ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Wednesday 16/05/2012/2012 Issue 14475 14475 الاربعاء 25 جمادى الآخرة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

 

«برنامج التقشف الانتخابي» هل سيجعل من هولاند قائدًا لربيع التحول في القارة العجوز؟
الاشتراكية تعود للمسرح الأوروبي بدعوى الإنعاش الاقتصادي

رجوع

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الجزيرة - د.حسن الشقطي:

فوز فرانسوا هولاند برئاسة فرنسا ليس مجرد وصول حزب اشتراكي إلى السلطة فقط، بل تحول سيطال تأثيره كل دول الاتحاد الأوروبي تقريبًا على الصعيد السياسي والاقتصادي، بل والاجتماعي، وربما ينسحب هذا التأثير على الانتخابات الأمريكية نفسها.. فاليوم صوّت المنتخبون للمرة الثامنة بأوروبا تقريبًا خلال العام الأخير ضد قوى السوق، وضد التوجه للتقشف، مفضلين القوى المعارضة التي تميل للعدالة.. لقد باتت الاحتجاجات نمطًا فكريًا ضد الرأسمالية أو ضد حرية قوى السوق..

ويأتي فوز هولاند في وقت عصيب، تستمر فيه الهيمنة الألمانية في فرض إجراءات تقشفية عرفت بـ»المطالب الهمجية» على اليونان لإجراء إصلاحات اقتصادية قاسية لبقائها بمنطقة اليورو.. وهي هيمنة أقرت ضمن «التروبكا الثلاثية» (صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوربي وحكومة ألمانيا).. هذه الهيمنة أيضًا مفروضة على إصلاحات وسياسات تقشفية مماثلة في جنوب أوروبا بإيطاليا وإسبانيا والبرتغال وأيرلندا.. إن الكل ينتظر الآن من رئيس فرنسا الجديد «هولاند» ماذا هو فاعل؟ هل سيرضخ أم سيقف ضد الهيمنة الألمانية؟ هل سيقف ضد التقشف بأوروبا كما أعلن في برنامجه الانتخابي أم سيساير ألمانيا؟ هل سيكون المسمار الأخير في نعش خروج اليونان من منطقة اليورو أم ماذا؟

اليونان.. اليورو أم الدراخما؟

اليونان تعد ثاني أبرز تغيير أوربي حاليًا بعد تراجع الأحزاب التقليدية الحاكمة اليونانية في الانتخابات..

وبالرغم من أن الانتخابات لم تكن حاسمة، لكنها أبرزت لأول مرة صعود شعبي لأحزاب معارضة صغيرة على رأسها حزب سيريزا اليساري الذي انتخب بناء على دعوته لتمزيق «المطالب الهمجية» التي فرضتها ألمانيا بدعوى ضرورة التقشف للإصلاح الاقتصادي.. وهي مطالب لإقرار خطة إنقاذ لأثينا بقروض بقيمة 174 مليار يورو.. ولكن يبدو أن الثمن باهظًا، ولم يُعدُّ الشعب اليوناني قادرًا (أو راغبًا) على تحمله.. وبالرغم من أن أغلبية اليونانيين (80%) يؤيدون البقاء بمنطقة اليورو، إلا أن غالبيتهم أيضًا (70%) صوّتوا لأحزاب معارضة تؤيد رفض خطط التقشف والثورة عليها.. السؤال المهم الآن: هل بصعود اليساريين الرافضين للتقشف - الذين أعلنوا بمجرد فوزهم في الانتخابات رفضهم لخطط التقشف- أصبح خروج اليونان حتميًا؟

إذن الآن هناك يسار يوناني متشدد ضد التقشف.. وأيضًا يفترض أن تأتي مساندة هولاند ضد الهيمنة الألمانية..

وبالتالي فنحن أمام إما صمود ألماني ضد هولاند والاستمرار في فرض سياسة تقشف اليونان أو تأثير هولاند ورضوخ ألمانيا للاعتدال في سياسات النمو الاقتصادي..

والاحتمال الأول يفتح الباب لخروج اليونان من منطقة اليورو وعودتها إلى الدراخما ومغادرة اليورو الأوربي.. وهو ما يمكن أن يتسبب في هزات اقتصادية (مصرفية تحديدًا) لكل الدول الأعضاء الآخرين في المنطقة.

خطط الإنعاش الأوربي

المشكلة الوحيدة للاتحاد الأوروبي لا تكمن في خروج اليونان، ولكن هناك مشكلة في ضعف جدار الحماية بمنطقة اليورو، فدول أخرى مثل إيطاليا والبرتغال وإسبانيا وإيرلندا تتعرض لسياسات ضبط الميزانيات وتقشف بعضها عنيف، وهي سياسات تثير ضغوطًا شعبية بالداخل، ومن ثم فقد ظهرت بها الاحتجاجات مثل اليونان.. وفشل هولاند في إقصاء ألمانيا عن فرض السياسات التقشفية يمكن أن يقود بعد خروج اليونان إلى تفكك منطقة اليورو بشكل جزئي.. لذلك لا مفر من تخفيف التقشف بدءًا من اليونان إلى دول جنوب أوربا..

ومن المتوقع أن يتم إقرار حزم من الإجراءات الاقتصادية لتحفيز النمو والانتعاش بمنطقة اليورو.. وإذا كان فرض السياسات أمرًا يسيرًا، فإن تنفيذها أمرًا غاية في الصعوبة..

ومن السهل أن يُعدُّ ويتحدث هولاند بوقوفه ضد التقشف في دول جنوب أوربا، وأيضًا ضد إجراء إصلاحات مالية بفرنسا، ولكن كيف له أن ينفذها؟..

ومن السهولة أن تقوم ألمانيا بتحميل فرنسا ضريبة تخفيف أو إلغاء سياسات التقشف بدول جنوب أوروبا مثلاً إن رغبت أو استطاعت فرنسا.

احتمالات التفكك واردة بخروج اليونان أو بقائها

احتمالات تفكك منطقة اليورو باتت واردة بصرف النظر عن خروج اليونان أم بقائها .. فالبعض لا يرغب في النظر بعمق لتركيبة الدول الـ 17 الأعضاء بمنطقة اليورو والتي سرت فيها تغييرات جوهرية في الحكم السياسي خلال العام الأخير.. وأصبح يغلب عليه التغيير ضد النظم الرأسمالية.. وأي انشقاق (بخروج اليونان مثلاً) لن يكون منفردًا، بل يمكن أن تنتقل العدوى لدول أخرى بسهولة مؤهلة.. والأوضاع الاقتصادية السيئة المتوالية لاقتصاد منطقة اليورو تدعم هذا الأمر.، بل إن إقرار التروبكا بضرورة أن تتحمل كل دولة عضو مسئوليتها في سداد مديونياتها، وحتى إن تم تقديم مساعدات لها، فإنها ينبغي أن تتحمل ضريبة لهذه المساعدات، أوجد حالة من السخط الشعبي بدول الديون السيادية مآلها أن الاتحاد الأوربي لا يساعدهم ولكن يعاقبهم بقسوة.. بشكل أظهر أن اتحاد منطقة اليورو لا يسير بالشكل الصحيح.

أكثر من ذلك، فإن الوضع الاقتصادي لمنطقة اليورو لا يدعم بقاء توحيدها قويًا في المستقبل القريب، فالناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو تقلص بنسبة 0.3%، ولا يزال التصدير العامل الرئيس في دعم نموه.. أيضًا فإن معدل البطالة مرتفع بشكل كافٍ لإثارة المزيد من التوترات الشعبية (حوالي 11%).. ومستويات الأسعار لا تزال مستمرة في الارتفاع.. وكافة التوقعات الإيجابية لمنطقة اليورو بنيت على أساس خطط تقشفية لأسواق دول الديون السيادية..

وبالتالي، فإن الاستمرار في طريق التقشف معناه مزيد من الركود الاقتصادي، أما التخفيف من التقشف وزيادة الانفاق، معناه التوقف عن سداد الديون واستمرار الخلل الاقتصادي، ومزيد من الضعف الاقتصادي وخصوصًا بالنسبة لتنافسية المنتجات الأوربية.. والاختيار هنا منحصر في إرضاء الأوروبيين أم التمسك بالنمو الاقتصادي الأفضل؟

تهديدات مؤسسات التصنيف الائتمانية

بالطبع فإن إقصاء خطط التقشف سيترك آثارًا سلبية واسعة على شكل ومعدلات النمو الاقتصادية بمنطقة اليورو، وستصبح الأوضاع الاقتصادية أسوأ، وهنا إما إعلان إفلاس جديد لدول الديون السيادية أو الاستمرار في دعمها ومساعدتها بدون إصلاحات، وكلاهما مر.. وإذا كانت وكالات التصنيف قد خفضت تصنيفاتها لست دول أوروبية في الماضي القريب، فإنها تلوح الآن بتغيير نظرتها المستقبلية لتصنيف الدول الأوروبية الكبرى إن لم تتمكن من احتواء الأزمة، وعملة اليورو نفسها باتت مهددة بتخفيض تصنيفها السيادي الممتاز. في حين أن منطقة الخليج ليست بمعزل عن أزمة منطقة اليورو، فهناك تعاملات مالية ضخمة، وهناك صادرات وواردات، وعلى رأسها تصدير النفط الخام، وأي تراجع في معدلات النمو بمنطقة اليورو معناه اهتزاز في اقتصاديات دول مجلس التعاون، وخصوصًا مع توقع تراجع أسعار النفط مع أي انخفاض في معدلات النمو العالمية المتوقع حدوثها مع تفاقم أزمة اليورو.

صراع الأيدلوجيات الاقتصادية اليوم

هناك حركة تغيير صاعدة ضد نظم الحكم الرأسمال في الدول الأوربية.. وهناك دعوات بأن الرأسمالية تم استخدامها بشكل خاطئ، وأنها أدت إلى انتشار الفساد والتسلط، وبالتالي هناك عودة للنظم الاشتراكية اليسارية لإقرار العدالة بعيدًا عن قوى السوق، التي تتعامل بقسوة مع سواد الأوربيين.. الآن بعد فوز هولاند يترقب الجميع التغييرات المحتملة في مدريد وروما، ومن بعدها ترقب نتائج الانتخابات الأمريكية، فإن أخفقت القوى السياسية المعتادة فيها، فإن النظام الرأسمالي ككل سيكون في ربيع خاص به.

 

رجوع

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة