ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Monday 28/05/2012/2012 Issue 14487 14487 الأثنين 07 رجب 1433 العدد 

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

أصبحت جماعة الإخوان المسلمين في مصر قاب قوسين أو أدنى من تبوء كرسي السلطة في مصر، ولم يعد أمامهم إلا أحد رموز النظام القديم، والذي رفع صعود أسهمه في الانتخابات الرئاسية أكثر من علامة استفهام، وهو ما يعني أن النظام السابق لا يزال يتمتع بنشاطه داخل الدولة، لكن حسب الاستطلاعات الإعلامية في مصر، لن يصمد أحمد شفيق أمام المد الإخواني، والذين أجادوا في العمل المدني خلال الثلاثين السنة الماضية، وعندما حان وقت الحصاد، فازوا بالأغلبية البرلمانية، وفي طريقهم لكسب الانتخابات الرئاسية.

في نجاحهم السياسي الأخير الرد القاسي والبليغ على الجهادي القاعدي أيمن الظواهري، والذي وصف تجربة الإخوان بالحصاد المر خلال ستين عاماً، وكان الظواهري قد فصّل في كتابه أوجه الاختلاف بين الإخوان وجماعة الجهاد، أو كما يعتبرها مواطن الخلل والانحراف لدى الإخوان في مفهوم الحكم والحاكمية والموقف من الحكومات والأنظمة السياسية القائمة في العالم الإسلامي، ومن الديمقراطية والتعامل مع الانتخابات النيابية والمنافسة السلمية على تداول السلطة والمشاركة فيها وفق قواعد الأنظمة الديمقراطية ومبادئها، والحكام والأحزاب والمنظمات السياسية غير الدينية، كالعلمانية والليبرالية والقومية والوطنية وغيرها من الاتجاهات والأفكار القائمة في العالم الإسلامي.

تطرق أيمن الظواهري في كتابه إلى أن مسائل الحكم بغير ما أنزل الله يدخل فيها قبول مبدأ الديمقراطية، وأنها ليست من مسائل الفروع التي يسوغ فيها الاختلاف الفقهي، بل إن رفضها من أصول الإيمان، وأنها متعلقة بأصل أصول الإيمان، وهو عقيدة التوحيد، ويعرض في الكتاب مواقف الإخوان المؤيدة للدستور والديمقراطية، ورفضهم للعنف وقبولهم بالأحزاب العلمانية وغير الإسلامية، ومشاركتهم في عمليات تداول السلطة والتنافس عليها سلميا، وقبولهم بالقوانين والأنظمة والتشريعات القائمة في مصر والعالم الإسلامي، على أنها ثغرات وسقطات في تاريخ الإخوان المسلمين.

يقدم الظواهري مفهوم السياسة من خلال منظور حدي، فإما أن يكون الحكم بما أنزل الله حسب ما يعتقده، فيصدق بذلك قول لا إله إلا الله، وإما أن يكون بغير ما أنزل الله، فيكون من يقبل بشركاء في الحكم مثل وجود الأحزاب المتعددة في البرلمان، قد اتخذ آلهة أخرى من دون الله، وهو منطق غريب، لا يفرق بين العقيدة وبين أساليب الإدارة المدنية المختلفة، والحكم لله وحده حسب الظواهري يعني اصطفاء القلة المؤمنة بالحكم، لقوله تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ}، وقوله: {وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً}، وهو بذلك نصب نفسه في موقع القدسية التي تحكم الناس، أما من يحدد شرعية هذه القلة فهو حد السيف والقنابل المتفجرة والسيارات المفخخة، ولا يوضح الظواهري المعنى المقصود بالحكم، فالحكم حسب مفهومه قد يشمل التحكم بالعلم واحتكار القيادة السياسية والإدارية والقضاء والتشريع، وجمود تشريعات التجارة والاقتصاد والعلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية، ورفض ما يستجد في التاريخ الإنساني في الإدارة والتشريعات والقوانين.

يدعو الظواهري إلى حكم ثيوقراطي تحتكره قلة تعتقد بأنها المخولة بالتوقيع باسم الله على الأرض، أي وكلاء لله جلَّ جلاله في السيطرة والحكم واحتكار كل شيء، ولو درسنا مرجعية الحركات السياسية الجهادية لوجدناها خرجت من ثنائية العقيدة السلفية وحركية العمل الإخواني السياسي، لكنها تفجرت وأصبحت تعمل من خلال العنف السياسي في أفغانستان لأسباب لها علاقة تاريخية بالحرب الدولية ضد الشيوعية، لكنها بدلاً من أن تعود إلى قواعدها العقدية آمنة، اختارت أن تستمر في الحرب والاغتيالات والتفجيرات من أجل تطبيق حاكمية الله عزَّ وجلَّ، ومن خلال هذه الرؤية الشاذة جداً، لن يكون لهذه الفئة مستقبل في بلاد المسلمين، لأسباب له علاقة بمتطلبات الأجيال الجديدة، والتي تبحث عن الأمن الاجتماعي والرفاهية والتعليم والصحة، وترفض أساليب القتال والعنف من أجل الحصول على شرعية الحكم السياسي.

كسب الإخوان المسالمون جولتهم مع تيارات العنف لأنهم اختاروا السلام والحراك المدني للعمل السياسي، وأثبتوا أن الحصاد المر هو نتاج أولئك الذين لا يترددون في قتل الأبرياء في المجمعات السكنية، ثم تبرير فعلتهم على أنها عمل ضد أعداء الله، وفي هذه المرحلة ومهما اختلفنا مع الإخوان، نحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى الترحيب بالحركات الإسلامية التي وافقت على الدخول في العمل السياسي السلمي والمدني، وقبول مبدأ تداول السلطة، وإذا أثبتوا جدارتهم في تلبية مطالب الشعب المصري، سنذكر لهم ذلك، وسنشد على أيديهم من أجل مستقبل أكثر أمناً وسلاماً والله الموفق.

 

بين الكلمات
الإخوان في موسم الحصاد..
عبدالعزيز السماري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة