ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Thursday 10/05/2012/2012 Issue 14469

 14469 الخميس 19 جمادى الآخرة 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

بعد صلاة الجمعة في أحد جوامع شمال الرياض وقف رجل أمام المصلين وارتجل حديثاً مرتباً بقصد التسوّل لم يخطئ فيه ولم يتلعثم ومرد ذلك في رأيي أنه يحفظه منذ سنوات وهو في كل مرة يجدد ويطور من أسلوبه في الإلقاء وتحديث العبارات، ويشجعه على ذلك جني ثمرة كل إجادة في النص وتقمص شخصية الفقير الذليل العائل، غير أن خطيب الجامع تصدى له حال ختام نصه المحفوظ؛ فأشار إلى أنه سبق أن نبَّه منذ فترة إلى مثل هذا الذي قام خطيباً بقصد الاستجداء وأنه لا يعلم سره صادقاً أم غير ذلك ولكن الوقائع أثبتت خلاف ما يزعمون، وأعاد للأذهان ما سبق أن تقدّم به إليه نفر من جماعة المسجد يسألونه مستفتين عن وضع هؤلاء الذين يقطعون تهليل وتسبيح المصلين دبر كل صلاة هل هم ممن يلزم الالتفات إليهم في صفتهم تلك، أم ينقطعون عنهم في توجههم وصلتهم بالله؟! وقال: كنت قد أوردت نهي المصطفى صلى الله عليه وسلم لمثل هؤلاء لا سيما من كان في زمنه يقف أمام المأمومين أو بينهم يسأل عن ضالته الثمينة لديه من جمل وفرس ونحوه، فكيف بمن يسأل عن شيء لا يملكه شرعاً كطلب الصدقة، إذ إن المساجد ليست مكاناً لمثل هذه الأمور، بل هي لأشرف وأعظم من ذلك، وأقسم أمام الجميع أنه ثبت لديه ولدى عدد من جماعة المسجد أن كثير اًممن (يقفون أمامكم) ويدّعون الصمم والبكم أو الرعشة وعدم الاتزان والانضباط الحركي لأمراض مزعومة أنهم لكاذبون، واستشهد بوقائع اطلع عليها أو نقلت إليه أخبارها عن طريق التواصل مع آخرين. إن من هؤلاء من قدموا للمملكة عن طريق التهريب وبوسائل ملتوية مختلفة بهدف تشكيل عصابات تسوّل منظّمة وثبت أنهم يحوّلون لبلادهم مبالغ مالية بمئات الآلاف، وأنهم يمارسون أعمالاً مخالفة لأنظمة القدوم والإقامة والعمل، وأنهم لا يحترمون أعراف البلد وقيمه، وقال إن حالات ضبطت هنا في هذا الجامع بمساعدة رجال مكافحة التسوّل وانكشف أمرهم وزيف ادّعائهم، ونبّه إلى أهمية عدم الاندفاع بالعاطفة نحو تمسكنهم وخنوعهم التمثيلي، وأن مكان التسوّل يكون خارج المسجد لا داخله، وأن قنوات فعل الخير معروفة ويمكن لمن أراد أن يدفع صدقاته وزكواته إليها، كما يمكن للمحتاجين التوجه إليها ولن تقصّر في حقهم.

وكنت في ليلة من ليالي رمضان في أحد الأسواق مع العائلة وإذا بطفل يبدو من لهجته أنه وافد وكان مما يدعو للشفقة عليه صغر سنه وطريقته في التوسل للتسوّل وتأكيده أنه يعيش مع والدته وأخواته في غرفة متواضعة في إحدى زوايا الأحياء التي يسكنها أمثاله، وبين شكي وخوفي عليه قدّمت المستطاع دون مبالغة، لكني لمحت رجالاً من أبناء جلدته في محلات قريبة للملابس الرجالية سألتهم بلطف وشفافية عن صدق هذا الطفل من عدمه؟ ضحكوا وقالوا: لا تكن طيباً جداً، ألا تعلم أن عدداً من الأشخاص يراقبونك ويعرفون كم أعطيته، هؤلاء عصابات نعرف من لهجاتهم من أي جهة من بلادنا قدموا وأنهم أحسن حالاً من كثير ممن يتصدقون عليهم!

 

المتسوّل وخطيب الجمعة
علي الخزيم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة