ارسل ملاحظاتك حول موقعنا   Wednesday 30/05/2012/2012 Issue 14489  14489 الاربعاء 09 رجب 1433 العدد  

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

عزيزتـي الجزيرة

 

د. النجيمي ردًّا على مقال سمر عن النقاب:
لا دليل لديك.. وأين مراجعك المزعومة؟ أم هي المشاغبة وذر الرماد في العيون؟ 2-2

رجوع

 

وحديث المغيرة بن شعبة لما أمره أن ينظر لوجه المخطوبة وكره أبواها ذلك والقصة معروفة. فالنساء كن لا ينكشفن. وحديث عائشة لما تنقبت وتنكرت وقد جاءت لتنظر لصفية فعرفها النبي صلى الله عليه وسلم. وفاطمة عرفها ولم يعرفها الرجال لما رجعت من الجنازة. فالرجال لم يعرفوها وعرفها رسول الله؛ لأنها ابنته، وهذا دليل على النقاب وغطاء الوجه. وحديث المغيرة في الاختباء لرؤية المخطوبة، ولو كان الوجه مكشوفاً في زمانهم لماذا يختبئ.

قال ابن رسلان الشافعي: اتفق المسلمون على منع النساء من الخروج سافرات. وقال ابن حجر شيئاً مثله: إن النساء كن يخرجن منتقبات...

قالت سمر: «ولو عدنا إلى أيام ليست ببعيدة فإن النقاب لم يظهر في مجتمعنا إلا في العشرين سنة الماضية، والنساء الكبيرات ومنهن لا زلن على قيد الحياة، لم يرتدنه ولم يعرفنه، وأتذكر جيداً وأنا طفلة حين أذهب مع والدتي إلى الأسواق أنني لم أرَ في ذلك الوقت امرأة واحدة ترتدي النقاب»! وهنا سؤالي: هل كل تلك النساء على باطل؟

صدقت، كان نساء حاضرة نجد يغطين الوجه ولا يتبرقعن خلاف نساء البادية كن منتقبات، لكن السؤال هنا: هل كن يكشفن الوجوه؟ وهذا ما تهربت منه، وأتحدى أن توجد نجدية واحدة كشفت وجهها.

قالت سمر: «إن ظهور النقاب في وقتنا الحاضر - بحسب المؤرخين - ظهر في مصر مع نهاية التسعينيات، وتوسع حركة الإخوان المسلمين، فكان النقاب آنذاك تمييزًا للمرأة المنتمية لهذه الحركة؛ وذلك لأن معظم نساء مصر قد تشكل لديهن الوعي بالحجاب فارتدينه بما يغطي الشعر دون الوجه».

الجواب: إليك هذا الأثر: تفسير ابن زمنين ج3-ص412 عن قتادة عن أنس بن مالك أن عمر بن الخطاب رأى أَمَة عليها قناع فعلاها بالدرة. وفي رواية أمة منتقبة، وقال لها ألقي القناع. وفي الطبقات الكبرى ج8-ص176 قال: كان رجل من المنافقين يتعرض لنساء المؤمنين يؤذيهن، فإذا قيل له قال كنت أحسبها أمة، فأمرهن الله تعالى أن يخالفن زي الإماء ويدنين عليهن من جلابيبهن تخمر وجهها إلا إحدى عينَيْها، ذلك أدنى أن يعرفن. يقول ذلك أحرى أن يعرفن. بل كان الرجال كذلك يتقنعون، كما في تاريخ اليعقوبي ج1-ص271: «وكانت العرب تحضر سوق عكاظ وعلى وجوهها البراقع، فيقال إن أول عربي كشف قناعه ظريف بن غنم العنبري ففعلت العرب مثل فعله».

وفي حديث دخول النبي على فاطمة وعليّ في الصحيح، وفيه فأدخلت رأسها في اللفاع حياء من أبيها. واللفاع هو النقاب. ولما كشفت نائلة شعرها لما ضربوا عثمان فقال لها خذي خمارك فلعمري لدخولهم عليّ أعظم من حرمة شعرك. وهناك قصة الرجل الذي شكته امرأته بخمسمائة دينار صداقها فقال لها القاضي اكشفي وجهك فرفضت، وقال الزوج لا تفعلوا هي صادقة. فقد غار على وجه امرأته، ولما رأت غيرته عليها وبينهما نزاع قالت للقاضي هو في حل من صداقي في الدنيا والآخرة. يا ليتك..... قال القاضي يكتب هذا في مكارم الأخلاق. وقديماً أنقذت المرأة بخصلة شعرها مصر من الصليبيين فهمَّ صلاح الدين وأسد الدين شريكوه لنجدة النساء، بخصلة شعر أُنقذت مصر من الصليبيين، وامرأة بوجه مفتون مكشوف قد تضل بنات المسلمين، وستضيع بلاد المسلمين وشريعة المسلمين، يا للعار. فخصلة شعر المرأة قديماً خير من وجه مكشوف.

قالت سمر: «ما أردته يا فضيلة الشيخ - وأنت من أنت عَلَماً وأدباً وتواضعاً - ويا أيها العقلاء من رأيي في النقاب، أنه ليس فريضة، وأن الحجاب اختلف الفقهاء حول شكله، أما أصحاب المذاهب الأربعة الذين نأخذ بهم نحن أهل السنة والجماعة فقد اتفق ثلاثة منهم على أن وجه المرأة ليس بعورة، وخالفهم الإمام أحمد بن حنبل الذي رأى أن المرأة كلها عورة».

الجواب أقول: المذاهب مذهبها في النقاب وغطاء الوجه كالآتي:

1- الحنفية في المذهب يجوز كشف الوجه واليدين عند متقدمي المذهب إذا أَمِنت الفتنة، كما في الفتاوى الهندية، أما متأخرو المذهب فمنعوا ذلك لانتشار الفساد.

قال ابن عابدين: تُمنع المرأة الشابة من كشف الوجه بين رجال. رد المحتار1-272. وقال أيضاً: تُمنع من الكشف لخوف أن يرى الرجال وجهها فتقع الفتنة؛ لأنه مع الكشف قد يقع النظر إليها بشهوة الفتنة. حاشية ابن عابدين ج1-ص406. وقال زين الدين الحنفي في البحر الرائق ج2-ص381 وفي فتاوى قاضيخان: «وَدَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ على أنها لَا تَكْشِفُ وَجْهَهَا لِلْأَجَانِبِ من غَيْرِ ضَرُورَةٍ. وهو يَدُلُّ على أَنَّ هذا الْإِرْخَاءَ عِنْدَ الْإِمْكَانِ وَوُجُودِ الْأَجَانِبِ وَاجِبٌ عليها». وقال في حاشية ابن عابدين ج2-ص528: وأما عند وجودهم فالإرخاء واجب عليها. وقال الكشميري: ويجوز الكشف عند الأمن عن الفتنة على المذهب، وأفتى المتأخرون بسترها لسوء الحال. وقال في المنتقى : «وتُمنع الشابة من كشف وجهها.. وفي زماننا المنع واجبٌ بل فرض لغلبة الفساد». والفرض عندهم أعلى من الواجب. بل جعل البيانوني المرأة كلها عورة، وقال هذا المعتمد، ولو كانت عجوزاً شوهاء.

2- المذهب المالكي: أن كشف الوجه مقيَّد بأمن الفتنة، قال الآبي الأزهري: فإن خيف الفتنة قال ابن مرزوق: مشهور المذهب وجوب سترهما، أي الوجه والكفين. وقال الدردير: وإن وجب عليها سترهما لخوف الفتنة. والوجوب في ستر الواجب مشهور المذهب كما قال الصاوي. وقال القاضي ابن العربي: المرأة كلها عورة؛ فلا يجوز كشف ذلك إلا لضرورة أو حاجة كالشهادة أو داء ببدنها. وقال في حديث الحج: لأن ستر وجهها بالبرقع واجبٌ إلا في الحج. وقال الدسوقي: إذا علمت أو ظنت الفتنة بها كان سترها واجباً. وقال في الذخيرة (الذخيرة ج10-ص84): وإذا احتاج إلى كشف وجه المرأة كُشف بين يدي العدول من أصحابه، وأُمر بنحي الخصوم ومن على رأسه إن كان آمنه.

3- المذهب الشافعي: كشف الوجه له حالات ثلاث في المذهب: الأولى يحرَّم إجماعاً عند خوف الفتنة والاختلاء بها، ويجب تغطيته. الثانية: أن يؤدي كشف الوجه للنظر لها بشهوة مع أمن الفتنة فيجب تغطية الوجه وستر الوجه ومن قدمها لرأسها. الثالثة: أن تنتفي الفتنة ويؤمن النظر بشهوة ففيها قولان: أ-لا يجوز كشف الوجه ولو من غير مشتهاة على الصحيح من المذهب، قاله النووي في المنهاج والإصطخري والطبري وأبو محمد الجويني والشيرازي والروياني؛ لأن المسلمين اتفقوا على منع خروج النساء سافرات كاشفات للوجوه، وهو اللائق بمحاسن الشريعة. وقال السبكي: الأقرب لفعل الأصحاب أن وجهها وكفيها عورة. ب- لا يحرم عند أمن الفتنة وأمن الشهوة وهو قول الأكثرين. وقال البلقيني والفتوى على ما جاء في المنهاج من الحرمة مطلقاً، والراجح القول الأول. ورجح الغزالي في الإحياء: كشف وجه المرأة للأجنبي حرامٌ، ونهي الأجنبية عنه واجب. وقال الشرواني: ومتى تحققت من نظر أجنبي لها وجب ستر وجهها عنه، وإلا كانت معينة له على حرام فتأثم.

4- المذهب الحنبلي: قال ابن تيمية كشف المرأة وجهها بحيث يراها الأجانب حرامٌ. وقاله ابن القيم، ونقل أبو طالب أن ظفرها عورة. وقال المرداوي: والصحيح من المذهب أن الوجه ليس بعورة. وقيل المرأة كلها عورة.

الخلاصة:

أن المذاهب الأربعة اتفقت على تغطية الوجه والكفين، وأنه واجب عند الفتنة وفساد الزمان. والوجه مجمع المحاسن ومظهر الجمال.

إن المرأة بالإجماع مأمورة بستر الوجه عن نظر الأجانب، قال ابن حجر في فتح الباري ج3-ص406: وقال ابن المنذر: أجمعوا على أن المرأة تلبس المخيط كله والخفاف، وأن لها أن تغطي رأسها وتستر شعرها إلا وجهها فتسدل عليه الثوب سدلاً خفيفاً تستتر به عن نظر الرجال، ولا تخمره إلا ما روي عن فاطمة بنت المنذر قالت: كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات مع أسماء بنت أبي بكر، تعني جدتها. قال: ويحتمل أن يكون ذلك التخمير سدلاً كما جاء عن عائشة قالت: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر بنا ركب سدلنا الثوب على وجوهنا ونحن محرمات، فإذا جاوزنا رفعناه. انتهى. قال ابن تيمية: كانت سُنّة المؤمنين في زمن النبي أن الحُرَّة تحتجب، والأَمَة تبرز. مجموع الفتاوى ج15-ص372

قالت سمر: «وحسب علمي فإنه في المسائل الخلافية لا يجوز الإنكار!».

الجواب: قال أبو عمر بن عبد البر: الاختلاف ليس بحجة عند أحد علمته من فقهاء الأمة إلا من لا بصر له ولا معرفة عنده ولا حجة في قوله. جامع بيان العلم. وفي الأحكام الشرعية الكبرى ج4-ص536 عن عائشة قالت: سمعت رسول الله يقول «لا يذهب الليل والنهار حتى تُعبد اللات والعزى» فقلت يا رسول الله إن كنت لأظن حين أنزل الله عز وجل {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون} أن ذلك تام. قال «إنه سيكون من ذلك ما شاء الله، ثم يبعث الله ريحاً طيبة فتوفى كل مَنْ في قلبه مثقال حَبَّة من خردل من إيمان؛ فيبقى من لا خير فيه؛ فيرجعون إلى دين آبائهم».

وأقول: بل يجب الإنكار في الخلافيات إن كان الخلاف عن هوى، ولا دليل عليه، ولا يجب في حالة واحدة: إن كانت من مسائل الاجتهاد المحضة، والأقوال فيها اجتهاد، أما مع وجود الأدلة فلا.

قالت سمر: «ثمة ما أردتُ الإشارة إليه، وهو أن كلمة (حرق) أتت رمزية ردًّا على سؤال تم توجيهه لي منذ سبع سنوات في إحدى المقابلات، هذا نصه: (المرأة الكويتية والبحرينية حرقت العباءة فمتى تحرقها المرأة السعودية؟)، فأجبت بأن النقاب هو الأولى بهذا».

بعدما سبق من ذكر أقوال المذاهب الأربعة تبيَّن أن النقاب من شعائر الدين، ومن سُنَّة المؤمنين منذ زمن النبي صلى الله عليه وسلم حتى يومنا هذا.

قالت: «وهو يختلف عن غطاء الوجه الذي اختلف حوله الفقهاء».

أقول: الفقهاء لم يختلفوا في مشروعية ستر وجه المرأة بل وجوبه عند الفتنة بأي شيء، بنقاب أو بغيره، بالجلباب، المهم أن وجوب ستر الوجه واردٌ عندهم عند الفتنة.

قالت: «لكنني في الوقت ذاته أقول رأيي، وهو يمثلني شخصيًا، ولا أفرضه على أحد، بأن المرأة من حقها أن تختار كشف الوجه أو تغطيته طالما لم تتجاوز معايير الحشمة».

أقول: هذا غير صحيح، ليس للمرأة أن تختار كشف الوجه أو تغطيته، بل يجب عليها عند الفتنة ستر وجهها وتغطيته كما سبق».

قالت سمر: «في الوقت ذاته أرفض من يجبر المرأة على خلع الحجاب؛ فالمبدأ - من وجهة نظري - هو ترك المرأة تختار بنفسها طالما لم تخرج عن الثوابت الدينية. وهنا أؤكد أن عزتي بديني الذي تقوم عليه هذه الدولة».

أقول: «والدولة اختارت الفتوى بوجوب ستر الوجه فما رأيك؟ فالواجب على المواطنة المخلصة طاعة ولي الأمر من العلماء والأمراء».

قالت سمر: «وإنني لستُ من المعجبين بالتحرر خارج نطاق الدين، إلا أنني في الوقت ذاته ضد التشدد الذي لا يخفى على فضيلته ولا على غيره إلى أين وصل بنا، ونحن نتجرع مرارة الإرهاب الدخيل على مجتمعنا».

الجواب: «الإرهاب هل هو في تغطية الوجه واختيار القول بوجوب النقاب أو ستر الوجه؟ هل هذا هو السبب في الإرهاب؟

فهل اختيار قول فقهي عليه الجمهور يكون إرهاباً وتشدداً؟ أليس القول بالوجوب موجوداً عند الفقهاء؟ فلماذا أحد القولين إرهاب والثاني ليس؟.. بارك الله فيك وهداك للخير والحق.

أ. د. محمد بن يحيى النجيمي

 

رجوع

طباعة حفظ ارسل هذا الخبر لصديقك  

 
 
 
للاتصال بنا خدمات الجزيرة جريدتي الأرشيف جوال الجزيرة السوق المفتوح الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة