ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Thursday 03/05/2012/2012 Issue 14462

 14462 الخميس 12 جمادى الآخرة 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

متابعة

 

أشجان بعد فقد النقيب فيصل بن حقان (رحمه الله)
سعد بن عباد العتيبي*

رجوع

 

في هذه الحياة نلتقي بأعداد غفيرة من الناس خلال حقب زمنية متفاوتة وفي أماكن متغايرة وفي ظروف متباينة ومنهم من لا تلقاه إلا مرة واحدة وبها ينتهي اللقاء وتطوي صفحة لقائه لأي سبب كان. ومنهم من تلقاه ويتكرر اللقاء به ثم تنقطع عنه أو ينقطع عنك، أو كلا الأمرين مجتمعين.

ومنهم من تلقاه وتسر بلقائه زمناً طويلاً حتى لا يفترق لقاؤكما إلا بموت أحدكما، ومن النوع الأخير معرفتي ولقائي بأخي وصديقي الحبيب النقيب فيصل بن راشد بن حقان الدوسري المتوفى يوم الثلاثاء 6-4-1433هـ ولقائي به ومعرفتي له مختلفة تماماً عن كثير من الصداقات واللقاءات والمعارف والعلاقات الاجتماعية فقد عرفته رحمه الله في الأعوام 1414 - 1415 - 1416هـ حين درسته في إحدى ثانويات مدينة الرياض في هذه الأعوام الثلاثة، وكان حينها طالباً مميزاً في أدبه وعلمه حتى في ألفاظه وحديثه حين تتحدث معه مع صغر سنه -رحمه الله-.. ثم استمرت العلاقة معه بعد تخرجه من المدرسة وانتقالي منها لموقع آخر.. وكنت ألتقي به على مدى سنوات دراسته العسكرية بين وقت وآخر وحين تخرج أقام إخوته الكرام مأدبة كبيرة بمناسبة تخرجه وكنت أحد المدعوين لهذه المناسبة، ودعي بعض أساتذته في كلية الملك خالد العسكرية، وكانوا في هذا الحفل يثنون عليه أي أساتذة الكلية في علمه وجده وأدبه وحسن سلوكه وحسن سيرته بين زملائه في الكلية، فكانت هي صفاته التي أعرفها عنه سابقاً، ثم استمرت العلاقة به على مدى هذه السنوات فأصبح الطالب صديقاً حميماً وخلاً وفياً، ومع هذا كان يحفظ التقدير وحسن الأدب واختيار العبارات الراقية في الخطاب والحديث والحوار مع شخصي المتواضع.

ولم تنقطع هذه العلاقة ولا أستطيع الإحاطة بأحداث تسعة عشر عاماً في مقال، وكان آخر لقاء التقيته فيه ليلة الأربعاء 30-3-1433هـ أي قبل حادثة وفاته رحمه الله بأسبوع واحد فقط، حيث كنت وإياه في زيارة لأحد أصدقائنا الكرام وذهبنا معاً بسيارته وأوصلني إلى منزلي قريب الساعة الحادية عشرة ليلاً وودعته وحين فارقته لا أعرف لماذا إلا أني حينها كنت مشتاقاً للقائه ثانية فسبحان الله.

القارئ الكريم

الذي أريد أن أصل إليه في هذا المقال هو ما يلي:

أولاً: أرجو أن يكون الأخ فيصل -رحمه الله- ممن ينطبق عليه قوله صلى الله عليه وسلم (شاب نشأ في عبادة الله) فمنذ عرفته في صغره وهو من أهل الطاعة والصلاة والحمد لله.

ثانياً: أسأل الله أن يصدق عليه قوله صلى الله عليه وسلم (أنتم شهداء الله في أرضه) فأكثر من حضر جنازته على اختلاف أعمارهم يدعون له كثيراً ويثنون عليه كثيراً، فمن استطاع أن يستكثر من الشهداء له بالخير في هذه الحياة فليفعل.

ثالثاً: رأيت بعد دفنه مشهداً عجيباً فقد توالى كثير ممن حضروا دفنه يدعون له بالثبات والمغفرة ودخول الجنة والنجاة من النار -أسأل الله أن يقبل دعاءهم- ولم ينقطع توالي الداعين له -رحمه الله وجزاهم خيراً- إلى قبيل مغيب الشمس بدقائق يسيرة جداً، وهذا -والله أعلم- حصل لما عرف عنه من حسن السيرة وجميل الصفات وإحسانه لمن يتعامل معهم قولاً وعملاً، وكم نحتاج إلى مثل هذه الصفات في حياتنا وتعاملنا مع من حولنا.

رابعاً: على مدى تسعة عشر عاماً عرفت فيها الأخ فيصل -رحمه الله- وليس هذا مبالغة البتة لم أتذكر مرة من المرات أن سمعت منه كلمة نابية أو إساءة لأحد حاضراً أو غائباً، فقد كان رحمه الله صديقاً صادقاً مع جميع معارفه وأحبابه، فأعظم بعفة اللسان من خصلة.

خامساً: كان حريصاً على العلم ونقله وسماعه والعمل به فبعد تخرجه من كلية الملك خالد العسكرية انتسب في كلية أصول الدين وتخرج فيها، وكان حريصاً على حضور مجالس العلماء والاستفادة وكان رحمه الله يكثر من نقل الفوائد العلمية مباشرة أو من خلال وسائل التقنية الحديثة.

سادساً: له إسهامات دعوية طيبة ومتعددة ومنها أنه أحد المشاركين الفاعلين هو وأهل بيته في برنامج الرياحين لتحفيظ القرآن الكريم للأطفال الصغار، وهو برنامج له شهرته وأثره.

سابعاً: كان حريصاً على نفع جلساته دائماً بفائدة أو شريط أو إشارة إلى موقع على الانترنت له ميزة وفائدة.

ثامناً: وقد كان حريصاً على تربية أبنائه وتهذيب سلوكهم وكان هذا أي تربية الأبناء موضع نقاش وحوار بيني وبينه كثيراً، في زمن تخلى كثير من الآباء عن واجباتهم في تربية أبنائهم وتركوهم فريسة سهلة لوسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت فأسأل الله أن يصلح له أولاده، ذكوراً وإناثاً وأن يبارك فيهم وأن يحقق له فيهم معنى قوله صلى الله عليه وسلم (ولد صالح يدعو له) وهم بإذن الله سائرون على ما سار عليه رحمه الله وأفضل، في ظل رعاية الله سبحانه وتعالى ثم رعاية أعمامهم الميامين الكرام الأفاضل.

تاسعاً: وكان رحمه الله تعالى من الأخفياء في بعض أعماله حتى أن بعضاً من أعماله لم أعرفها عنه إلا بعد وفاته، ولا يضر أحداً أن الناس لا يعرفون أعماله إذا قبلها الله، وهانحن في زمن يحرص البعض على الحديث عن ذواتهم في مناسبة أو دون مناسبة وقد يكون نصيب البعض -نسأل الله العافية- الحديث المجرد عن النفس وخلو ساحته من بعض الأعمال التي ينسبها إلى نفسه، والله المستعان.

عاشراً: وكل ما سبق من الحديث إنما هو بحسب ما ظهر وإلا فإن القلوب لعلام الغيوب سبحانه وتعالى.

وينتهي المقال ولا ينتهي مالأبي راشد -رحمه الله تعالى- من الذكرى العطرة والمشاعر المتجددة، فأسأل الله أن يغفر له وأن يدخله الجنة ويجيره من النار، وأسأله سبحانه الصبر والثبات وحسن العاقبة لأمه وزوجته وأولاده وإخوته الكرام وأن يجمعنا به أجمعين في جنات النعيم في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

آمين، آمين، آمين.

* مشرف تربوي بالإدارة العامة للتربية والتعليم بمنطقة الرياض

 

رجوع

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة