ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Thursday 26/04/2012/2012 Issue 14455

 14455 الخميس 05 جمادى الآخرة 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

مبروك، باللغة العربية قالها موظف السفارة الأمريكية الذي أجرى لقاءً مع فتى من أسرتي ينهي إجراءاته للسفر إلى هناك للدراسة، هكذا (مبروك) ولم يقل له أهلاً وسهلاً أو نحييك في بلادنا، وهي من حيث الظاهر مجاملة لطيفة بلغة الشاب، غير أن في الباطن ملامح من الكبرياء الأمريكية المكتسبة لدى أولئك القوم بعلمهم وتقدمهم وقوتهم الاقتصادية التي بمجملها ولدت عناصر قوة مهيمنة في غالب الأحوال، وهذه المقومات أشبعت نفوسهم بالثقة والعنفوان والشعور بغياب المنافس (المهدد بالخطر) من دول وشعوب أخرى، هذه النفوس المتخمة بالثقة وإن شئت فقل الكبرياء لم ترض أن تنزل درجة واحدة لترحب بالقادم إليها كطالب أو سائح، بل إنها تقدم له التهاني بأن استطاع الحصول على تأشيرة دخول البلاد، فهي مقصد الجميع وأمنية المتمني طالب العلم الحديث أن يرى بلادًا تعطي الإنسان (في الداخل) قيمته ويجد فيها ما يأمل من صنوف وفنون العلم والآداب، وكل له توجهه ومذاقه، وهذا مصدر ارتياح لمواطني الولايات المتحدة وثقتهم بأنفسهم وعلو شأنهم، ويبرز فرق الحالة حين نقارن موقف المسافر إلى بلاد لم تبلغ هذا المبلغ من التقدم فانك ربما لا تجد حتى كلمة الترحيب بالقدوم لأن أهل البلد يمنون أنفسهم برحلات إن لم تكن لفتح آفاق جديدة في العلم فللاستجمام والتنفيس عن القلوب المرهقة بهم العيش.

ومن مطالعات الطفولة كنت قد قرأت أن قدماء أهل تلك البلاد الغربية كانوا إذا سمعوا من ينطق بكلمات عربية ينظرون إليه بعين الإعجاب والغبطة ويصفونه بالمتعلم المتنور وذاك حين كانت الأمة الإسلامية العربية في قمة مجدها وساطع علمها وعز شأنها، حينما كانت تنشر كل هذه القيم وتمنحها لتلك الأمم وكانت محل إعجاب وتقدير العالم كله الذي كان يهابهم مهابة احترام وتقدير لا يخشى معها ظلماً من العرب المسلمين الذين قدموا المثل العليا بالعدل والسلام،هكذا يداول الله سبحانه الأمور بين الناس ويحثهم (بل يأمرهم) بالتبصر والتفكر واكتساب المعارف والعلوم وسؤال أهل العلم وأرباب الفكر وموهوبي الحكمة وعدم الاعتداد الكاذب بالنفس والارتكان إلى المبادئ والسطور الأولى من كل علم دون التبحر والاستقصاء المفضي إلى الفهم السليم الذي يرتقي بالأمم إلى مواقع القيادة، وحين تتكاسل أي أمة عن صيانة أمجادها ومكتسباتها وارثها العلمي والثقافي فلا ينبغي لها أن تلوم الآخرين إن هم واصلوا السير مستنيرين بعلم أمة تخلّت عن إنجازها العلمي وتركته لمن يقدره وينميه ويستثمره ثم يسوّقه لها لتتحول إلى مستجدية لمن يعيد لها بصيصاً من علومها، حتى إن واحدهم يبارك لواحد منّا حصوله على إذن بالتوجه إليهم لاستعادة حروف من إرث أجداده وبأغلى الأثمان من مال وغربة ووعثاء أسفار وعيون ترقبه وترميه بسهام التهم والشكوك في توجهاته وميوله ونواياه، فمن بدل تلك النظرة النقية التي كان أجداد هؤلاء ينظرون بها إلى أجدادنا ؟ لابد أن الزمن قد حمل معه صوراً مغايرة فصورة الأحفاد للأحفاد كانت غير صورة الأجداد للأجداد، وبعد إن كان من أمرنا وأمرهم ما كان فهل نسعى لتنقية الصورة بكل أبعادها؟

 

مبروك.. إلى أمريكا
علي الخزيم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة