ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Sunday 29/04/2012/2012 Issue 14458

 14458 الأحد 08 جمادى الآخرة 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

كان لب سؤال الأمن في السابق يتمحور في القوة العسكرية حيث تعني احتماليات الهجوم من الخارج والدفاع عن المال والعرض والأرض ضرورة الاستعداد لمجابهة أي اعتداء غادر غير متوقع، خاصة لمن هم مثل أحفاد سكان الصحارى تتضمن ذاكرتهم التراكمية وأسلوب حياتهم توقع الغزو المفاجئ من خارج القبيلة. كذلك من كانوا فريسة للاستعمار التوسعي لم ينسوا بعد ميراث فقدان الاستقلالية وذوبان الجيرة المحلية تدريجيا في براثن ثقافة إمبراطورية أكبر غالبا تترك للتابعين دور خدمة المستعمرين.

أما الآن, فمع مستجدات التاريخ الحديث, منذ إعادة تقنين الاستعمار كاستيطان, وتراجعه عن شراسة أسلوب الاحتلال المباشر وتسخير السكان الأصليين لخدمة التسلط المستجد ليدوم، ثم مؤخرا صعوبة الرقابة المركزية, وسهولة التواصل العام, الذي قد يشمل التحفيز لكسر السلطة القائمة والقيام بـ»الانقلابات», أصبح الأمن سؤالا عن استقرار ومتانة الانتماء الداخلي.

الخوف من الفوضى جذري في محاولات تثبيت الأمن لأن فوضى الانفلات المجتمعي تسبق الانفلات الأمني وتسبب ضعف أجهزة الأمن عن فرض القانون ومعاقبة المتجاوزين.

ما زال الكثيرون، في كل بقاع العالم التي عرف تاريخها الاستعمار الخارجي, مبرمجين عبر ذاكرة تجذرت في وجدان المجموع تجعلهم يفكرون بعقلية ترى رغبة الآخرين من الخارج في احتلالهم تتربص بهم؛ أو حتى فئوياً من الداخل مما يسبب تفتت الشعور بالانتماء العام وألماً في حماه. وفي بعض الحالات يعكس هذا التوقع حقيقة الوضع القائم خاصة حين هناك نزاعات وتصدع أساسها رغبة السيطرة على موقع إملاء الرغبات والتحكم في الناس والموارد المحدودة. إلا أن مثل هذا التفكير يهمش من حقيقة أخرى هي أن الفكر العام عالميا تحول من موقف تقبل ما تمليه على المجموع التفضيلات المملاة من الطبقة المسيطرة دون تخيير, إلى موقفٍ لا يخون فيه نفسه عند الجرأة على مقارنة أوضاعه تحت هذه التفضيلات بما يمكن أن تكون عليه أوضاعه لو كان له أن يعدّل في الممارسات السائدة التي تحكمه.

من هنا أصبح فكر المؤامرة وبث التفسيرات لتأطير ما يجري لا ينحصر فقط في توقع عدو خارجي يتربص بالقبيلة كما كان في أسطورة زرقاء اليمامة بين طسم وجديس، بل أمسى الآن ممتدا بجذور الخوف إلى الداخل حيث جزء من المعادلة أن تشمل تربص متآمرين متخفين يسميهم البعض «طابور خامس» أو يصمهم «خونة» في حين يمجدهم آخرون «مناضلين» و»محررين» مبجلين.

وبين هذا الإطار وذاك تظل الحقائق الفعلية مغبشة وملوثة بالـ»إثباتات» التي تأتي غالبا منتقاة إلى حد فبركتها إن لم توجد حقيقة. وقد أصبحت منتجاتها المرئية المسموعة والمتناقلة بحذافيرها المصنوعة في زمن براعة التقنيات قادرة جدا على إقناع حتى المشككين والمصرين على الحقيقة غير المنحازة أو المبهرة.

ومن هنا, في أجواء الغبار المادي والمعنوي عبر عالمنا العربي الذي تعيث بخارطة استقراره عواصف «ربيع» يتوجس نتائجها الجميع, يظل «الأمن» هو أهم ما يشغل بال هذا الجميع؛ المسؤول والمواطن, المثقف والإصلاحي والتنويري والحزبي الصحوي والإخواني ورجل الشارع العام واللامنتمي. سواء جاء السؤال في صيغة كيف نحتفظ بأمن النظام القائم أو كيف نطيح بأمن النظام غير المرغوب في استمراره.

سؤال الأمن يتبع سؤال «لمن الانتماء؟». هل القبلية تعارض المواطنة؟ هل التوجه الفكري يميز انتماء الفئات؟ هل الانتماء الاثني وتعدد الفئات ينخر في وحدة الكيانات المستجدة بعد الحرب العالمية وتراجع الاستعمار الغربي؟

أسئلة ما زالت تنتظر إرهاصات إجابات ومؤشرات توضح المستقبل.

 

حوار حضاري
لمن الانتماء؟
د.ثريا العريض

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة