ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Friday 11/05/2012/2012 Issue 14470

 14470 الجمعة 20 جمادى الآخرة 1433 العدد

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

      

دين محمد النبي الأمُّي عليه الصلاة والسلام، هو الدين الذي ارتضاه رحمان السموات والأرض ليكون خاتم الأديان إلى قيام الساعة. ولذا اقتضت حكمته جلّ شأنه أن يجعل الأمّة، التي تتلقّى هذا الدين وتحمل عبء نشره في الأرض، أمّة أمِّيّة بسيطة لتكون شاهدة على العالمين. فلا تكون الصعوبة والغموض لأحد من البشر حجّة، سواء أعقليّة كانت أو تطبيقيّة، في عدم قبول الإسلام. فالعقل يُملي بصحة تصرف من يرفض ديناً غامضاً صعباً لا يفهمه. وإلاّ لكان لزاماً على الناس أن يتّبعوا كلّ من أتاهم يقول إنه رسول من عند الله. واللازم الثاني من كون الدين لا يفهمه إلاّ قلّة من «أهل الذِّكر» يعني فشل تطبيق الدين على شتى مجالات الحياة، لصعوبة إحاطة «أهل الذِّكر» - وهم قلّة - بجميع شئون الحياة. وكذلك جهل الناس يجعلهم غير قادرين على تطبيق دينهم في حياتهم كلها. ومعنى فشل التطبيق الذين يتعذّر به كثير من البسطاء عن انحطاط المسلمين هو معنى خطير. ففشل التطبيق يعني أنّ الدين مجرّد نظرية فلسفية تبدو جميلة ولكنها لا تصلح أو لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع كالنظرية الأفلاطونية أو الماركسية.

ولذا فقد كان من المعلوم من الدين بالضرورة نقلاً وعقلاً، أنّ الإسلام دين واضح لا يحتاج إلى متخصِّصين «شرعيين» يقودون الناس في أمورهم كلها. فالأصل أنّ المسلمين يعلمون دينهم، والاستثناء هو أن يكون هناك مسألة يجهلونها. ومن يخالف هذا فهو يهدم قواعد شرعية وعقلية كلِّية معلومة من الدين بالضرورة، ومنها:

1- النصوص الشرعية في عمومها تؤكد ذلك، فمن ذلك قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي}، وقوله {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ}، وقال عليه الصلاة والسلام (تركتكم على المحجّة البيضاء ليلها كنهارها)، فهذه النصوص وأشباهها كثيرة تتعارض مع كون الشريعة علماً صعباً يحتاج إلى وسطاء بين الناس ودينهم.

2- أنّ الحال في عهد النبوّة والخلافة الراشدة هو كون الأصل أنّ الناس تعرف دينها ويجتهدون في كثير من المسائل. وعند حضور حادث مستجدٍّ، اجتمع أهل الحل والعقد وفيهم من يحمل القرآن وفيهم من لا يحمل إلاّ آيات معدودة، فيطرح الجميع رأيهم فيها، ثم قد يتفرّقون وهم مختلفين ويعمل كلٌّ برأيه والشواهد والآثار كثيرة، منها حديث عمر وعمار رضي الله عنهم في التيمم، ومنها خلاف عثمان وعلي وأبي ذر وعائشة وأمهات المؤمنين رضي الله عنهم في الحج وأمور كثيرة، وهكذا.

3- من المعلوم فكرياً وتطورياً أنّ التفكير والتخطيط المركزي هما أسوأ أنواع وأشكال الفكر والسياسة والاقتصاد، وهي الجامع لتخلف الشعوب والعلوم والأخلاق. لأنّ التخطيط المركزي يحصر العلم والتجربة والفكر في أفراد معدودين، فيقتل الإبداع ويخلق التقليد والجمود، بينما كلما اتسعت دائرة المشاركين في التفكير - خارج التخطيط المركزي -، تطوَّر المجتمع فكرياً وعملياً.

4- إنّ أهم علم يهم الأفراد والمجتمعات على الإطلاق هو علوم دينهم. فهو العلم الذي يحتاجون فعله وعمله بأنفسهم لا بغيرهم. ولو تأمّل الناظر العارف لَعَلِم أنه لا يوجد علم يحمل هذه الخصوصية من العمومية على جميع أفراد المجتمع في وجوب التطبيق بالنفس لا عن طريق الغير إلاّ الدين. فكيف يُقال بحصر التفكير فيه من فئة قليلة، ثم يُلزم المجتمع كله بالتطبيق، دون فهم ولا إدراك؟! فالشريعة تختلف عن الهندسة والطب والاقتصاد والسياسة. فغير المتخصّص يوصي المهندس والطبيب بفعل العمل له. ولكن في الدين، المسلم هو من يقوم بالعمل بنفسه، فلابد أن يكون خبيراً به. ولذا ظهرت الفرق الدينية والخلافات عندما اختصت فئة قليلة تزعم أنها مختصة بالتوقيع عن الله.

5- والقول بالتسليم المطلق في الإتباع لأشخاص في أمور الإنسان الدينية هو من أكبر جوارح العقيدة والتوحيد، وهذا واضح لا يحتاج إلى شرح، والقول بهذا هو ما نشر الفرق والفتن، فكل مجتمع يتبع «أهل الذِّكر» عنده، ولو سبرنا الفرق والأديان عبر الأزمان لوجدنا أكثرهم ضلالاً أكثرهم اتباعاً لعلمائهم وأكثر انتشاراً للجهل في مجتمعاتهم، ومن المسكوت عنه من التحذير في هذا قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي أخرجه الألباني في السلسلة الصحيحة وهو في الجامع الصحيح «أكثر منافقي أمّتي قرّاؤها».

hamzaalsalem@gmail.com
تويتر@hamzaalsalem
 

المسكوت عنه
أكثر منافقي أمّتي قرّاؤها
د. حمزة بن محمد السالم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة