ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Sunday 20/05/2012/2012 Issue 14479 14479 الأحد 29 جمادى الآخرة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

منوعـات

      

كثيراً ما أسأل نفسي ما الذي يحدث بربك يا يوسف؟ ما هذا الزحام العظيم الذي يملأ جوانب حياتنا بأكملها، زحام في الشوارع والطرقات، زحام في المدارس، وفي الفصول الدراسية، في مواقف السيارات عند كل مدرسة وجامعة ومستشفى ودائرة حكومية، زحام عند مكاتب الخطوط والسفر والسياحة، في مقاعد الرحلات، في المنافذ الحدودية، في الطرق السريعة، في عيادات الأطباء، وفي المستشفيات، في أقسام التنويم، في البنوك، عند ماكينات الصرف الآلي، في الدوائر الحكومية!

لماذا أصبحت حياتنا كلها انتظار في انتظار؟ هذا الانتظار يطول ويقصر حسب قيمته، بل حسب بيروقراطية المكان، هناك من ينتظر موعد مستشفى، وهناك من ينتظر سريراً شاغراً، وثالث ينتظر ويحلم بطائرة إخلاء طبي تهبط من سابع سماء، ورابع ينتظر قبولاً في جامعة، أو التحاقاً ببعثة، وخامس ينتظر رحمة القائمين على «حافز»، وسادس ينتظر الحصول على شهادة تخرّج، وسابع ينتظر وظيفة توقظه من سابع نومة، وثامن ينتظر وصول رقمه في الحصول على منحة أرض، وتاسع ينتظر وصول رقمه في صندوق التنمية العقاري، وعاشر ينتظر أن يحصل على رقم، أي رقم، المهم أن يشمله سعادة أن يتحول إلى مجرد رقم ينتظر!

في الثمانينات لم يكن هناك الكثير ممن ينتظر، ربما لا يوجد من ينتظر سوى الفتاة التي تنتظر فارسها المؤجل، اليوم حتى هذه الفتاة لم تعد تنتظر هذا الفارس، ولا حصانه الأبيض، لأن هذا الفارس ليس لديه حصان، لا أبيض ولا أسود، فهو أيضاً ينتظر موافقة البنك على منحه قرضاً مالياً يشتري به حصاناً، أقصد سيارة يقودها في الزحام وينتظر مع المنتظرين!

هذه الفتاة لم تعد تنتظر فارساً، بل تنتظر كل الأحلام المؤجلة، فرصة دراسة جامعية، فرصة ابتعاث، فرصة العثور على محرم حتى لو كان زوجاً مزوّراً، فرصة الظفر بوظيفة ولو بربع راتب متواضع، وأخيراً فرصة الفوز بهبة السيد المحترم المبجل «حافز»!

بالمناسبة، كلما كتبت «حافز» أكتبها بالخطأ «حافر» رغم أنني منذ عشر سنوات وأنا أكتب على لوحة «الكيبورد»، لكن يبدو أنني أكتب وأنا أتخيّل الحصان الذي تنتظره الفتاة، والفتي أيضاً الذي سيقوده، فلا أكاد أسمع سوى وقع الحافر فحسب!

أعود إلى حكاية الزحام والانتظار، وأسأل نفسي دائماً، هل شعبنا يزداد ويتكاثر بطريقة عجيبة، كالجراد مثلاً، وبالتالي لا توجد قوة في الدنيا تستطيع أن توفر لكل مواطن مقعداً جامعياً، أو وظيفةً، أو مسكناً، أو موعداً أو سريراً في مستشفى؟

أم أن الأمر يرتبط بفشلنا في توفير الخدمات وطرق العيش الكريمة لأنفسنا بطريقة موازية لتكاثرنا؟ وفشلنا في ما يسمى إدارة الأزمة، إذا كنا أصلاً نؤمن أننا فعلاً في أزمة عيش حقيقية؟ أعرف أن كثيراً من القراء سيحاسبني على مقالي هذا، ويسأل عطفاً على أسئلتي: ما جدوى الأسئلة؟ فما الحل في نظرك؟ لأجيب ببساطة: ها أنت تسأل أيضاً، أنا أيضاً بدوري أثير الأسئلة، وأنتظر معكم، أليس انتظار شيء ما، أفضل من ألا ننتظر شيئاً أبداً؟

أظن ذلك.

 

نزهات
انتظر.. أنا أيضاً أنتظر!
يوسف المحيميد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة