ارسل ملاحظاتك حول موقعنا   Friday 08/06/2012/2012 Issue 14498  14498 الجمعة 18 رجب 1433 العدد  

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

يتمثلُ الخللُ الرئيسي في بنية بعض الأنظمة العربية المستبدة في سطوة النخب السياسية المستندة على جدار الكتل العسكرية أو الطائفية والحزبية فتتعامل مع شعوبها بأساليب القهر والظلم والتعذيب وبكل المرادفات التي تندرج تحت هذا المسمى.. تغتال المواطنة والذات الإنسانية وتحطم منهجية القدرات الذاتية لمجتمعاتها.ومع ذلك كله تستمر هذه الأنظمة في المناورة والمراوغة والصراع من أجل البقاء على عروش الدكتاتورية وهذا ما أثبته النظام السوري.. لقد أثبت قدرته على إدارة لعبة فلسفة البقاء مقابل عجز المجتمع الدولي عن طرح فلسفة بديلة تتيح لشعب عانى ومازال يعاني منذ عقود من الزمن فرصة تنفس هواء الحرية والتمتع بالعدالة الاجتماعية والعيش في وطن بلا قيود.

فذلكة التغيير المعتمدة على الاعتقال والقتل والتنكيل والزج في السجون وخنق الشعوب بحكم استبدادي.. تثبت بما لا يدعو للشك مدى ارتباط بنية العنف والتسلط بالتكوين الاجتماعي والنفسي لشخصية أي طاغية مستبد وهذا ما اتسمت به شخصية طاغية سوريا وريث أبيه الذي سبق أن ضخم أجهزته الأمنية.. وعسكر الموالين له وأخضعهم لإرادته وقراراته وأوامره وزج بالآلاف من المعتقلين في السجون.. وكمم الأفواه التي تنطق الحق وأشبع شعبه تعذيباً وتنكيلاً.. فأنتجت دكتاتوريته الفساد والاستبداد.. وما نراه اليوم في بلاد الشام من مجازر وشلالات دماء تثبت بأن دراكولا هذا العصر دكتاتور سوريا لا يملك فلسفة فكرية أو إستراتيجية خاصة في كيفية التعامل مع شعبه إلا فلسفة القمع والقتل.. فهل يُعقل لحاكم استأمنه شعبُه أن يستخدم مدرعات ودبابات الحروب في قتل شعبه؟ وهل يُعقل لمن يدعي التغيير والإصلاح أن يُلطخَ يديه بدماء أطفال أبرياء لا ذنب لهم ونساء ومسنين لا حول لهم ولا قوة؟ وهل يُعقل لراعٍ مسؤول عن رعيته أن يجسد رعايته لأفراد شعبه بانتهاك الحقوق والقمع والظلم فتفوق وبجدارة في ذلك؟

فإذا كانت رياح التغيير التي هبت على العالم العربي قد كشفت مدى حجم الكوارث التي ادُخِرت لدعم الاستبداد والعنف والإبادة... فإن الشعب السوري مازال يعيش اليوم داخل هذه الدائرة المعتمة.. ومع ذلك فهو يناضل ويضحي بدمائه ثمناً للانعتاق منها.. لكن تبقى معضلة وإشكالية شخصية الأسد النرجسية المتعالية فهو مازال يعتقد حتى الآن أن ما يحدث في سوريا هو مؤامرة.. يقمع الحريات ويعذب.. يعتقل ويقتل ثم يتبجح أمام المنابر ليقول مؤامرة وهذا هو النسق الاستبدادي الذي يسير عليه نظام الأسد الوحشي الذي أخذ نصيباً من اسمه.. إنه نسقٌ متكامل أفرز منظومة من المرادفات السلطوية تخدمه وتتكامل معه... ونسق كهذا لا ينتهجه إلا أناس سخروا كل ما يملكون من قوة في سبيل الترويع والبطش والقتل.. أغراهم ذلك فاستمرأوا وازدادوا إمعاناً فيه.

استمرار المفاهيم السلطوية في عقلية بشار الأسد أدت إلى إفراغ الشعب السوري من أي استقلالية وحولت المجتمع السوري إلى مزرعة يحصدها نظامه لصالحه ولكن باسم الشعب.. وما يروج له طاغية سوريا وقد برع حقاً في الترويج له.. هو قوله مؤامرة وإرهاب وأن الذين يحاربهم هم العدو! ما هو إلا محاولة بائسة لتخليص نفسه من دوائر الاتهام والمآزق التي وضع نفسه فيها.

ورغم أن النظام الأسدي يتعرض لحصار سياسي واقتصادي وشعبي جعله خارج إطار الشرعية العربية والدولية.. إلا أن رئيس هذا النظام يصر على التمسك بكرسي الحكم والحفاظ على نظامه بكل تركيباته وتوجهاته وطبيعته الاستبدادية.. ورغم أيضاً قوة الاحتجاجات الشعبية التي تعم كافة المدن السورية رافعة شعارات الغضب الممزوجة بالسخرية إلا أن هذا النظام لم يرَ في ذلك سوى تمرد شعبي وخروج عن السلطة.

فإذا كانت الثورات العربية تمثل لحظة فارقة يندر وجود مثيل لها ليس فقط في التاريخ العربي الحديث بل في التاريخ ككل فعلى طاغية سوريا بشار الأسد ونظامه أن يعي تماماً بأن ورقة التوت قد سقطت فالشعب السوري الحر انتفض وتحول إلى قوة ثورية تقف على أرض سوريا الصلبة ومن يقف أمامها فهو أحمق خاسر وأن الثورة ما هي إلا ميلاد شعب وولاءٌ لوطن واسترداد حقوق... واستنشاقٌ لهواء حرية حُرِموا منها عقوداً من الزمن.

zakia-hj@hotmail.com
 

عود على بدء
وسقطت ورقة التوت يا بشار الأسد
زكية إبراهيم الحجي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعة حفظ ارسل هذا الخبر لصديقك  

 
 
 
للاتصال بنا خدمات الجزيرة جريدتي الأرشيف جوال الجزيرة السوق المفتوح الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة