ارسل ملاحظاتك حول موقعنا   Friday 08/06/2012/2012 Issue 14498  14498 الجمعة 18 رجب 1433 العدد  

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

السعودية وسوريا.. خطوتان إلى الأمام!
عامر عبدالحي

رجوع

 

تتسم السياسة السعودية في التعاطي مع الشؤون السياسية الدولية - بالتوازن والاعتدال وعدم التدخل في شؤون الغير دولاً وهيئات كأساس استراتيجي ومنهج في أسلوب الحكم منذ أن ظهرت الدولة السعودية إلى الوجود عام في 1932. ويُعرف تعاطيها للشؤون السياسية الخارجية بالدبلوماسية الهادئة والرزينة لابتعادها عن الجدل والمهاترات والمناكفات الإعلامية التي لا تتناسب مع وزنها الدولي والإقليمي والإسلامي في معالجة القضايا الساخنة في العصر الحديث.

والحدث الأبرز الذي عمل على إخراج الديبلوماسية السعودية الهادئة عن صمتها وانتهاج أسلوب جديد في التعاطي مع الشؤون الخارجية المتمثل في المواجهة والمقارعة مع النظام السوري تحديدا، هو فظاعة المجازر المروَعة التي يقترفها نظام غاشم بحق شعب عربي مسلم أعزل في بلد عربي شقيق تربطه بالسعودية علاقات تاريخية طويلة ومشتركة ودين إسلامي واحد ووشائج اجتماعية.

وقياسا على هذا لم تقبل في تسعينات القرن الماضي ممارسة الفجور السياسي والعسكري عند احتلال الكويت والعبء الكبير الذي تحملته جراء موقفها لتحرير الكويت.

لا أحد يستطيع أن ينسى جهودها الجبارة في حشد التأييد العربي والدولي ودفع الفاتورة الباهظة من قوت ورفاه شعبها للحفاظ على وحدة شبه الجزيرة وكرامة وسيادة دول الخليج والأمة العربية.

والسؤال المطروح اليوم: إلى أي مدى ستذهب السعودية مع الثورة السورية والنظام؟.

لا شك أن السعودية اليوم تستعيد دورها الإيجابي كدولة عربية إسلامية محورية نيابة عن العرب كلهم في ظل انشغال مصر الشقيقة في ترتيب بيتها الداخلي! فالسعودية لم تبدل موقفها من الأزمة أو الثورة السورية أو من باقي القضايا العربية بل عملت إلى تغيير موقعها الذي كان خلف الجامعة العربية والمجتمع الدولي في بداية الثورة السورية.

وبعد أن يئست من تجاوب النظام السوري وألاعيبه الماكرة، عمدت إلى تصدّر الموقف أمام العرب والمجتمع الدولي.

إذن لا عودة للسعودية إلى سياسة الهدوء والمهادنة مع أنظمة دكتاتورية متخلفة كالنظام السوري بعد الآن؛ لا تنفع معها إلا سياسة المواجهة والمجابهة! فالسعودية تملك رصيدا وثقلا ديبلوماسياً وسياسيا واقتصاديا كبيرا دوليا؛ والمعروف عنها أنها دولة بلا أطماع في سياسة الدول الأخرى أو في رسم حكامها وتنصيبهم؛ بل كثيرا ما تعتمد عليها الدول الأخرى لهذه السمة النظيفة والمميزة في الطلب منها في التوسط لحل قضاياها العالقة؛ كان أبرزها مؤخرا الدور الفعال الذي لعبته السعودية في حل القضية اليمنية بعد ما عجزت عنه منظمات ودول كبرى، وقبلها بسنوات كان موقف القيادة السعودية الملفت الذي قدّم سوريا إلى المجتمع الدولي بالتعاون مع تركيا وفرنسا بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الشهيد رفيق الحريري؛ بل تعدى الأمر بأن اصطحب الملك عبد الله بن عبد العزيز الرئيس بشار الأسد معه إلى لبنان بعد ما خرج منها الجيش السوري بشكل مهين! أما في سياق الثورة السورية فقد تجلّى الموقف السعودي المتقدم؛ والمتماهي مع الموقف القطري عن باقي دول العالم بعد أن فرغت جعبتها من حل جدي ملزم للنظام السوري؛ في محطات عديدة كان أبرزها بداية: محادثة الملك عبد الله بن عبد العزيز مع الرئيس الروسي ميديديف قبيل الانتخابات الروسية وقوله له بالمعنى: إن لا جدوى من الحوار بعد الفيتو المشين في مجلس الأمن! وأيضا الموقف السعودي في مؤتمر أصدقاء سوريا في تونس والمتمثل في انسحاب وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل بعد إلقاء كلمته بعد ما تيقن أن المؤتمر دون تطلعات وأهداف المملكة في حماية الشعب السوري من القتل على يد النظام ودفع بتأييد السعودية لفكرة تسليح المعارضة للدفاع عن نفسها؛ وأيضا تصدي السعودية في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة لغلو وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وتحجيم اندفاعه للنظام الظالم.. وكذلك تطبيق العقوبات على النظام السوري وسحب السفراء بعد الاجتماع الخليجي بالرياض، ومن ثم إغلاق السفارات وسحب كافة العاملين فيها، وكذلك الموقف الثابت وبإصرار متكرر على دعم الشعب السوري الأعزل وتسليح الجيش السوري الحر للدفاع عن أنفسهم في مؤتمر أصدقاء سوريا في استانبول في 1 ابريل 2012.

- هناك من يظن أن السعودية وقطر قد أدخلتا نفسيهما في ورطة في مواجهة النظام السوري وحلفائه اللئام بمواقفهما المتقدمة؛ في ظل تخاذل المجتمع الدولي المتقاعس عن مواجهة النظام السوري فعليا!.

نستطيع الإجابة باليقين بأن من يراقب تصريحات وزيري الخارجية الروسي والصيني تجاه الأزمة والثورة السورية بعد الموقف السعودي المتقدم يجد أن الدولتين باتتا تصغيان بأدب إلى صوت السعودية العالي باهتمام يليق بحرمة الدم السوري المسفوك بغير ذنب على يد طاغية صغير!!.

والسؤال الأهم والأخير هو: إذا ذهبت السعودية إلى أبعد مدى في دعم الثورة السورية لإسقاط النظام ألا يلحقها أحد؟ نعم سيلحق الآخرون بالسعودية؛ مهرولين صاغرين!.

- حقوقي وإعلامي سوري

 

رجوع

طباعة حفظ ارسل هذا الخبر لصديقك  

 
 
 
للاتصال بنا خدمات الجزيرة جريدتي الأرشيف جوال الجزيرة السوق المفتوح الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة