ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Saturday 12/05/2012/2012 Issue 14471

 14471 السبت 21 جمادى الآخرة 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

حين أراقب طلاب هذه الأيام وبالذات في نهاية كل فصل وألاحظ بوادر المرح والفرح والصخب الذي هم عليه أدرك كم أن معظمهم محظوظون حيث لم تلحقهم لعنة الامتحانات وخوفها وقلقها، فهم لا يقلقون من مدرس أو مادة وهم لا يعاقبون أو يدري بهم أحد، أجادوا تلاوة هذه السورة أم لا، كما لا يدري أحد هل يستطيع أي منهم أن يحسب فكة نقود أعيدت له من البقالة.

هذا هو ثمن التقويم. ثمن هائل أتساءل في كل لحظة هل تدرك هذه الأمة ثمنه؟ هل يدرك آباء وأمهات هذا الجيل ثمن فكرة نظام التقويم المستمر الذي طبق منذ سنوات عديدة في مدارسنا والذي تتلخص فكرته الأساسية في إلغاء الامتحانات الفصلية والنهائية والتي كانت تحدد (هل كانت فعلا تحدد أم أن الكل كان ينجح؟؟) انتقال التلميذ للفصل الذي يليه في المرحلة الابتدائية والذي استعيض عنه تدريجيا بنظام التقويم المستمر الذي يعتمد على تقويم مهارة الطفل (مهارات لغوية، رياضية، علمية... إلخ) من قبل المعلم طوال الفصل.

ورغم أن الامتحانات كانت ولا تزال تمثل رعبا حقيقيا للطلاب بشكلها التقليدي المألوف في المؤسسات التربوية السعودية من حيث القلق والترقب والتحفز الذي يركز جهد فصل كامل في لحظات مؤقتة إلا أن إلغاءها وإن ساهم في تخفيف طوفان القلق والرعب لدى التلاميذ إلا أنه أدى ولسوء تطبيقه إلى كثير من النتائج التي أضعفت العملية التعليمية من ضعف في المهارات المختلفة في القراءة والتلاوة والرياضيات والعلوم، وقد رصدت شيئا قليلا من كثير مكتوب حول مستويات الطلبة تثبت ما آلت اليه أحوال الأجيال من ضعف أرى أن تطبيق نظام التقويم المستمر أحد أسبابها.

لنتأمل التقارير التالية وسأنقلها كما جاءت من مصادرها: نشرت جريدة المدينة الأربعاء 19-01-2011 الآتي:

(أنهت وزارة التربية والتعليم مشاريع الاختبارات التقويمية لقياس جودة الناتج التعليمي لطلاب الصفوف الأولية في جميع المدارس في المناطق التعليمية.

واستهدف المشروع الذي أطلق تحت شعار “حسن” مواد القرآن الكريم، والقراءة، والعلوم، والرياضيات، بالإضافة إلى مادة الإملاء في الصف الثالث ابتدائي.

وأظهرت النتائج المبدئية في بعض الإدارات عن تدنٍ ملموس في مستوى الطلاب في مادة الإملاء، ومادتي العلوم والرياضيات).

وفي تقرير أعده مركز التميز البحثي في العلوم والرياضيات بجامعة الملك سعود ذكر التقرير وبالحرف الواحد الآتي:

(حاز طلاب المملكة العربية السعودية ترتيباً متأخراً في تحصيل الرياضيات والعلوم بين الدول المشاركة في الدورتين الأخيرتين TIMSS2003وTIMSS2007, حيث كان ترتيب طلاب المملكة في الرياضيات في TIMSS2003 الثالث الأربعين من بين خمس وأربعين دولة مشاركة، وبمتوسط تحصيل مقداره 332 والذي يعتبر أقل من المتوسط الدولي (476) بـ 144 نقطة، بينما كان ترتيبهم في دورة TIMSS2007 السابع والأربعين من بين ثمان وأربعين دولة مشاركة، وبمتوسط تحصيل مقداره 329 والذي هو أيضاً أقل من المتوسط الدولي 500 بـ 171 نقطة.

أما في العلوم، فقد كان ترتيب طلاب المملكة في TIMSS2003 التاسع والثلاثين من بين خمس وأربعين دولة مشاركة، وبمتوسط تحصيل مقداره 398, أي أقل من المتوسط الدولي 474 بـ 76 نقطة، بينما كان ترتيبهم في TIMSS2007 الرابع والأربعين من بين ثمان وأربعين دولة مشاركة وبمتوسط تحصيل مقداره 403 والذي يعتبر أيضاً أقل من المتوسط الدولي 500 بـ 79 نقطة علما أنه يتم تنفيذ دراسة TIMSS كل أربع سنوات لطلاب السنة الرابعة والثامنة من التعليم العام، حيث بدأت أول دورة لها في عام 1995م، وكانت دورتها الرابعة عام 2007م، وقد شارك طلاب السنة الثامنة (الثاني متوسط) في المملكة في الدورتين الأخيرتين للدراسة 2003TIMSS - 2007 TIMSS، كما أن دورتها الخامسة تمت عام 2011 ولم تنشر نتائجها بعد).

سؤالنا الآن: لماذا لم ينجح تطبيق نظام التقويم المستمر؟ سؤال أعرف أن إجابته تتنوع بتنوع المطبقين من معلمين ومعلمات والذين أتمنى أن يشاركونا في سرد خبراتهم الذاتية دون اتهام لأي منهم بتقصير أو خلافه وذلك على صفحات الجزيرة في موقعها على الشبكة العنكبوتية أو في توتير تعليقا وتوضيحا.

بعض من هذه الأسباب وكما أرى ربما تعود لعدم فهم الأسس التربوية والفلسفية التي بني عليها نظام التقويم الذي طبق في المدارس دون تدريب كاف مما أوجد مجموعة من الممارسات التربوية غير الصحيحة، ولكن تعارف عليها المعلمون فأصبحت عرفا أو تقليداً ربما لا يستطيعون تجاوزه أو لا يرغبون كفكرة تنجيح الجميع وفكرة إعطاء تقييمات كاملة دون التأكد من وجود المهارة فعلا وإملاء أوراق الوزارة فقط لإنهائها والتوقيع الآلي دون التمحيص في أسلوب التقويم... إلخ من المماراسات (المستعجلة) التي تملأ فضاء المؤسسات التربوية.

سبب آخر ربما يعود إلى حجم الفصول الدراسية الكبيرة وخاصة في المدارس الحكومية في بعض المناطق النائية أو المدارس القصية والفقيرة من المدن الرئيسية والتي تفتقر إلى إمكانات تساعد المعلم على أداء عمله فحتى لو عرف المعلم أن طالبا لا يجيد القراءة أو لم يفهم معاملات الضرب فلا يوجد الوقت الكافي ولا المساعدين للمعلم ليعطوا دروسا إضافية لهذا للتلميذ تمكنه من تجاوز قصوره ومن ثم فأسلم الطرق هو (دفع) هذا الطالب للمرحلة التالية وهو ما أوجد الثقوب الهائلة في المفاهيم الرياضية والعلمية والقرائية لطلابنا الذين ضاعوا بين مطرقة متطلبات القرن الحادي والعشرين وبين تطبيقات تربوية ضعيفة وغير منضبطة يؤازرها ضعف مقيم في طبيعة كليات إعداد المعلمين وفي تدريبهم أثناء الخدمة وتجاهل واضح من الأهالي الذين يكتفون من الغنيمة بالإياب فلا يعنيهم تعلم الطفل طالما انتقل من سنة إلى أخرى في مرحلته الدراسية؟

ما الحلول؟ المراجعه الجادة لكل هذه النماذج ووضع مستويات تقييم عالمية (وليست محلية) يخضع لها الطلبة فيما يتعلق بمهاراتهم الأكاديمية وإرغام المدارس في التعليم العام (من الابتدائي حتى الثانوي) على الحصول على الاعتماد الأكاديمي من مؤسسات خارجية مثلها مثل غيرها من مدارس العالم ومثلها مثل الجامعات في بلداننا مع التركيز على تدريب المعلمين في موادهم الأساسية أولا قبل طرق التدريس ليكونوا أقوياء في الرياضيات والعلوم واللغة العربية ويحبونها وينقلون هذه المحبة عن طريق تدريسهم لطلابهم وحتى ذلك الوقت وإذا عرفتم عن معلم متميز في اللغة العربية أو الرياضيات أو العلوم ويعشق مهنته ويرحم طلابه وينظر لهم بشكل كلي كبشر ذو هيئات إنسانية وإمكانات تستحق العناية فأرجوكم إعلامي عن مكانه لتبليغ الوزارة عنه!.

 

التقويم في المدارس وما أدراك ما التقويم؟
د. فوزية البكر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة