ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Wednesday 02/05/2012/2012 Issue 14461

 14461 الاربعاء 11 جمادى الآخرة 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

جملة من الأحاسيس الممتزجة بالغضب تجتاحني كلما استمعت لقصة درامية، تحمل في طياتها تفصيل خيانة زوجية، والأبطال كالعادة في تلك القصص هم الرجال؛ فالتلاعب والغدر في قواميس البعض منهم لا يشكِّل عيباً يتنافى مع الرجولة، والسلاح دائماً مشحون وجاهز للتبرير، إنهم رجال، ولهم مطلق الحرية في التغيير والتبديل؛ فهو حق شرعي لهم - كما يقولون - يحرصون كل الحرص على الاستمتاع به، وكأن مسألة الزواج تلك تتعلق بالرجال فقط، وتدور على الدوام حول إسعادهم. التمسك بالعقيدة وتعاليم الشريعة مسألة لا نقاش فيها، لكن الاستناد إلى ما يخدم قضايا فردية ومصالح شخصية من تعاليم الدين مسألة فيها نظر، لا أريد أن أفتي بأمور لا خبرة لي فيها؛ فلست بموقع يؤهلني بالفتوى، ولا حتى إبداء الرأي، إنما يتراءى لي أن مسألة الزواج تلك تستحق منا وقفة جادة للوقوف عندها؛ فالزواج في منظور معظم الرجال، وبالأخص السعوديون، مسألة فصِّلت لأجلهم، والنساء لا يتعدين كونهن متعاً دنيوية خُلقت لإسعادهم؛ فهم القادرون على إدخال البهجة لحياة امرأة، وهم القادرون لجرها نحو الاكتئاب سعياً باتجاه الأخرى؛ فالتهميش وامتهان الحقوق الزوجية للزوجة الأولى صورة نمطية تتواكب مع كل تغيير يمارسه الرجل، والانسحاب من مسؤوليات الأسرة ومتابعة الأبناء أمر لا حياد عنه عند كل من يفكرون بالتعدد، إنه الظلم بعينه يتراءى في صور عديدة بين هؤلاء المتشدقين بحقوقهم، فاشتراط العدل جزءٌ لا يتجزأ من إباحية التعدد، لكن التاريخ يشهد بأن معظم الزواجات المتعددة في هذا العصر تنطلق غالباً مع شرارات الخيانة، ثم يأتي صخب الغضب الرجولي الذي ينكر أن يدان، إنه الصخب الأقدر على طمر الحقائق، والنتيجة واحدة في كل مرة، رجل يهرب من أخطائه وعيوبه باتجاه امرأة أخرى أو نساء أخريات، والتهاني تنهال عليه من كل صوب كمن أنقذ بزواجاته العالم، إنه مجتمع رجولي يتعاضد مع رجاله، والحقيقة التي يتغاضون عن سماعها أو حتى الخوض فيها أن أي امرأة كانت لا ترى الرجولة خارج حدود الالتزام الفردي بين رجل وامرأة، وعلى الأرجح أن معظم النساء - وأؤكد على كلمة معظم - يرين أن ذاك الحق لا يمكن أن يكون مفتوحاً بلا ضوابط لكل من عشق التغيير؛ فالنتيجة حتمية وإن أنكر الرجال، انكسارات أسرية، وتمزقات في الروابط الاجتماعية، فاذا كان الشرع قد شرط العدل أساساً لإباحية التعدد فمن الذي يقرر ذاك العدل؟

وهل من رقيب على هؤلاء المعددين؟ ثم كيف يباح التعدد للرجال إن كان شرط العدل منتفياً مسبقاً، وهو ظالم لأهل بيته؟ الحقيقة أن الجواب تجدونه جاهزاً دائماً عند الرجال، زواج ذاك الرجل بالأخرى صحيحٌ وإن كان هو إثم. يا سلام.. فقط؟!!! وماذا عن حقوق الزوجة الأولى التي انتُهكت؟ الجواب أيضاً ستجدونه جاهزاً عند هؤلاء: تصبري واحتسبي وادعي له بالتوفيق، وإن كان عندك أبناء فابقي لتربية أبنائك.

يا لهم من رجال أنانيين، أبتلك البساطة تتصبر المرأة وتلغي حقوقها الإنسانية؟

الحقيقة أيها الرجال أن نسب الطلاق التي تتأرجح الآن في التعددات القائمة في مجتمعنا لا تنم عن خير أبداً؛ فهي ليست مؤشراً لتمرد النساء وعصيانهن كما يفسِّر البعض عند الرغبة بتحويلهن إلى زوجة ثانية، بل هي دلالة حقيقية على هزائم تحدث في العلاقات الزوجية، يبدؤوها الرجال باستغلال حجج شرعية كلما لاحت بأفقهم علاقة عاطفية جديدة، يطوقون من خلال ذاك الحق عنق المرأة بكل إحكام، حتى يدفعوا بها للهروب من بيتها؛ لتخلو الساحة من جديد أمام (سي السيد)؛ كي يردد بكل فخر أمام الجميع “أنا رجل ومن حقي الزواج بمثنى وثلاث ورباع”.

salkhashrami@yahoo.com
 

مثنى وثلاث ورباع.. ولكن
د. سحر أحمد الخشرمي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة