ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Friday 25/05/2012/2012 Issue 14484 14484 الجمعة 04 رجب 1433 العدد 

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

الأرقام والإحصاءات دائمـــاً تخــذلنا عندما نحاول أن نقلل من مظاهر إسراف ممقوتة في مناسبات باذخة ومخملية، وحتى على مستوى الأُسر متوسطة الدخل يحضر الإفراط والإسراف والتبذير كوسائل ممجوجة معبرة عن سوء تدبير أو تخطيط لمناسبات طارئة مثل الزواجات والعزايم؛ إذ تطل العيون شرهة ونهمة لتقديم عشرات الأصناف مما لذ وطاب من أطعمة لا يؤكل ربعها، وتأخذ الفضلات الكثيرة الباقية طريقها إلى صفائح الزبالة أعزكم الله. تبذير لا يجد الطريقة المثالية لمعالجة آثاره بسبب ضَعْف الأعمال التطوعية وتكاسل بعض الجهات المعنية في معالجة أسباب ونتائج سوء التدبير.

صُدمت بالمعلومات التي أدلى بها المدير التنفيذي بمؤسسة إطعام الخيرية بالخُبر، وتأكيده بالأرقام وجود فائض أغذية بالمنطقة الشرقية يتجاوز أربعة ملايين وجبة يومياً، يتم إتلافها في الحاويات دون أن تتم الاستفادة منها، وأن مؤسستهم تبذل جهوداً لتفعيل الدور التثقيفي. لم أتصور هذا الكم الهائل من الفائض في منطقة واحدة، إذن ماذا عن بقية مناطق المملكة، خاصة المدن الكبري مثل الرياض ومكة المكرمة وجدة؟ أربعة ملايين وجبة فائض الأطعمة في الشرقية في يوم واحد، وفي الشهر مئة وعشرون مليون وجبة، أي أن الإجمالي السنوي يصل إلى ما يقارب مليار ونصف المليار وجبة في الشرقية وحدها، ولو أضفنا لهذا العدد الفائض في بقية المناطق كم تتوقعون الرقم؟ في اعتقادي أنه لن يقل بحال عن عشرة مليارات. تصوروا هذا الرقم الضخم ثم انسخوا صور أُسر محتاجة في أذهانكم، وقارنوا لتعرفوا أننا نعيش حالات محزنة من سوء التخطيط، وأننا راسبون في تقدير الأرقام المطلوبة، ولا نملك القدرات الكافية لتأمين احتياجات المناسبات بدقة، وأننا نردِّد الآية الكريمة {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا}، دون أن ندرك مضامينها وتطبيقاتها العملية.

سوء التخطيط والتدبير والتعامل غير الدقيق مع لغات الأرقام والعادات الاجتماعية السيئة وحب الظهور وعشق المظاهر والتباهي أسباب لكوارث الإسراف والتبذير. قبل شهور عدة عرضت مواقع في الإنترنت صوراً محزنة ومخزية لمئات الأطنان من الأرز واللحوم مرمية على مساحات شاسعة وسط الصحراء، ربما تكفي لإعاشة قرية كاملة لمدة شهر على الأقل. للأسف يحدث هذا في وقت نشتكي ونتذمر فيه من ازدياد أعداد المحتاجين وارتفاع تكاليف المعيشة بسبب غلاء المواد الغذائية، ونتجاوز الدور الاجتماعي المطلوب لتحقيق التكافل بين الشرائح كافة، وهو دور غائب نسبياً؛ فلا تكاد تلحظ إلا اجتهادات من مؤسسات خيرية تعمل بجهود فردية في بعض المناطق، ولبعضها دور رائد مثل مؤسسة إطعام الخيرية في الخبر، وقد توجد مؤسسات مماثلة، لكن هذه المؤسسات وعملها التطوعي قد لا يتعدى إصلاح ما أفسده الناس، ويبقى أساس المشكلة دون حل بسبب الثقافة الاجتماعية المظهرية، التي قادتنا لخيبات محزنة، أي أن الأمور قد لا تستقيم حتى ولا بجهود مئات المؤسسات، طالما بقيت ثقافة سيئة تنخر في عقول الناس، لا تتصور نجاح الزواج إلا بوضع صحن عليه جمل وحوله عشرة خراف وعلى بقية الطاولات عشرات الذبائح، وما يردد من عبارات تعبِّر عن هذه الثقافة مثل “نحن لسنا أقل من غيرنا، وماذا ينقصنا وتبون تفشلوننا”.. وغيرها.

استئصال هذه الثقافة هو الحل، فهل تتوقعون أننا قادرون؟

shlash2010@hotmail.com
تويتر abdulrahman_15
 

مسارات
ملايين الوجبات في صفائح الزبالة
د. عبدالرحمن الشلاش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة