ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Sunday 27/05/2012/2012 Issue 14486 14486 الأحد 06 رجب 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

تشترك بعض الكائنات الحية وأخص الإنسان والحيوان والطيور، ربما الأشجار والنبات لا أدري، يشترك هؤلاء في خاصية العاطفة والإنفعال، فكلهم له مشاعر وأحاسيس، كلهم يخفق قلبه، وتتغير ملامحه، وتتفاعل فيه “ميكانزمات” الوجدان سلباً أو إيجاباً حسب المعطيات التي أدت إلى إثارة التفاعل والانفعال، كلهم له أساليبه المختلفة في التعبير عن هذه المشاعر والأحاسيس والعواطف والانفعالات، حتماً يختلفون في طريقة التعبير، لكن مضمون الأسلوب واحد في الغالب، فللفرح أساليبه التي تختلف تماماً عن أساليب الخزن وهكذا بقية العواطف والانفعالات الأخرى.

ويعد الإنسان أنضج هذه الكائنات الحية وأكثرها قدرة على التعبير المعنوي والمادي عن عواطفه وانفعالاته وترجمتها بأساليب تتوافق مع طبيعة الانفعال وشدته، والمختصون في علم النفس يدركون أهمية هذه العملية، ويعدونها مفصلية في تحديد نوع السلوك الذي ينزع إليه الإنسان، وذلك بناء على المثيرات التي يتعرض لها في المواقف الحياتية المختلفة، ومستوى إدراكه وفهمه لها، واستيعابه لما يترتب عليها من سلوكات تأتي استجابة للمثير الذي أوقد الوجدان ودفعه إلى نزوع معين.

وعلى الرغم من أهمية الوجدان في تحديد نوع السلوك الذي سوف ينزع إليه الإنسان وهو أي السلوك غالباً ما يكون متوافقاً مع طبيعة الوجدان ملبياً له، إلا أن الأهم من الوجدان، المحتوى المعرفي الذي يلعب الدور الرئيس في استثارة الوجدان، ومدى استيعاب الإنسان لهذا المحتوى المعرفي وفهمه وإدراكه، وهنا مربط الفرس، هنا المنبع الذي يتحكم في الوجدان ويرسم ملامحه، ويحدد طبيعته.

إن المحتوى المعرفي الذي يتزود به الإنسان منذ بدء تكوينه العقلي، يعد المكون الأهم في بناء شخصية الإنسان، والمدخل الأخطر في مدى توازن شخصيته وسوائها وتكاملها، وحيث إن الناس يتفاوتون فيما بينهم، ويتفوقون على بعضهم، بناء على مدى كمال المكون المعرفي ونضجه، فمن هنا يكتسب هذا المكون أهمية خاصة توجب العناية به، والحرص على صفاء مصادره، ونقاء محتواه المعرفي من أوجه الشطط والتطرف، ومن النقص والضعف الذي يسهل تمرير الأفكار الفاسدة التي تقود إلى انحرافات سلوكية خطيرة.

يعتمد كمال التكوين العقلي على كمال المحتوى المعرفي، كمال الكم أي أن يتغذى العقل بالمعرفة التي يفترض أن يحصل عليها وفق المراحل الزمنة للنمو، وكمال الصفة أي أن يتسم المحتوى المعرفي بمقومات القبول من حيث الاعتدال والوسطية، وتتجلى قيمة الكمال في الدور الذي يعكسه على توازن الشخص واتزانه، وثبات مواقفه، ومقاومته لأساليب التضليل والاستهواء التي تحرفه عن طريق السواء والاستقامة الفكرية والسلوكية.

إن المتتبع للمتقلبين فكرياً وسلوكياً يجدهم في الأساس يعانون من تشوه في المحتوى المعرفي الذي تلقوه خلال مراحل التكوين، أو من نقص في هذا المحتوى، وهذا يسهل عملية السيطرة على الوجدان، وبالتالي توجيه الشخص إلى أنماط فكرية وسلوكية منحرفة، تتبعوا حال أولئك الذين كانوا بالأمس يتصدرون قوائم التشدد والتشنج في المواقف تجدونهم اليوم خارج هذا الإطار تماماً بسبب هشاشة المحتوى المعرفي الذي تلقوه في السابق.

 

أما بعد
المضطربون وجدانياً
د. عبد الله المعيلي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة