ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Sunday 06/05/2012/2012 Issue 14465

 14465 الأحد 15 جمادى الآخرة 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

يوم صدرت التوجيهات من المقام السامي بتعديل مراتب الموظفين الذين تعينوا على وظائف ومراتب أقل من مؤهلاتهم، كان الاعتقاد الذي ساد الكثيرين هو أن جديتهم وصبرهم وقبولهم بأقل من المستحق قد أثمر وأن الخلل إن وجد لا يدوم ولا يستمر،

لكن ما إن دخلت هذه التوجيهات ماكينة التنفيذ حتى فرمته وشذبته في لجان بعد لجان بعد لجان حتى تلجن.

ويقال تلّجن الشيء بمعنى أخذوا الورق ودقّوه وخلطوه بالنوى حتى يصير لجناً لزجاً لتعلفه الإبل، هكذا وجدت تفسيره في اللغة العربية، وقد قال الشاعر:

وماءٍ قد وَرَدْتُ لوصْلِ أروى

عليه الطيرُ كالورق اللجين

واللُجيّن بالتصغير في معنى آخر يعني الفضّة، أقول ذلك حتى لا يغضبن حاملات هذا الاسم الجميل، وعلى كل حال، فبعد أن تلجن هذا الأمل الذي راود الكثيرين ممن قبل ورضي تحت وطأة الحاجة للتعيين والعمل في وظائف وأعمال أقل وبكثير من مؤهلاتهم وخبراتهم، وبعد أن صار مخلوطاً ومعروكاً بعبقرية وذهانة أعضاء اللجان، ربما تمنى الكثيرون لو بقوا يسبحون في تخوم الآمال والأحلام وفضلوه على مواجهة هذه الخلطات السحرية، لكن لا شيء متاح لهم اليوم عدا التظلم والتعلق بلعل وعسى وباقي أخواتها الخمسة، وقد حددت وزارة الخدمة المدنية مدة للتظلم ورفعها خلال شهرين ابتداء من 29-5 وحتى 29-7 من هذا العام الهجري، وكل ذلك مضافا له فترة دراسة اللجان التي امتدت من تاريخ صدور التوجيه قبل خمسة أشهر وإلى أن يرضخ المعنيون بالأمر لرأي اللجان وما (تلجنته) ويأكلوه أو يلوكوه (جهدا أو مقلباً) هنيئا مريئا، أو يتواكلوه بالصبر والدعاء والله غني حميد.

هذه اللجنة المنبثقة عن وزارة الخدمة المدنية والتي أنيط بها دراسة تعديل وتصحيح أوضاع من تعين في الجهاز الحكومي على وظائف ومراتب أقل من مؤهلاتهم وخبراتهم لإنصافهم ومنحهم استحقاقهم حسب سلم المراتب في الخدمة المدنية بناءً على التوجيه الصادر من المقام السامي، خرجت لنا بأعاجيب وغرائب في فن لك وعجن تفاصيل التفاصيل وشروح الشروح في ملحقات كل بند أُستند عليه في نظام الخدمة المدنية، حتى بدا وكأن هذا النظام الخاص بسلم المراتب والوظائف قد عد لكل شيء عدته منذ خمسين عاماً أو أكثر، فالشهادة الأكاديمية والتخصصية ربما حُسبت وعُدت ذات قيمة وجدوى في حالة ما وغير ذات قيمة أو جدوى في حالة أخرى، وكذلك الخبرات العملية فقد تحتسب في حال وتهمل في حال أخرى، العجب هنا أن كل هذا يتم وفقا للنظام، أي أنه نظام مرن لدرجة أنه قادر على الالتواء كالدائرة الحلزونية أو الاسترخاء والانفراج بمائة وثمانين درجة ليدور بك في متاهة لا نهاية لها أو يتحول حسب الرغبة من خانة (مع) إلى (ضد) دون أن تجد لك منفذا عليه، ولست اعرف هذا العبقري الذي صنع هذا النظام، فهو مبدع إلى درجة الإعجاز، وأولى به أن يندب إلى محمود عباس ليكون رئيس كبار المفاوضين مع الكيان الصهيوني، بل أني أشعر بالاعتزاز والفخر لوجود هذه العقول الفذّة في لجان وزارة الخدمة المدنية التي هرست النظم والإجراءات وعركتها ثم خلطتها بتفاصيل التفاصيل لتنزع الفرح والسرور من قلوب المنتظرين للعدل والإنصاف، بطريقة دقيقة حافظت وبشكل مثير وعبقري على بقاء الابتسامة على محيا هؤلاء المنتظرين، وكأنهم في حالة تخدر أو ثمالة من لعق الجروح.

واليوم بدأ كثير ممن شعر بالغبن أو الظلم من نتائج هذه الدراسات في تقديم تظلماتهم وتجديد آمالهم وأحلامهم، لكني لا أظن أن بالإمكان الحصول على النتائج المبتغاة، فعلى حد علمي فإن رئيس هذه اللجنة الأستاذ موسى الموسى مقتنع أشد الاقتناع بما تم، بناءً على الوقت والجهد الذي بذل للوصول إلى هذه النتيجة مستندين فيها على النظم وشروح النظم وتفاصيل شروح هذه النظم - أقصد نظم المراتب والوظائف الخاص بالخدمة المدنية - وبالتالي وإن كنت لا أريد قطع خيوط الأمل على أحد من المنتظرين ولكن لا مجال للمفاصلة مع هذه اللجنة، فهي التي تسن النظم وهي التي تفسر النظم وهي التي تحكم بموجب فهمها لهذه النظم، ولا سبيل البتة للمستفيد من الاحتجاج بالنظم فماذا إذن؟ لا شيء أمام الراغبين في تصحيح أو تعديل رأي هذه اللجنة سوى البدء في تصحيح وضعهم لدى الجهات التي يخدمون فيها، من خلال تغيير مسمى الوظيفة لتتناسب والمؤهلات العلمية والعملية، وقد تكون هذه حيّل لا تليق ولكن بكل أسف بعض الأنظمة تلجئك وتضطرك للتحايل لتصل إلى حقك المشروع في ثقافة “ من له حيلة فليحتال “ وهذا ما لا يلتفت له في كثير من الضوابط ونظم وإجراءات التنفيذ.

Hassan-Alyemni@hotmail.com
Twitter: @HassanAlyemni
 

وزارة الخدمة المدنية والخلطة السحرية
حسن اليمني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة