ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Tuesday 01/05/2012/2012 Issue 14460

 14460 الثلاثاء 10 جمادى الآخرة 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

الفن شيء والسياسة شيء آخر، كلاهما منطقة مستقلة، وكلاهما يملك أدواته الخاصة التي تكفيه عن الاستعانة بالآخر, فلا السياسة فن، ولا الفن سياسة، ومن يخلط بينهما يفقد الاثنتين.

عندما يقدم (المنتج) فيلما عن شخصية سياسية معروفة، فإنه بذلك يكون قد خلط بين (الفن والسياسة) وأصبح الفيلم (فيلما موجها) وحتما سيسقط، لسببين يتعلقان بطبيعة الفن والسياسة ذاتهما: الفن مادة غير موجهة وشخصياتها الدرامية تتكلم بلسان حالها وليس بلسان الكاتب أو المخرج أو المنتج، أما السياسة فهي مادة موجهة عن قصد وإصرار وترصد تتحدث بلسان الموجهين لها.

الفيلم السياسي فيلم موجه بالضرورة، وهذا أول سقوط له فنيا، والفيلم السياسي فيلم يقول ما يريده الكاتب وليس ما تريده الشخصية الدرامية وفقا لنظرية أرسطو (الضرورة والاحتمال) = التي تتحدث حسب الموقف الدرامي الذي يمر بها.

الفيلم السياسي مدعوم -عادة- من جهات خارجية لأهداف مقصودة بعينها، لإسقاط هدف معين أو لإعلاء هدف معين، وهذا ما يجعل الثقة بالفيلم السياسي منزوعة بالكامل، والفيلم السياسي يعجب به الجماعة المنتجة له، ويرفضه الجماعة المستهدفة به سلبا.

الفن والسياسة زواج ظالم، يبقى فيه الفن ضعيف الشخصية لا حول له ولا قوة، فالسياسي إذا دخل منطقة الفن أفسدها وحولها إلى منطقة مناورات وألاعيب وتصاريح مراوغة.

الفن ولد ليكون مستقلا، ليكون حالة جمالية، ليغسل الناس من الضغوط الحياتية ويعيد لهم رونقهم، ويجعلهم أكثر تفاؤلا بالحياة، يريهم الوجود شكلا جميلا ومنطقة غنية بالجمال والحب والسلام، وهو معنى الوجود ورقي الإنسان.

الفن بالضرورة يجعلك إنسانا راقيا تتحسس بروحك معنى الإنسان الآخر الذي يقابلك، معناه كإنسان مختلف عن باقي المخلوقات لا يشبه البهائم في شيء، باعتباره له منتجا فنيا لا يجاريه فيه خلق آخر (لوحة تشكيلية, نص مسرحي، صورة بصرية مسرحية، صورة فوتوغرافية، مادة نحتية، جملة موسيقية, مقطوعة شعرية، صوت ندي، تصميم إبداعي، لغة جسد مدهشة... إلخ).

مثل هذه الولادات الإبداعية التي تسعى إلى (تطهير) الجسد من ضغوطه والارتقاء به باتجاه لحظات صفاء حسب نظرية أرسطو، هي التي تصنع (الفرق) بين الفيلم السياسي والفيلم القائم على أسس فنية صرفة ما يجعل الإنسان في كلا المنطقتين مختلفا عن الآخر.

nlp1975@gmail.com
 

الحقيقة شمس
الفن والسياسة
رجاء العتيبي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة