ارسل ملاحظاتك حول موقعنا   Friday 01/06/2012/2012 Issue 14491  14491 الجمعة 11 رجب 1433 العدد  

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الثقافية

 

(عدالة حذاء)

رجوع

 

قاعة المحكمة تنزف سكونا يمتطي هامات الرجال.. والناس يحدقون في منصة ذات هيبة يعتليها قاض ومساعداه.. وطاولة خشبية تحمل أوراق منسقة بشكل تهذيبي، تضم شعارات توحي بالعدالة.. والتوتر طقس حاد يرجم بعنف.. لا يسمع سوى صوت زفير هنا، أو تأفف هناك. أحدهم بدأ يخالج هاتفه النقال في حذر شديد.. إلتفت إليه المجاورون.. أحرج من صنيعه، وعلى الفور أنهى مكالمته.. واعتدل ينظر أمامه.. كمسافر يتأمل مفارق الطرق. دخل صاحب القضية، وطرق نعاله ينفث في الآذان زخما من العلو.. فهيبته المرموقة ترسم نسقا متزنا، هاهو الرجل الذي لم يدخل محكمة برأس ويخرج بغيره.. كل الحيثيات والبراهين تأسر خصومه للخنوع ولو بعد حين. تمعن أحدهم في الرجل،وتبسم ثم ضحك.. فسعد صاحب القضية وابتسم في رضاء تام، ولم يدر بخلده أن الإبتسامه ستكلفه الكثير، وعلى الجانب الآخر من القاعة ضحك آخرون.. فنظر إليهم، وتبسم بإحراج.. لكن الأمر تفاقم.. وأوغلت المحكمة الهادئة في ضجيج ضاحك.. والناس ينظرون ويضحكون.. وأيديهم على بطونهم و أفواههم، وأوداج الرجل تضخ الدم في وجهه حتى اصفر واحمر.. لابد وأن هناك شيئاً ما. ثم في حركة صبيانية أخذ يتفقد هيئته وهندامه.. ليس هناك ما يدعو للضحك.. أهم يحقروني؟.. أم يناصروني!؟ لا.. الوضع مزرٍ.. والموقف يحتاج لدراية.. كيف ذلك؟ نظرة أخيرة على مظهري.. هل شاربي غير مهذب؟ أم ذقني بها عوالق؟... بعد مكابدة.. وطول تأمل، بل طول مكوث عرضة للضحك الساخر!! ها أنا أقف بقامتي الفرعاء أمام الناس كعنزة هرمة!! نعم إنها هذه الحذاء المشؤومة.. ذات الرأس المدبب المعقوف للأعلى والملتف حول نفسه عدد من الطيات.. كظلف العنزة البلهاء. جلبتها قبل ست سنوات لعرضها تحفة عندي في المنزل.. وها هي تعرضني منظراً مخجلاً في المحكمة وأمام الملأ!!

قصة ساعد الخميسي

 

رجوع

طباعة حفظ ارسل هذا الخبر لصديقك  

 
 
 
للاتصال بنا خدمات الجزيرة جريدتي الأرشيف جوال الجزيرة السوق المفتوح الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة