ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Friday 04/05/2012/2012 Issue 14463

 14463 الجمعة 13 جمادى الآخرة 1433 العدد

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

      

يتساءل عقلاء المسلمين: لِمَ لمْ يطل عهد الخلافة الراشدة، ولِمَ لمْ يتكرر؟ فكل النظريات الإنسانية الأيدلوجية قد تكون جميلة ومنطقية نظرياً كالشيوعية مثلاً ولكنها تفشل عند التطبيق. والإسلام ليس بنظرية، بل هو دين مُنزل من رب السموات والأرض. ولذا فلا يصلح أن نقول إن الخطأ في التطبيق، فهذه حجة علينا لا لنا. فهذا العذر هو حجة الشيوعيين والأصوليين الرأسماليين والأفلاطونيين، الذين يتعذرون عن فساد أيديولوجياتهم بأن الخطأ في التطبيق لا في الأيدلوجية نفسها. ومن المسلم له أنه إذا فشل التطبيق أو استحال فالنظرية باطلة.

والخلفاء الراشدون وقضاتهم وأمراؤهم لم يكونوا رجال دين، بل كانوا قادة ومفكرين مسلمين، فلم يكن هناك تخصص «شرعي». وشاهد ذلك أن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - نزل إلى السوق ليتكسب قوت يومه فصُرفت له نصف شاة ليتفرغ لإدارة أحوال المسلمين، لا للتخصص الشرعي. وكذا كان هو الحال مع خلفائه الراشدين وقضاتهم وأمرائهم الغر الميامين-، أجورهم لأعمالهم الإدارية لا لتخصصاتهم الشرعية.

والذي يظهر عند التأمل في والأحاديث والآثار التي يستشهد بها في الحث على طلب الفتوى، لا تجدها وردت إلا في صور استثنائية من أصل، فهي إما أن تكون حاجة طارئة أو خاصة، والحكم للغالب لا للطارئ. كحديث العسيف، فقد كانوا أعراباً رضي الله عنهم. والاستشهاد به يعني تنزيل مجمل المسلمين منزل الأعراب. أو مثلا حديث قتلوه قاتلهم الله، فهو على فرض صحته، فهو ضد التشدد والتنطع في الدين والنهي عن سؤال المتشددين، فلو أفتى المحتلم نفسه كما فعل عمرو بن العاص رضي الله عنه في موقعة ذات السلاسل لأصاب ولأضحك سن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدث مع ابن العاص. كما أن الحادثة كانت في وقت تنزل الوحي، ويتعلق بحديثي العهد في الإسلام، ومن الحالات الطارئة وكل ذلك استثناء لا أصل.

ومما حرف معناه وهو مشتهر على ألسن الناس الاستشهاد بقوله تعالى «فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون» وقد جاءت الآية في النحل وفي الأنبياء وكلاهما مكيتان، وفي كلا السورتين أجمع أصحاب التفاسير المدونة أن المقصود بأهل الذكر هم أهل العلم من اليهود والنصارى، أي فاسألوا أحبار اليهود والنصارى إن كنتم لا تعلمون. ومما استخدم في تحريف المعنى لصرفه إلى عموم المسلمين وجعله أصلا لا استثناء هو الاحتجاج بعموم اللفظ لا خصوص السبب. وهذا الاحتجاج صحيح بشروطه، وهو عندما يصبح المسلمون في حال من الجهل كجهل المشركين وهذه حال يجب أن لا يرتضيها المسلمون لهم. فكيف أصبحنا ندعو المسلمين ليبقوا في حال من الجهل كحال المشركين بعد أن بين الله لنا الدين وجعلنا على المحجة البيضاء وقال ممتنا علينا «اليوم أكملت لكم دينكم».

ولا يخفى على أحد، أن حال المسلمين في جهلهم هو أمر حادث منذ قرون عديدة تعود بداياتها إلى الأمويين، سواء بسبب الفتوحات أو السياسة أو الاستنفاع وحب الذات. ولكن المسكوت عنه أنه من المفترض أن تكون هذه الحال - من جهل عموم المسلمين - استثناء لا أصلاً، لأن هذه الحال هي - والله أعلم - سبب عدم تكرار حال الصدر الأول للإسلام. والحل يكمن في حركة تجديدية تكون امتداداً وإحياء لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب، فهو- رحمه الله - في كتيبات بسيطة قد بسَّط للناس فهم عقيدتهم وخلصها من تراكمات فلسفية ضخمة وخرافات عظيمة متأصلة كانت عند الناس بسبب اتباعهم في عقائدهم لعلمائهم، ثم اختصر منهج المسلم في اعتقاده بربه بـ(لا تجعل بينك وبين الله أحدا). وما فعله الشيخ أعظم وأصعب مما أدعو إليه اليوم. فلا بد من تجديد الفقه وتبسيطه بوضع أدوات منطقية لفهمه في كتيبات بسيطة لا تصعب على أحد -على مستوى كتاب التوحيد وكشف الشبهات-، ثم نختصر منهج المسلم في عبادته ومعاملاته بـ(لا تجعل في فقهك لدين الله بينك وبين الله أحدا).

hamzaalsalem@gmail.com
تويتر@hamzaalsalem
 

المسكوت عنه
فاسألوا أحبار اليهود والنصارى إن كنتم لا تعلمون
د. حمزة بن محمد السالم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة