكثير منهم مشهد الحضور سينعكس ذلك على المشهد الثقافي فتحل الفوضى ويأتي التخبط وينبعث الرماد, لقد لعب الكثير من المثقفين أدواراً مشرّفة في تطوير المجتمع وتأهيله وتنويره، حتى إن بعض أعمالهم الأدبية أصبحت حاضره لا تنسى ترددها حناجر الناس، إنّ أخطر ما يواجه المثقف هو الشعور باليأس والإحباط أو غض الطرف عن حالات التداعي التي تنتاب المجتمع، فالمجتمع يعوّل على المثقفين وليس على الجهلة، لأن المثقفين أكثر الناس وعياً وإحساساً وتأويلاً، إنّ المثقف يمثّل أقصى درجات الوعي ولا قيمة للوعي من دون تفعيل، إن الثقافة تمثل الصورة الجميلة، الواعية، الشفافة للمجتمع، ولذلك، لا يصح أن تشوّه تلك الصورة، فتبدو قبيحة بفعل السلوكيات القبيحة التي تغذيها الأنانيات الفجّة والأفكار المتطرفة والضغائن المقيتة والأعراف المتخلفة. على وفق هذا التصور، تتضح مسؤولية المثقف بأبهى صورها الناصعة ودوره المبين في تصعيد سلالم الوعي ومجابهة بؤر الفساد ومواضع التخلف والارتدادات من أجل تأكيد سلطته وهوية مجتمعه، فالثقافة سلطة والمثقف يمتلك قضية عادلة لكنها تحتاج إلى محامين عادلين يدافعون عنها أشد المدافعة، إن المثقف ليس مسئولاً عن نفسه فحسب، بل مسئول عن الآخرين أيضاً، إن المثقف الذي يؤثّر في المجتمع ويترك صداه مدوياً في ذاكرة الأجيال، هو الذي ينتمي إلى الجمال ولتسامح والفكر التنويري والمجتمع الحي النابض العامل المكافح المبدع، إن المثقفين هم من يصوغون هوية الأمة وخصوصية المجتمع عبر ما ينتجون من إبداعات تؤسس التاريخ الثقافي الذي يعد الظهير الحضاري للأمة، إن الأمة التي تفتقر إلى الثقافة تكون خاملة، تسير كما الزواحف، ولا تقوى على الإمساك بمقومات الوجود الحضاري للأمم، فتغدو على هامش الأمم المتحضرة، إن المثقف في أبهى صوره هو الذي يمثّل إرادة الأمة التي لا تقهر، والرصيد الفكري والأخلاقي الذي يقاوم صدأ الأرواح الميتة وتآكل النفوس المريضة، إن الحاجة ملحة إلى العقول التنويرية الرصينة العاقلة التي تأخذ على عاتقها مهمة تبصير الناس بحقائق الأمور وإرشاد المضللين، ومناهضة قوى الظلام والتخلف وأصحاب الارتكازات الذاتية والفئوية والمتخاذلين والنافخين بالكير.

ramadanalanezi@hotmail.com
 

الثقافة أسلوب حياة ودليل عمل!
رمضان جريدي العنزي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة