ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Thursday 28/06/2012/2012 Issue 14518 14518 الخميس 08 شعبان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وحدة وطن

 

الأمير سلمان بن عبد العزيز.. تاريخ مجيد وحاضر مشرق ومستقبل برّاق
د. عبد المحسن بن فهد المارك

رجوع

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قال عليه الصلاة والسلام: «إنكم لن تملكوا الناس بأموالكم فاملكوهم بحسن أخلاقكم».. هذا الحديث الشريف يُعتبر درساً كبيراً وعظيماً وتعليمات مهمة للحكام العرب والمسلمين في كيفية الحرص على كسب قلوب مواطنيهم ومحبتهم قبل أن يكسبوا ويتحكموا برقابهم، لقد كانت أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم عاملاً رئيسياً في دخول أهل مكة أفواجاً في الدعوة الإسلامية.

لذلك نرى أن الدولة السعودية الأولى والثانية والثالثة عندما رفعت راية التوحيد كان كسب قلوب الناس هو الأهم لدعم هذه الدعوة، ولقد حرص المؤسس جلالة الملك عبد العزيز - رحمه الله - على كسب قلوب المواطنين وتحويل المُعادي إلى مُحايد والمُحايد إلى حليف والحليف إلى عضيد، فكان هذا الانتشار الواسع في توحيد هذه البلاد بسرعة كبيرة بالرغم من الظروف الصعبة آنذاك في المواصلات والاتصالات.

وأسس - رحمه الله - كياناً صلباً قوياً استمر بالمحافظة عليه أبناؤه من بعده ونجد أن كل فرد من أبناء عبد العزيز تأثر بطريقة ما بشخصية والدهم، فالأمير سلمان بن عبد العزيز تأثر جداً بشخصية الملك عبد العزيز في أمور كثيرة وبالذات فيما يخص شيمه وأخلاقه وأسلوبه في الحكم لذلك نجد سموه بحكم أنه محب لقراءة سير العظماء من التاريخ العربي والإسلامي قرأ كل ما كُتب عن الملك عبد العزيز وتمعّن بها وشجع ودعم تلك الكتب التي تحدثت عن أخلاق وشيم عبد العزيز والتي مكنته بفضل الله من توحيد المملكة.

وأذكر بصفة شخصية اهتمامه - حفظه الله - بكتاب والدي - رحمه الله - (من شيم الملك عبد العزيز) حيث قدم الطبعة الثانية للكتاب لإدراكه بأن هذا الكتاب يتناول بالتحليل شخصية الملك عبد العزيز بشكل قلّ أن يتطرق إليه أي كاتب من قبل، ولقد ظهر نبوغ سموه المبكر في أوائل شبابه فعُيّن أميراً لمنطقة الرياض فأدار الحكم فيها بأسلوب إداري حديث متغلباً على كل الصعوبات التي كانت من أجل بناء وتطوير هذه الإمارة بحكم تنوع أبنائها بينهم البدو والحضر فاستطاع بذكائه وبُعد نظره وقوة فراسته أن يتعامل مع الجميع بحزم وعدل وهيبة للحفاظ على حق الدولة وحقوق المواطنين والحرص على الصلح بينهم فأصبحت تلك الإدارة نموذجاً يُحتذى به ومدرسة مثالية لفن الإدارة وكان في عمله الدؤوب الذي لا ينقطع منذ السابعة صباحاً أسلوباً فريداً مميزاً لأمراء المناطق على المستوى المحلي وللولاة والحكام خارج المملكة.. فحصلت الرياض في عهده بأن تكون أول عاصمة عربية للثقافة العربية.

واهتمام سموه بالتاريخ ينطلق لإدراك سموه أن دراسة التاريخ فيها عظات وعِبر يستخلص منها الأمر دروساً من أحداث وقعت بالماضي وقد تقع مرة أخرى يتمكن بها المرء من معرفة الأصدقاء والأعداء السابقين الذين قد تستمر عداواتهم وصداقاتهم أو تتحول إلى العكس فترأس مجلس إدارة دارة الملك عبد العزيز حرصاً على تطويرها ودعمها لتكون مؤسسة ثقافية علمية أدبية مرجعاً للتاريخ السعودي والعربي والإسلامي، أما مكتبته الخاصة فتُعد من أكبر المكتبات الخاصة في العالم العربي.

من ناحية أخرى حرص سموه على تطبيق الشيم والأخلاق العربية والإسلامية وكان وفاؤه منقطع النظير فمع عائلته كان وفياً مع زوجته - رحمها الله - الأميرة سلطانة السديري منذ بداية مرضها ثم مع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز.. وأخيراً مع الأمير سلطان بن عبد العزيز والأمير نايف بن عبد العزيز - رحمهم الله - ملازماً لهم متابعاً لكل صغيرة وكبيرة الأمر الذي ساعد كثيراً في علاجهم وتهدئة نفوسهم إضافة إلى زيارته المستمرة للمستشفيات ومعاودة المرضى شخصياً أو هاتفياً، بل إنه حتى عندما يكون في الخارج يتابع المرضى السعوديين، وهذا وفاء فاق كل التصورات لأنه أصيل متأصل وجاء من سموه - رعاه الله - طبعاً لا تطبعاً وجميلاً لا تجملاً فإذا كان الوفاء يتمثل في شخص فإنه يتمثل في الأمير سلمان.

في إحدى المقابلات الصحفية لحضرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز سأله أحد الصحفيين الأجانب في زيارته للهند عن الأشياء التي كانت في جيلكم وغير موجودة في الوقت الحاضر فأجاب - حفظه الله - بصراحته وشفافيته المعروفة وبأدب جم: في جيلنا كان الوفاء والصدق وفي هذا الجيل هم فيها قليلون.

أما أعماله الإنسانية والخيرية فلا تُعد ولا تحصى على مستوى الجمعيات أو الأفراد، فقد كان كريماً وسخياً وجواداً في ماله وجاهه إلى أبعد الحدود، لا يرد أي طالب شفاعة في علاج أو قبول في جامعة أو ابتعاث أو تعيين في وظيفة، بل إنه يتابع في ذلك ليس فقط في إمارة الرياض بل على مستوى المملكة وخارجها.

أما علاقة الأمير سلمان مع الإعلاميين والصحفيين فهي كبيرة جداً على المستوى السعودي والعربي والدولي وكانت إجابته المرتجلة دقيقة وعميقة فيها الحكم والعبر، حيث قلّ أن نجد أي إعلامي أو صحفي سعودي أو عربي أو أجنبي إلا أن يحرص على الالتقاء ومقابلة سموه لإدراكه أنه سيحصل على مقابلة مهمة من رجل ذي شخصية عالمية حيث يستقبل في الزيارات الرسمية من قِبل قادة ورؤساء الدول والحكومات بحفاوة بالغة واحترام كبيرين.

إن صفات وأخلاق وشيم وخصال الأمير سلمان هذه ليست بمستغربة من ابن لزعيم تاريخي وحد البلاد وورث الكثير من صفاته الدينية والقيادية والأخلاقية والإدارية فتأثر بها وسار على نهجها مثبتاً مع إخوانه الكرام هذا الخط وتلك السيرة وأبرزها كسب قلوب المواطنين فالتف المواطنون السعوديون حول عبد العزيز وأبنائه بمحبة غامرة وإخلاص وولاء شديدين في شكل يذكرنا بالأيام التاريخية الإسلامية الزاهرة حيث أشار إليها سمو الأمير سلمان في المحاضرة الثقافية التي ألقاها في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة مؤكداً أن الدولة السعودية تأسست على نفس المبادئ التي قامت عليها الدولة الإسلامية الأولى.

إن هذه المواهب والكفاءات الإدارية والعملية والثقافية العالية والخصال والشيم الأصيلة أهّلت الأمير سلمان بكل كفاءة وجدارة واستحقاق بأن يختار حضرة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله ورعاه - سموه الكريم ولياً للعهد.. فهنيئاً للوطن وللمواطنين بذلك.

ولقد كانت الجموع الحاشدة من المواطنين في جدة ثم في الرياض لمبايعة سموه - رعاه الله - أكبر دليل عفوي وطبيعي على المحبة الغامرة التي يتمتع بها الأمير سلمان لدى أبناء الشعب السعودي.

أحر دعاء إلى الله عز وجل أن يبارك ويمد في عمر سموه الغني في العطاء الرضي في السخاء القادر على الوفاء.

(*) سفير خادم الحرمين الشريفين لدى مملكة البحرين

 

رجوع

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة