ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Tuesday 05/06/2012/2012 Issue 14495 14495 الثلاثاء 15 رجب 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

الكأس امتلأت، حتى فاضت، وتكاد تتحوّل طوفاناً يُغرق المنطقة بأسرها.

الشعب السوري استثمر كل ما لديه من رصيد الصبر والدموع والدماء والتحمّل والخنوع والقبول والمُخاتلة،

واللعب في الوقت الضائع. وحين تيقّن أن وجوده صار فضيحة، بل عاراً، يُمكن أن يُلحق أضراراً مُفزعة بيقينية أن الله تعالى خلق الإنسان خليفة له في الأرض، انتفض. وما جرى ويجري اليوم، يتجاوز اليومي إلى التاريخي.

النظام العلوي في سورية “يحكم” بلداً افتراضياً، مُتخيّلاً، غادره شعبه منذ زمن بعيد. الشعب السوري الذي أسقط قلب وعقل مشروع ولاية الفقيه الفارسي في المنطقة، قبل أكثر من سنة، غيّر عاداته وطقوسه، وسبل عيشه، وفكرته عن الذات والآخر، وهندسة خياله، وحتى وصفات الطبخ التي تصنع مذاق ألسنته.

ما كان خطاباً جماهيرياً، قبل أكثر من أربعة عقود، أو عدة أشهر، أو يوم واحد، لم يعُدْ مُقنعاً حتى لشخص دفعت به ظروف العيش إلى حافّة الأمية، فكيف بمن صار بكبسة زرّ ٍ يستطيع أن يُحضر جزءاً من العالم إلى غرفة نومه.

لقد بيّنت الوقائع التي شهدتها سورية، منذ أكثر من عام، أن الشعب السوري وقع، طيلة أربعة عقود مضت، في قبضة نظام متعصّب مُتخلف، مُتعطّش للدم، يُمارس وحشيته المذهبية بطرق بدائية، وُفق مفهوم قديم وبالٍ للسلطة، لا يتخطى حدود القمع البربري المباشر، وبأدوات أقل ما يُقال عنها إنها تنتمي إلى عصور ما قبل اكتشاف الإنسان لنفسه.

لقد اتسع الوقت أمام النظام العلوي الباطني الخرف، للعبث بمفهوم المواطنة، حيث سمح ذلك المفهوم المرن والمطاطي، بأن يكون الذلّ والإكراه والاغتصاب والتعذيب والتجويع، وصولاً إلى العبودية، نوعاً من وصف تجليات المواطنة، في مبادىء الملّة العلوية، التي لن تستطيع أن تقتل إلى الأخير، ولن تستطيع أن تستمر في القتل و”التطهير” المذهبي المتوحش إلى الأبد. في لحظة ما، لا بدّ أن تتوقف، رغماً عنها.عندئذ تكون اللعبة انقلبت عليها. عندئذ لا يبقى محلٌّ لقوّتها. ولا بد لها من التراجع أمام الناس، الذين ينجحون، يوماً بعد يوم، في تفكيك سلطتها الجبانة الحاقدة، ويُعرّون، أيضاً، انفرادها وعزلتها ومافياويتها.

يضحك بشار الأسد، رأس النظام العلوي، القرو وسطي، فتظهر أنيابه المهترئة، المُتعطّشة لأنهار جديدة من الدماء. وعندما يتحدث، تبدو كلماته أشبه ما تكون بالاعترافات التي انتُزعت من أفواه الشياطين. هو لا يزال يُقيم بيننا، حتى الآن، ومعه المُصفقون والمُهلّلون والمُدافعون عن مآثره الإجرامية، والعاملون على تبييضها وتبريرها، المُنتفعون، تجار الجثث والموت.

شخصيات مثل هتلر، وستالين، وبول بوت، وتشاوشسكو، هي مُرادف لشخصية بشار الأسد، الذي يُمارس استعماراً جديداً، يستعبد به شعبه.

ما يفعله النظام العلوي في سورية، مهما أتقن لعبة الأقنعة داخل حزام النار، هو قتال ضد الحقيقة، وها هو يسقط، دون أن يدري، بفعل الخرافات العقائدية التي تُسيّره، في مجارير اليأس، عاري القدمين، فارغ الجمجمة.

Zuhdi.alfateh@gmail.com
 

في مجارير اليأس
زهدي الفاتح

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة