ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Thursday 26/04/2012/2012 Issue 14455

 14455 الخميس 05 جمادى الآخرة 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

حزنت حين شُنق الرئيس العراقـي المعروف صــدام حسين - رحمنا الله وإياه - صبيحة يوم عيد الأضحى المبارك (العاشر من ذي الحجة عام 1427 للهجرة 30 -12 - 2006 م)، ولم يكن حزني حباً للعهد البعثي المنصرم بقدر ما كان خوفاً من قادم الأيام وتوجُّساً من اختيار زمان الشنق ومكانه من قِبل الأمريكان!!، وكأن القتلة الذين أعدموه بهذه الطريقة وفي يوم عيدنا يقولون بلسان الحال والمقال: “هذه بتلك” فها نحن نُضحِّي بهذا الرمز كما ضُحِّي بالخُراساني المعروف “الجعد بن دراهم”، حيث تذكر كتب التاريخ أن هشام بن عبد الملك حين استلم الحكم في دمشق عام 105 هـ724 م عيَّن خالد بن عبد الله القسري والياً على الكوفة، فقبض على ابن درهم هذا جراء قوله بخلق القرآن ونفيه صفات الرب عز وجل، وفي أول يوم من أيام عيد الأضحى من ذلك العام قال خالد القسري وهو يخطب خطبة العيد: (أيها الناس ضحُّوا تقبَّل الله ضحاياكم، فإني مُضحٍّ بالجعد بن درهم؛ إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً، ولم يُكلم موسى تكليماً.. - وتعالى الله - عما يقول الجعد بن درهم علواً كبيراً) ثم نزل من منبره فذبحه.. وقد لاقى خبر قتله - كما يقول المؤرخون - استحساناً من العامة ومن علماء السنّة بخاصة، وعلى رأسهم الحسن البصري المُتوفى 110 هـ.. عموماً مرّت الأيام ومضت السنون تلو السنين وها نحن نقف على مشهد جديد وخطير يُؤذن بشرر كالقصر وهو ما كنت أتخوَّف ويتخوَّف منه غيري كثير، ألا وهو ما نشرته الصحف وتناقلته وسائل الإعلام من أن العراق بحاجة إلى إعادة بناء خمسة آلاف مدرسة وأن المالكي منح إيران فرصة المساهمة في تحقيق هذا الحلم الواعد للشعب العراقي الحزين!!

إن التعليم هو الباب الأخطر للتغيير الكامل في الشخصية العراقية خصوصاً عندما يبدأ في اجتثاث المسلَّمات من الجذور ومن ثم إعادة بناء القناعات في الصغر، ومتى سُلبت الهوية العربية من عقول وقلوب صغار أرض الرافدين عن طريق وسائل التنشئة المختلفة خاصة المدارس ومن خلال المناهج وعلى أيدي المعلم فقُل على عراقنا السلام!! أيها الشعب العربي الوفي.. “نحن أحق بالعراق منهم”، وتشييد دور العلم وترميم وإعادة تأهيل المدارس والمعاهد والمكتبات ومراكز الأبحاث أهم وأنفع وأقوى أثراً من تعبيد الطرق وبناء الجسور والدُور، والملاحظ أن بناء المدارس ودعم الجامعات وتأسيس المكتبات ومراكز الأبحاث والمختبرات العلمية في كثير من بلاد المسلمين خصوصاً شرق آسيا، وعلى وجه الخصوص في إندونيسيا وماليزيا والفلبين نهج إيراني خطير شاهدته كما شاهده وشهدَ به غيري كثير وللأسف الشديد ونحن في هذا مقصرون بشكل كبير!!، ولك أن تتصوَّر ما بعد ذلك من تأثير مباشر على عقول الطلاب والطالبات سواء من خلال التدخل في ترشيح من يرون لإدارة الجامعة أو الأساتذة الزائرين أو الكتب التي تُوضع على أرفف المكتبة المركزية أو الأنشطة الطلابية التي تُقر أو المحاضرات والندوات التي تُقام أو... هذا والشريحة المستهدفة في المرحلة الجامعية والدراسات العليا بلغت مبالغ الرجال ونضجت واستقام تفكيرها غالباً فكيف حين تُوجه الجهود وتُبذل الأموال من أجل بناء مدارس الصغار وبهذه الضخامة وفي مرحلة تاريخية صعبة وفي ظل ظروف عراقية أقل ما يُقال عنها إنها مأساوية بامتياز. إننا مدعوون كل منا حسب مكانته وقدراته وجاهه لنصرة إخواننا وحماية عقول أبنائهم والحفاظ على هويتهم من الذوبان والتاريخ لا يرحم والأيام حُبلى والفرصة لا تمر من هنا مرتين. أعترف للقارئ الكريم أنني لا أعرف ما هي الملابسات السياسية بكل مضامينها ولا حتى الأبعاد الدولية المحيطة والمؤثرة على المرحلة التي تمر بها المنطقة والتي تقف خلف مثل هذه التوجُّه الذي سيؤثر على جيل العراق القادم، ولا المعطيات التي هي على أرض الواقع هناك بكل تفاصيلها، ولا يمكن لمثلي أن يدرك معالم اللعبة الدولية ويمسك بخيوطها العنكبوتية، ولكنني هنا - ومن باب الشعور بالمسئولية الملقاة على عواتقنا أمام الله أولاً ثم أمام إخواننا الذين تجمعنا معهم وشائج العقيدة واللغة والتاريخ المشترك والمصالح المتبادلة والمستقبل الواحد ثم أمام أنفسنا والأجال القادمة منا - أهيب بنا في بذل ما نستطيع حماية وحفظاً للعقل العراقي من الضياع والاختطاف والواجب علينا بذل الأسباب والنتائج والعواقب بيد الله ولكن القاعدة الربانية الخالدة: (... والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً)، دمتم بخير ودام الطفل العراقي بأمن وأمـان وسلامة وإسلام.. وإلى لقاء والسلام.

 

الحبر الأخضر
اختطاف العقل العربي العراقي الصغير
د.عثمان بن صالح العامر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة