ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Sunday 20/05/2012/2012 Issue 14479 14479 الأحد 29 جمادى الآخرة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

مـَنْ لا بيت َ له من حقـّه أن يشعر بأن إنسانيته ناقصة.

فكرة الحضارة الإنسانية مؤسسة، منذ سكن الإنسانُ الأرضَ، على شرط الاستقرار.

البيت هو بذرة ذلك الاستقرار. أما خيال البيت، فتلك مسألة تختلف بين إنسان وآخر.

مَنْ لا بيت َ له حياته مجرد حياة، مجرد خواء هزيل.

لكن، هل بإمكان بيت مُستعار أن يصنع خيالا ؟. “الغريب” وحده يستطيع أن يُجيب عن هكذا سؤال. فما بين بيت وآخر، تضيع أكثر التفاصيل حميمية، وتبدو الحياة أشبه بلعبة هزلية.

يبدأ البيت من خلال التفكير في السكن. إنه من صنع المخيّلة الإبداعية، ويمنح معنى للعائلة والهوية والاستمرار.

نـُفكر في البيت باعتباره مناسبة مجازية لرغبتنا في العودة. العودة إلى أين ؟.

دائما هناك خطوة ناقصة: إلى أين ؟. هي تلك الخطوة التي تقودنا إلى البيت. بيت مـَنْ ؟.

تأمـّل (هايدغر) في المعاني ذات التضمينات المفرطة، التي تحملها كلمة (سكن)، في مؤلفه “البناء والسكن والتفكير”. يعتبر (هايدغر) أنه “فقط إذا كنا قادرين على السكن، عندئذ نستطيع أن نبني”.

“للمرء بيت واحد”، أقول لنفسي وأنا اُفكر في لذة الحياة. في رخاء الخيال وأسطورته. أن تمدّ قدميك بانفعال ضروري، وترخي رأسك إلى فوق. تتأمل السقف من غير أن ترى شيئاً بعينه، فيما تـُحرّكُ أصابع قدميك بانفعال ضروري. لن يزعجك أحد.

“للمرء بيت واحد”، تتحول فيه الحياة إلى قصيدة، إلى لوحة، إلى ريشة، إلى ولادات حياة دائمة تـُصنع كل يوم.

الإحساس بالانتماء إلى بيت يُسبغ القيمة على الحياة. هو طريق بحث الإنسان عن نفسه ومعاني حضوره في المكان.

إن قيمة الأزمنة، في النهاية، بما يحمله المكان من قيم ومثل وأحلام وأسئلة وإنجازات ومواقف.

بيت الإنسان يزيل الجدران بينه وبين أحاسيسه، بينه وبين تاريخه، بينه وبين علاقته بالمكان.

إن كون الإنسان حياً، بلا بيت، هو شيء من الغرابة، يستدعي الأسئلة من تلقاء نفسها.

لكن، ماذا أصاب فرعون من أهراماته.. بيوته الأبدية، كما توهّم؟. لا شيء! مُسجـّى هو.. خلف قناع من ذهب.

أوَهمٌ هي الحياة، أوَهمٌ هي؟.

Zuhdi.alfateh@gmail.com
 

الإنسانية الناقصة
زهدي الفاتح

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة