ارسل ملاحظاتك حول موقعنا   Friday 01/06/2012/2012 Issue 14491  14491 الجمعة 11 رجب 1433 العدد  

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

إذا كانت الطفولة هي بذرة الإنسانية.. فكيف لهذه البذرة أن تنبتَ وتنضجَ وتُثمِرَ في ظلِ عالمٍ يموج بالفوضى.. وزخم الاضطرابات السياسية والصراعات الطائفية وتراجع القيم والمبادئ لصالح المكاسب والمصالح التي لا تنتهي؟ وكيف لنفسٍ عذبة كعذوبة صباحات الربيع لا ترى من روح الطفولة إلا عذاباتها؟ طفولة أُجْبِرت على نسيان البراءة... ففقدت نَزَقَ الحياة وروعتها.. أتعبها الفقر والجوع وهددها الضياع فحملت ثقل الحياة على ظهرِها النحيل وتشردت في متاهات الأرض تموج

في عوالمها المجهولة.. تختارُ العراءَ منفى لها ليشاطرها البؤسَ والحرمان!! تروي أحلامها لعالمٍ أصم فتموت تلك الأحلامُ والأماني الجميلة كما تموتُ راحتُها وحقوقُها لأن البشرية لم تكن مخلصة في تطبيق بنودِ اللوائح والمعاهدات الدولية بحق ملائكة الأرض وبهجة الحياة.

فإذا كان الأطفال هم نبض المجتمع وثمرة الغد وأمل المستقبل.. وبنضجهم وتقدمِهم ونجاحِهم يقاس تقدمُ الأمم ونجاحُها.. إلا أنه ومن المفارقات العجيبة في هذا الزمن المشحون بالتحديات والمتغيرات الدراماتيكية والتي لم يكن الأطفال في يومٍ من الأيام طرفاً فيها نجد أن الجرائم التي تُرتكب بحقهم والأثمان الباهظة التي يدفعونها من أجسادهم الغضة الندية هي محصلة تهتز لها المشاعر الإنسانية!! فهل يستيقظ الضمير العالمي قبل أن يُسجلَ ذلك وصمة عارٍ في جبينه؟

في مناطق ظلال العالم المعتمة... يعيش ملايين الأطفال من ضحايا الكوارث الاجتماعية والاقتصادية والسياسية... أطفال أغمِضت عنهم الأعين فمشوا على مساكب الشوك وتوغلوا في دروب الحرمان.. وَجَعَهُم بليدُ الأمل المشبع باليأس والتشرد تتقاذفهم أرصفة الشوارع فيقعون بين أنياب الفقر والعوز والحاجة... أو تفترسهم مخالبُ العمالة الرخيصة فتنهش أجسادهم الطرية وتنتهك طفولتهم البريئة.. ليس هذا فقط بل هناك معاناة ملايين الأطفال في مناطق الصراعات المسلحة والحروب والصراعات بين الدول.. وما بين الواقع الصعب والمستقبل المجهول نُصدَم بكمٍ هائل من أطفالٍ لا يحملون من الطفولة سوى اسمها.. فإذا كان الشارع يمثل إرثاً لملايين البشر فهو رمز لمجتمعٍ يُمثلُ محنة وآلام وعذاب أطفالٍ هم من ضحايا الكوارث باختلاف أنواعها.. فهل يتحرك الحس الإنساني ويستشعر الضمير العالمي؟

في هذا الزمن أصبحت كلمة الطفولة كلمة جوفاء ووعداً منكوصاً به.. وباتت الفجوة بين الطفولة المهددة والطفولة المثالية واسعة لا يمكن ردمُها إلا بأن يجدد العالم التزامه بمسؤولياته تجاه الطفولة وحقوقها المهدرة.. فطفولة الملايين لا تتوافق مع الرؤية القوية لحقوق الطفل التي حددتها اتفاقيات حقوق الطفل الصادرة من {منظمة اليونيسف} والمعززة بوثيقة تنص على نتبنى جميعاً أن يكون هناك {عالمٌ جديرٌ بالأطفال} بل إنها في حقيقة الأمر تتباين تبايناً صارخاً مع طفولة يعيشها معظم أطفال العالم على أرض الواقع من فقر وجوع يقوض بيئتهم الأسرية والمجتمعية... إلى استغلال وإساءة وعنف وتحرشات واعتداءات جنسية انتهاءً بالضياع والتشرد... ناهيك عن ضحايا النزاعات المسلحة ومآسي الحروب وما تخلفه من تيتم أو إصابة بعاهات مستديمة أو النزوح والعيش في مخيمات تفتقر لأبسط مقومات الحياة.

فإذا كان تطور فلسفة حقوق الطفل تأتي ضمن اهتمام عالمي واسع من خلال وثيقة دولية تختص بالطفل وحقوقه وحمايته والدفاع عنه أصدرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1959م إلا أن الدور الذي تلعبه الهيئات والمنظمات والتي أخذت على عاتقها عقد المؤتمرات وصياغة بنود الاتفاقيات الخاصة بقضايا الطفولة وما يتعرض له الطفل من مخاطر تهدد حياته لا زال دوراً ضئيلاً. يبقى أن أطرح تساؤلاً: هل من حلولٍ جذرية وأكثر واقعية لمعضلات أطفال العالم القائمة والمزمنة بديلاً عن كل ما يُوقع عليه من اتفاقيات بحق الطفولة وقضاياها والتي هي في نهاية الأمر مجرد حبرٍ على ورق؟

zakia-hj@hotmail.com
 

عود على بدء
مابين الواقع الصعب والمستقبل المجهول..تبقى الطفولةُ إسماً فقط !!!
زكية إبراهيم الحجي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعة حفظ ارسل هذا الخبر لصديقك  

 
 
 
للاتصال بنا خدمات الجزيرة جريدتي الأرشيف جوال الجزيرة السوق المفتوح الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة