ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Thursday 10/05/2012/2012 Issue 14469

 14469 الخميس 19 جمادى الآخرة 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

الذي يتأمل حركة سير المركبات في طرقنا وشوارعنا لن يتبادر لذهنه غياب شرطة السير ولكن ربما يتبادر لذهنه إننا شعب لا يحب النظام وهذا ربما غير صحيح.

دعك من سعة الطرق والشوارع ووجود الإشارات الضوئية واللوحات الإرشادية والجسور والأنفاق والكاميرات الخفية

.. فلن تستطيع فهم هذا العشق للفوضى والعنترية السلوكية في استخدام المركبة، التي أصبحت وكأنها فرس يمتطيها فارس القبيلة، وقد تصاب بدوار في الرأس وحول في العين إن بقيت تنظر فيما حولك، فالكل في معمعة ساخنة لا وقت فيها للالتفات ومراجعة النفس، فمقدمة المركبة مثل رأس الحصان لا تدري كيف مال عليك في مسارك وليس أمامك إلا أن تلز برأس حصانك أيضا وإلا صرت مثل المهمش الذي يزاحم الأسياد، لا أفضلية للسير ولكن الأفضلية للأجرأ على الآخرين، ولو حبست الفوضى حركة السير ثم أرخيت زجاج النافذة فربما سمعت بعض قائدي المدرعات أو السيارات من حولك يتبادلون النكات على سوء الحال المزمن، وإن صاح أحدهم ونادى أين رجال المرور فربما تسمع آخر يقول: قص نص شاربي إن كان هالزحمة ماهيب من لقافة واحد من شرطة المرور.. سبحان الله ما يدخلون في شيء إلا يعقدونه، وفي الغالب وللأسف فإنك ربما تجد فعلا رجل مرور في حلق العقدة يحاول حلحلتها قدر اجتهاده، وهو يركن سيارته في وسط الطريق وكأنها حصان الزعيم الذي ترفع عنه قواعد الانضباط.

تسأل أين المشكلة؟ هل هي فينا نحن أصحاب المركبات أم في الطرق والشوارع أم أنها في الجهاز المناط به تنظيم وإدارة السير؟ وبشيء من التأمل قد تراها في كل هذه الأسباب مجتمعة، لكن نسب المسئولية بدون شك متفاوتة، فليس من المنطق أن يتساوى القادر والمقدور عليه، جهاز المرور إن أراد قدر أما قائد المركبة فليس له إلا التمني والرجاء، ويبقى الطريق والشارع محكوم بخيال من يرسمون خطط التنمية ويوجهون النمو التراكمي من جوانبه السلبية إلى جوانبه الإيجابية، فإذا ظهر عجز أو فشل لجهاز السير في ضبط وإدارة حركة السير فقد لا يكون السبب ضعف الوعي لدى مستخدمي الطريق ولا حتى في حرص جهاز السير في إتقان عمله، بل هو في فشل وعجز راسمي هذه الخطط التنموية في دقة التخيل ووضوح الصورة المستقبلية التي بناها بموجب إلمام تام بالواقع المراد تطويره أو هكذا كان يفترض.

لهذا يلجأ جهاز السير لما هو متاح له ويرى أنه قادر عليه ليحقق أكبر قدر من النجاح، فيلجأ لرفع قيمة المخالفات ويتوسع في ضبطها، لكن بأقل ما يمكن من جهد، من خلال نقاط التفتيش التي يقيمها أو من خلال كاميرات خفية لاصطياد سيئي الحظ، وقبل ذلك وبعده من خلال التمويه بمركبات لا تحمل الإشارات المعتادة لمركبات المرور بهدف سرية التحري، لكنها بكل أسف صارت تغوص وتغرق في مساحة صغيرة من الطريق، وغالبا ما نرى سيارة أو سيارتين أو حتى ثلاث من هذه السيارات السرية وهي تحيط بسيارة مواطن على رصيف الطريق مثلما نشاهده في بعض الأفلام (الهوليودية) وتتساءل وأنت تراهم وترى الإخلال بحركة السير في وقت واحد وأمام الجميع عن المهمة الحقيقية؟ هل هي ضبط السير أم ضبط المخالفات؟ وأخشى أن أقول إنها لضبط أكبر عدد من المخالفات ولا علاقة لها بضبط السير، وهناك فارق كبير بين ضبط الأداء وتفعيل المخالفات.

لا شيء حقيقي يمكن أن تلمح منه جدية في ضبط السير وتنمية الوعي والثقافة المرورية، حتى صرنا في حال ميئوس من علاجه، وليت القائمين على جهاز السير يعترفون بذلك فيريحون ويستريحون، المكابرة كلفتنا ولا زالت تكلفنا الكثير من الأرواح والخسائر، والمداراة والتجمل لم تصل بنا إلى مستوى أنظمة السير في دول هي أقل قدرة وإمكانيات ووعي وثقافة من بلادنا، ومع ذلك نحلم بالوصول إلى مستوى الانضباط المروري لديهم، وإن كان ذلك نتيجة استعمار أجنبي أسس وبنى هذا الضبط فمن الممكن أيضا استئجار هذه العقول القادرة وإن كانت أجنبية، ولا أرى حرجا في ذلك ونحن نستأجرهم في كثير من الحاجات الأخرى، فقط على جهاز المرور أن يتواضع ويقر بعجزه وحاجته للمساعدة في البدء بتأسيس نظام سير حقيقي ينهي هذه الفوضى.

Hassan-Alyemni@hotmail.com
Twitter: @HassanAlyemni
 

كفى مداراة ومجاملة لجهاز أرهقنا عجزه
حسن اليمني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة