ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Thursday 24/05/2012/2012 Issue 14483 14483 الخميس 03 رجب 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

      

كثيرون كانوا يعتبرون ابن لادن السبب الرئيس الذي جعل حركات الإسلام الجهادي تفقد كثيراً من المؤيّدين، وتُعطي مناوئيهم السبب والذريعة لمحاصرتهم وضربهم وتضييق الخناق عليهم، وتحث خطاها نحو النهاية.

ربما أن ما اقترفه ابن لادن سواء في المملكة أو خارجها من أعمال إرهابية قد عَجّل من النهاية، إلا أن النهاية التي وصل إليها كانت في تقديري هي النهاية الطبيعية لمثل هذه التنظيمات الدموية. أن تُحارب العالم من أقصاه إلى أقصاه، وتضرب عرض الحائط بكل المثل والقيم الإنسانية المرعية، بما فيها قيم ومُثل الإسلام نفسه، فلا يمكن إلا أن تنتهي هذه النهاية. القاعدة تنظيم لم يستطع حتى المنتمون إليه، أو من كانوا يتعاطفون معه، أن يُبرروا جرائمه، مهما لووا أعناق النصوص، ومهما وظّفوا مقولات الفقهاء وتخريجاتهم لتطابق جرائمهم، فالإنسان بطبعه مع الاستقرار والأمن والسلام والعيش بطمأنينة، وعندما يتمرّد على هذه القيم فسوف يصل إلى ما وصلت إليه القاعدة. ومن يقرأ التاريخ بتمعن يجد أن مثل هذه الأفكار تنتشر فقط في فترات تاريخية معينة لدى الشعوب، تكون فيها المجتمعات التي تنتشر فيها مأزومة ومُحتَقِنَة، فتطفو مثل هذه الأفكار على السطح نتيجة لهذه الأزمة وهذا الاحتقان لأسباب طارئة وليست أصيلة، لكنها لا تلبث إلا وتنتهي ويعود الإنسان إلى البحث عن الطمأنينة والاستقرار والسلام.

أريدكم فقط أن تقرؤوا هذه الآية الكريمة ثم تتدبروا معناها: مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ ؛ هذا النص السماوي واضح العبارة، مباشر وقطعي الدلالة، وغير قابل للتأويل أو الاحتمالات أو اللف والدوران؛ ومع ذلك يجد من (فقهاء الإرهاب) من يعبث في مدلوله؛ إما بحصره في قضايا معينة دون غيرها، أو تفريغه من مدلولاته بإضافة اشتراطات تَصرِفهُ في النتيجة عن معناه، أو تفسيرات تجعله في المحصلة كأن لم يكن.. ليس هذا فحسب، وإنما اقرؤوا النص القرآني الثاني، الذي لا تعترف به - أيضاً - القاعدة، ولا تحسب له حساباً عندما تغتال وتقتل وتخطف وتفجّر في بلاد المسلمين كما يفعلون في بلادنا؛ يقول تعالى: {مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً}، فلم يجتمع في آيةٍ كلُّ هذا الكم من العقاب في الآخرة - (الخلود في النار، غضب الله، الطرد من رحمة الله، العذاب العظيم الذي ينتظره هذا المجرم عند لقائه) - مثلما اجتمع في هذه الآية، ومع ذلك لا يكترثون بها، ولا يلقون لها بالاً!

والسؤال الذي لا بد من طرحه: هل هؤلاء الذين لا يعترفون بهذه الآيات مسلمون؟ نعم، هم مسلمون أو بلغة أدق: يدّعون أنهم مسلمون والله أعلم بحالهم؛ ولكنهم محتقنون مأزومون، ومُعقدون؛ تلعب بهم الأهواء والأحقاد والاضطرابات النفسية، فيبدأ أحد فقهائهم في التلاعب والتحايل والتنصّل من هذه النصوص، فيجد في من حوله من هم على شاكلته، يؤازرونه، ويؤيّدونه، ويمتدحون تخريجاته وتأويلاته واختياراته وتطبيقاته؛ وربما اختار آراء فقهاء معينين عاشوا في أجواء - أيضاً- مُحتقنة، ومروا بأوضاع تاريخية أدّت بهم إلى التأزم والاضطراب النفسي، فتطابقت التفسيرات والتخريجات لتطابق البواعث النفسية والتاريخية بين هؤلاء وأولئك، فيجد فيها ما يُشفي غليله ويروي تعطشه للإرهاب وإراقة الدماء؛ ولأنها قديمة، والقديم مُعتبرٌ في ثقافتنا، فإنها تجد لها قبولاً لدى هؤلاء المأزومين، وبالذات من يتلمس له عذراً للهروب من مدلول هذه الآيات الواضحة وقطعية الدلالة.

غير أن الذي أنا مُتيقن منه أن هذه الفترة التي نمر بها، والتي علا فيها صوت الإرهاب والقتل وإراقة الدماء باسم الإسلام هي فترة (طارئة) وليست أصيلة لن تلبث إلا وتنتهي حتماً، ويبقى الدين القيم كما نزل على رسوله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يعبث به العابثون ويُحرّفه عن استقامته المأزومون.

إلى اللقاء

 

شيء من
نهاية الإرهاب حتمية
محمد بن عبد اللطيف ال الشيخ

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة