ارسل ملاحظاتك حول موقعنا   Friday 15/06/2012/2012 Issue 14505  14505 الجمعة 25 رجب 1433 العدد  

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

متابعة

 

حين تحرقنا جمرة الفقد!!

رجوع

 

في الموت عظة وعبرة، وفي الموت قصة وحكاية، وفي الموت ألم وأسى وشجن حزين، فهو الدرب الذي لابد أن نعبر من خلاله نحو الحياة الآخرة، وهو الكأس الذي جميعنا شاربه يوما ما، هذه سنة الحياة التي ارتضاها لنا ربنا سبحانه وتعالى وآمنّا بما يكتبه الله لنا، فسوف يأتي يومٌ نودع فيه الحياة وبريقها، بعد أن نكون قد عمرّناها، لكن السؤال كيف عمرّناها؟ ذلكم سؤال كبير، كم أحب أن أطرحه على نفسي في لحظة صفاء، في كل ليلة أعيشها مع نفسي، فنحن في هذه الحياة، كما قال أحدهم :»نسير إلى الآجال في كل ساعة .. وأيامنا تطوى وهن مراحل».

فكل خطوة نخطوها في الحياة، هي خطوة تأخذنا نحو الموت، وتقربنا من القبر، والله سبحانه وتعالى يقول {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}.

خاطرتي اليوم سافرت كلماتها نحو أعماق الحزن، حينما طفت على سطح النفس أشجان وأشجان زملتني ببردها، معها تذكرت أناسا، اعتقدت للحظة أنهم معي..، حولي..، فجأة! تذكرت أنهم قد رحلوا، وسبقوني هناك، فهم هناك قريب مني، لكنهم هناك في البعيد البعيد، وصدق مالك بن الريب حين قال «يقولون لا تبعد وهم يدفنونني..وأين مكان البعد إلا مكانيا»!، فالله.. الله كم عشت مع أناس سكنوا قلبي، كانوا بقربي، رحلوا فجأة وفارقوني بغتة، وتركوني مع ذكراهم ألملم شتات أحزاني، وأستعيد شريط عمري، وصور ذكرياتي، كلما هبت أنسام ذكراهم، التي تدفق دموع عيني على خديّ أنهار حزن عليهم، حين أحسّ بألم فراقهم، وهو يمزق نياط قلبي، حين أشعر بحجم بعدهم، حين أفتش كل مساء عنهم، ناسيا أنهم قد رحلوا، نعم ففي زحمة الآلام التي تفجعنا بها الحياة، وتصدمنا بها أنسى أنهم قد رحلوا إلى غير رجعة، بعد أن كانوا معي يملؤون بحسهم المكان، وتنطق بأنفاسهم الحكايات والذكريات ، وتبتسم بألوانهم الصور، لحظتها أنسى أن دمعة الرجل لا يجب أن تظهر أمام الآخرين؛ وأنها رمز ضعفه، لكنها الحياة ترخص في عيني، حين تهزم احتمالي، مصائبُ الفقد، فأنهزم كطفل حين تُكسر لعبته، فيسرع ليبحث عن مكان لينزوي خلفه، لينعيها، وأنا كذلك بعيد كل قصة فراق لحبيب أو قريب، أبحث عن مكان لأتوارى خلفه، لأفجر حزني خلف أسواره، وأبكي فاجعة الفقد، ولسان حالي امرؤ القيس وهو يقول :

«وَقَدْ صَارَتِ الأَجْفَانُ قَرْحَى مِنَ البُكَا.. وَصَارَ بَهَارًا فِي الخُدُودِ الشَّقَائِقُ»، خاصة عندما يكون الخبر أقوى من أن يحتمل، عندما يكون الخبر مفاجئا، مفجعا، مؤلما، وأي جمرة ألم تحرق قلبي، وتلهب مشاعر أحزاني، وتوقظ مسار تفكيري، وتسخن أدمعي «كجمرة الموت « حين تحرق لظاها جنبات قلبي، فتفجر أنهر أحزانه، حين ينعى إليّ خبر مؤلمٌ «فلان يطلب البوح منك»؟! فآه ثم آه، لعلي أيها الصحاب، لم أحمل إليكم الحزن، عندما حاولت البوح بخاطرة أبت إلا أن تتفجر الليلة، وددت أن أتوارى خلفها وحدي، لأفجر كومة حزني، وما أصدق لبيد بن ربيعة حين أنّشد فقال:

«وما المال والأهلون إلا ودائع.. ولابد يوما أن ترد الودائع»

شكرا لاهتمامكم وحبكم.

محمد بن إبراهيم فايع

 

رجوع

طباعة حفظ ارسل هذا الخبر لصديقك  

 
 
 
للاتصال بنا خدمات الجزيرة جريدتي الأرشيف جوال الجزيرة السوق المفتوح الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة