ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Friday 25/05/2012/2012 Issue 14484 14484 الجمعة 04 رجب 1433 العدد 

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

أفاق اسلامية

 

كلمة عظيمة من إمام عظيم
د. عبدالله بن عبدالرحمن الشثري

رجوع

 

قال مجاهد بن جبر، التابعي الجليل، الثقة الثبت، المفسر، في قوله تعالى: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} (74) سورة الفرقان، ((أئمة نقتدي بمن قبلنا، ونكون أئمة لمن بعدنا))، وفي رواية ((ويقتدى بنا من بعدنا)). أخرجه الطبري في التفسير، (17-533)، وابن أبي حاتم من طريقه بسند صحيح (8-2842)، وذكره ابن حجر في الفتح (13-251).

يعني أن الذين يَقتدِي بهم الناس من بعدهم، هم الذين كانوا يَقتدون بسلفهم الصالح من قبلهم، فالذي يسير في حياته على طريقة السلف، يستنير عقله بعقيدة الحق؛ لأنهم كانوا على الحق، وبذلك تتزكى نفسه بصفات الفضائل، وتستقيم أعماله على طريق الهدى، ويفتح الله له سبل العلم وطرق الفهم، فلا يواجه في حياته شبهة إلا دحضها بالحق، ولا يَرِدُ عليه باطل إلا رده بالدليل، لأنه ما من شبهة إلا وفي كتاب الله ما يردها، قال جل ذكره: {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} (33) سورة الفرقان.

فالذين أحدثوا في الدين ما لم يعرفه السلف الصالح لم يقتدوا بمن قبلهم، فليسوا أهلاً لأن يقتدي بهم من بعدهم، كحال الذين يسعون إلى تأويل النصوص وصرفها عن دلالتها، أو يسعون إلى تشكيك الناس في لزوم جماعة المسلمين ولزوم إمامهم، أو الذين يريدون تقديم آرائهم على حكم الشرع، ونحو ذلك من الأباطيل، فهؤلاء لا يستحقون أن يكونوا أئمة يقتدى بهم، بل الواجب مفارقتهم والتحذير من أفعالهم.

وكل من دعى إلى اتباع الكتاب والسنة والعمل بما فيهما كما فهمه السلف، فهذا من أئمة الهدى الذين قال الله فيهم: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} (73) سورة الأنبياء، وهم أحق بالاقتداء. وكل من اخترع وابتدع في الدين ما لم يعرفه السلف الصالح فقد دعى إلى ضلالة وهو ساقط عن رتبة الإمامة في الحق؛ لأن الله تعالى قال لأهل الشقاوة: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} (41) سورة القصص.

وبعض الناس اليوم أصبح إماماً في دعوة الناس إلى ما يخالف منهج السلف الصالح فحصل من دعوته شر عظيم وضلال كبير، فالواجب الحذر من هؤلاء، لأنهم دعاة إلى الفتنة التي حذر الله منها ومن أهلها، بقوله: {وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ} (49) سورة المائدة، وأصبح لهؤلاء اليوم مواقع وقنوات يبثون من خلالها ضلالاتهم وسمومهم.

وعلى كل مسلم أن يسلك منهج السلف الصالح في تعبده لربه في كل أحواله، ويحرص على حضور مجالس العلم التي تُذكره بآيات الله وأحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم، ما يصحح عقيدته، ويُزكي نفسه، ويُقوّم عمله، وليطبق ما يسمعه على نفسه، وليجاهدها في تنفيذه على ظاهره وباطنه، وليداوم على هذا حتى يبلغ إلى ما قُدر له من كمال فيه، فيرجع وهو قد صار قدوة لغيره في حاله وسلوكه.

وطلبة العلم الذين بذلوا أعمارهم في طلب العلم لدعوة الناس إلى الله هم المطالبون - على وجه الخصوص - بهذا السلوك، وهم المؤتمنون عليه، ليصلوا إلى الإمامة في الدين، وهداية الخلق إلى رب العالمين على أكمل وجه، ومن أقرب طريق.

اللهم وفقنا لسلوك الحق واتباع منهج السلف.

والله ولي التوفيق.

* وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

 

رجوع

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة