ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Sunday 17/06/2012/2012 Issue 14507 14507 الأحد 27 رجب 1433 العدد 

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وَرّاق الجزيرة

 

من مآثر الملك المؤسس قبل ثمانية عقود
إيواء وإطعام الفقراء والمحتاجين من الحاضرة والبادية

رجوع

 

دراسة وتحقيق - نورة بنت مصلح الحربي:

كان مجتمع محافظة الوجه مثل غيره من المجتمعات الأخرى في المملكة في الستينيات الهجرية، يعاني الفقر والعوز، ولمعالجة وضعه في الوجه اقترح وزير المالية عبدالله السليمان على الديوان الملكي تخصيص مكان لإيواء الفقراء، بحيث يكونون تحت رعاية أمير الوجه وقاضيها، يتم فيه إضافة إلى تقديم الطعام تعليم من هم في سن الدراسة، وأما كبار السن فيُخصَّص لهم مصرف خاص بهم، ودعا الاقتراح إلى وضع كشف بأسماء المستفيدين، وعُرف ذلك المكان باسم «المطعم الملكي»، الذي تأسس في الوجه في عام 1351هـ/ 1932م، وكانت الفئة المستفيدة من هذا المطعم هم فقراء البلاد والبادية وأولاد مدرسة الوجه الأميرية. وقد اقتصرت خدمات هذا المطعم الملكي على الفقراء، أما أغنياء البلاد فلا يشملهم هذا المطعم.

ومن أجل تنفيذ القرار وتفعيله عُيّنت لجنة من تجار الوجه وأهلها، مهمتها إحصاء الفقراء الموجودين في الوجه، كما يوضح النص الآتي: «... وما جاء بقرار لجنة الإحصاء المكلفة من تجار وأهالي الوجه»، وشرعت اللجنة المكلفة بإحصاء الفقراء الموجودين في الوجه. أما المبالغ التي خصصها الاقتراح لمدينة الوجه فقد قدرت بـ(500) ريال فما دون. ويظهر من الوثيقة أن المخصص لمصرف الوجه أقل من المخصص لمصرف كل من المدينة المنورة، التي قُدِّر لها (2000) ريال فما دون، وأيضاً أقل من مصرف ينبع التي قدّر لها (1000) ريال فما دون.

وبسبب الحالة الاقتصادية المتردية فقد خصص وزير المالية عبدالله السليمان مبلغ (1500) إلى (2000) ريال لمطاعم الفقراء، كما يتبين من النص الآتي:

«... تخصيص مبلغ ألف وخمسمائة إلى ألفي ريال لمطاعم الفقراء بالوجه وينبع وضبا، وإجراء الصرف لمطعم المدينة من قبل إدارة الأوقاف هناك نظراً للحالة المالية الراهنة». وتبين الوثيقة أن ما خصص لمطعم الفقراء بالوجه هو (400) ريال شهرياً، وهو أقل مما قُرّر لها في الوثيقة السابقة.

وقد استدعى تأسيس المطعم الملكي في الوجه أن تكون له هيئة تدير شؤونه، تتولى سير العمل فيه، وتعمل جاهدة لتنفيذ الأوامر الواردة إليها، واختيرت الهيئة عن طريق أمير الوجه، فتكوّنت من قاضي الوجه محمد حسين عواد، ومن مدير الشرطة السيد محمد ناجي، ومن نائب أمين الأموال محمد حامد بديوي، ومن رئيس البلدية أحمد محمود أبو صابر، ويكشف عن ذلك النص الآتي:

«... قد جرى انتخابكم هيئة من قبلنا لتقرير مخصصات ثلاثين ولداً من فقراء البادية والحاضرة وقيد أسماء فقراء البلدة.. وتخصيص مطعم لهم ويصرف منه للثلاثين ولداً وفقراء البلدة يومياً صباحاً ومساءً على وجه التساوي، واستئجار مسكن للنفر الثلاثين لمأواهم وتعيين مراقب لهم لسوقهم إلى المدرسة في أوقاتها المحددة للتعليم، وفي حالة فراغهم من المدرسة يستلمهم المراقب ويوصلهم لدارهم، مع العلم أنكم مسؤولون عن المطعم ومصارفاته، على أن ترفعوا لنا في نهاية كل شهر كشفاً بما صرف عليه لعرضه لمقام وزارة الداخلية».

ويوضح النص السابق أن أعضاء الهيئة كانوا من وجهاء البلد، كما حددت فيه المهام المنوطة بهم، ومنها: تقرير المخصصات، وقيد أسماء الفقراء في البلد من حاضر وبادية، والعمل على تخصيص مطعم لهم يقدم لها الطعام في الصباح والمساء، واستئجار منزل يكفي لثلاثين ولداً، وأن يعين عليهم مراقب يشرف على شؤونهم، ويحرص على ذهابهم إلى المدرسة.

كما كانت الهيئة مطالبة بتقديم كشوفات بمصروفات المطعم الملكي، ورفعها إلى إمارة الوجه في نهاية كل شهر. وتبيّن الوثيقة حجم المسؤولية الملقاة على عاتق الهيئة.

والمطعم الملكي كان عاماً لفقراء الوجه من حاضرة وبادية، في حين كان المسكن لطلاب المدرسة من أبناء البادية.

وكانت الهيئة تعقد مجلساً خاصاً لتوزيع نفقات المطعم الملكي، ويؤكد ذلك النص الآتي: «انعقد المجلس المخصص لتوزيع نفقات المطعم الملكي بالوجه».

وهذا المجلس كان يعقد شهرياً عقب تسلم النفقات الخاصة بالمطعم الملكي من مالية الوجه، ويتم فيه عرض الاقتراحات المقدمة من أعضاء المجلس ومناقشتها، ويخلص في نهاية مناقشاته إلى عدد من التوصيات التي يراها الأعضاء مناسباً ويعملون على تنفيذها. ومن التوصيات التي خرج بها المجلس ما أشارت إليه إحدى الوثاق على النحو الآتي:

«... واتفقوا على تأييد الكاتب المعيَّن سابقاً بالراتب المقرر له، وعلى تأييد متعهد صيانة أطفال المطعم القائم بالطبخ وما شاكله بالراتب المقرر له، كذلك قرروا أن ينظر في الأطفال المنوه عنهم في المادة الرابعة من الاقتراح المذكور، فمن وجد له ملجأ في البدو والحضر أُلحق بملجئه بواسطة الإمارة، ومن ليس له ملجأ يكون تابعاً للمطعم، كذلك وافق كل من الشيخ محمد علي والشيخ عبدالله القين على الأشخاص الذين تتوزع عليهم الأوراق بشهادة رئيس المطعم ورئيس البلدية... وتعهد كل من أعضاء المجلس بإتمام ما ينقص شهرياً من المفروشات اللائقة».

ويظهر مما سبق أنه كان للهيئة كاتب ومتعهد يقوم بأعمال الطبخ لأطفال المطعم، وأن لهما راتباً يحصلان عليه مقابل خدماتهما التي قدماها، كما يبدو للطالبة أن بعض الأطفال الذين كانوا يتناولون طعامهم في المطعم الملكي كانوا يعيشون مع أسرهم في الوجه، ومن ثم كانوا يعادون إلى بيوتهم بواسطة الإمارة، أما الفئة الأخرى، وهم الوافدون من خارج الوجه، فقد كانوا يمكثون في مقر المطعم.

كما يبدو أيضاً أن الأطفال الذين كانوا يستفيدون من المطعم الملكي يحملون أوراقاً تؤكد فقرهم مختومة بشهادة رئيس المطعم ورئيس البلدية، وأنهم يستحقون الإقامة في المطعم.

ولم تكن أعمال الهيئة محصورة على توزيع نفقات المطعم فحسب، بل تقوم أيضاً بالاهتمام بأثاث المطعم ومفروشاته، ويظهر ذلك من تعهدهم بإتمام ما ينقص من مفروشاته شهرياً؛ فقد كانت الهيئة المسؤولة عن المطعم الملكي ترفع كشوفاتها شهرياً إلى أمير الوجه، وتظهر إحدى الوثائق مدى اهتمام رئيس اللجنة برفع الكشوفات كل شهر على النحو الآتي: «... نقدم لسعادتكم طي هذا كشفاً بمصرف المطعم العائد لفقراء الحاضرة والبادية وأولاد المدرسة البادية العائد لشهر جمادى الثاني 1352»، ثم تابع بعد ذلك إرسال الكشوفات بمصارف المطعم الملكي لأشهر ذي القعدة 1352هـ/ 1933م، وذي الحجة 1354هـ/ 1935م، وربيع الأول عام 1355هـ/ 1936م، ورجب سنة 1355هـ/ 1936م.

ونظراً للخدمات الجليلة التي كان يقدمها المطعم الملكي لفقراء الوجه فقد تتابعت طلبات التسجيل في المطعم، فكان من يرى نفسه فقيراً ذا عيال يتقدم بطلبه للهيئة المسؤولة، طالباً تسجيل أولاده كما يتبين من النص الآتي: «... أعرف حضرتكم بأنه لا يخفى عليكم الأحوال في هذه الأيام فأرجو من الله ثم من حضرتكم أن تكتبوا أولادنا أحمد وعيد في المطعم الملكي».

ولبت اللجنة طلب أحد الأشخاص فخصصت له مبلغاً يقدَّر بـ: «... مائتي قرش أميري للمذكور نظراً لجهده المتناهي وتعدد عائلته ولكثرة الفقراء في هذه الضاحية».

وتوجّهت امرأة بطلب إلى اللجنة لزيادة المخصص لها من المطعم الملكي فقالت:

«... إنني كنت في السابق استوفي من المطعم الملكي مقدار شخصين من أولادي، واليوم الهيئة تخرج لي نفراً واحداً، وأنا اليوم فقيرة الحال، وزوجي رجل فقير لم يقتدر على معيشتي وكسوتي أنا وأولادي. أسترحم من مقامكم اندماج لي شخص من أولادي زيادة على الشخص السابق من مطعم جلالة مولاي أدام الله وجوده».

ويبدو أن عمل المطعم الملكي كان يشبه إلى حد كبير المعونات التي تقدمها وزارة الشؤون الاجتماعية في هذا الوقت، حيث يقدم الطلب إلى الهيئة المسؤولة، مبيناً فيه الحالة الاجتماعية، وحالة الأسرة المادية، أو شمول أشخاص جدد في الاستفادة من خدمات المطعم الملكي.

وقد دفع الفقر، الذي كانت الوجه تعانيه في ذلك الوقت، بعض سكانها إلى طلب التسجيل في المطعم الملكي، ومن هنا يتضح أن هذا المطعم خدم سكان الوجه من بادية وحاضرة، ولكن لم تبين لنا الوثائق التي بأيدينا نوعية الخدمات التي قدمها هذا المطعم للفقراء في المنطقة، أما ما يخص أولاد المدرسة من البادية فقد كشفت لنا إحدى الوثائق بعض المواد الغذائية التي يقدمها المطعم لهم من سكر وتمر وسمن وشاي.

وعلى الرغم من قيام أعضاء الهيئة بأعمالهم خير قيام إلا أنهم قاموا بتقديم استقالاتهم، إثر وشاية حيكت لهم، ولكن لم تُقبل استقالاتهم.

كما توضح لنا الوثائق الهيكل الإداري لهيئة المطعم الملكي، التي كانت تتكون على النحو الآتي:

- رئيس المطعم: قاضي الوجه محمد حسين عواد.

أما الأعضاء فهم:

-رئيس البلدية: أحمد محمود أبوصابر.

- مدير الشرطة: السيد محمد ناجي، ثم محمد علي.

- نائب أمين الأموال: محمد حامد بديوي.

- أمين مالية الوجه: عبدالله القين.

- عضو مجس الإدارة: مصطفى بديوي شحاتة، كما كان هناك كاتب ومتعهد بصيانة أطفال المطعم.

وكان المطعم الملكي يعرف عند العامة باسم «التكية»، وهو عبارة عن منزل يسكنه الأيتام من أبناء البادية، يؤمَّن لهم فيه المأكل والمشرب والملبس، وكان إبراهيم كلابي هو المسؤول عن هؤلاء الطلاب، ولعله هو المتعهد الذي يمون المطبخ بما يحتاج إليه.

 

رجوع

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة