ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Saturday 30/06/2012/2012 Issue 14520 14520 السبت 10 شعبان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

      

اسمي كما هو مدون وواضح وبائن أعلاه، ربما لا يروق اسمي لكثير من الناس، لأنه سلسلة من كلمات عادية وليس لها رابط، ولدت في منطقة صحراوية شمالية نائية لا يتجاوز عدد سكانها أصابع اليد، لا فيها شوارع مبلطة ولا صرف صحي ولا إنارة، خالية إلا من قطيع ماشية وسحاب وأعواد رمث وشيح وبقايا عشب وماء، عارياً إلا من شال أمي التي رحلت إلى بارئها حين ولادتي بأشهر قليلة ولم أرها -رحمها الله- ووالدي وأسكنهما فسيح جناته)، مهنتي الكتابة الجادة والواضحة والصريحة وهي مهنة ساحرة وخطيرة وبها مجازفة، حين أكتب لا أرتبك ولا أحاول القيام بأي حيل تضطرني إلى أن ألوذ بها خوفاً ورهبة وتقية، أن أكون كاتباً ليس إنجازاً استثنائياً فغيري كثير، لكنني أخضع نفسي لانضباط والتزام عال كي أنجز الكتابة عن هموم الناس ومعاناتهم وآلامهم وشجونهم وما يخالج حسي وشعوري ويقيني التام وإيماني الكبير بالأشياء والمحسوسات والحجر والبشر، وأسعى جاهدا لذلك، فهذا هو المعنى الذي أردته لحياتي ورسمته ووضعت بنوده وشروطه وأحكمت إغلاقه بقوة، ومن هنا كانت جل كتاباتي المباشرة والرمزية والفلسفية دافعاً قوياً لي لا يقاوم، بل هي سعادة لذيذة لي لا توازيها سعادة، لي صور وانعكاسات وخيال جامح وطموح وتداخلات لأبعاد مختلفة، وأفيض حماسة وتطلعا، أنا ودود ومتسامح وفي جانبي طفل ولين، وأبذل جهودا كبيرة لمساعدة الآخرين أيا كانوا وعلى قدر الاستطاعة، قلمي ليس رخوا ولا جافا وليس به أنانية أو خضوع وغير قابل للكسر أو للتأجير أو للإعارة، لكنه حاد كالسيف نصله بارد وفعله موت، في حياتي أكره الذين يشبهون الأشباح والخفافيش والضباع والثعالب الماكرة والعقارب السامة والثعابين المخيفة والتماسيح وخنافس الجعل والعثث، وأشباه الدواب والطيور الداجنة، وأرفض الذين يقدمون الشكل على الجوهر، والطقوس على حقيقة النفوس، وأصحاب الرؤى الأسطورية والنمط التبضعي الفاقد للحقيقة، وأصحاب اللغو الظلامي والسرطنة الفكرية والقبح والنكد والسواد، لا أحب التسلي بالصراعات والعدوات والحروب، وأكره أن أشحن نفسي بالكره والبغض والحقد والحسد والجشع والطمع، وأمقت التصريحات والتلميحات والاتهامات غير المسؤولة، وأملك كنزاً كبيراً من المبادئ والأخلاق واحترام الآخرين أيا كانت أشكالهم وألوانهم وأحجامهم وإنتماءاتهم ومشاربهم ومواقعهم الاجتماعية وبعدهم أو قربهم، وأغض الطرف كثيرا عن الهمز و اللمز والغمز الصادر منأفواه جائعة للكذب والبهتان والتجريح والتزوير والتزييف ومحاولة قلب معادلات الحقيقة وصولا لأهدافهم ومقاصدهم البغيضة الشائنة، لفظا ورميا للآخرين، وأحاول ألا أخلط بين الفنتازيا والواقع، ولا أملك ثقافة الاستعلاء وحب الفوقية والتعالي والخيلاء، وأكره بشدة التصنيفات المنافية للواقع، وأبغض أن أنعت الآخرين بألقاب وأسماء غير صالحة أو أن أطلق عليهم صفات في غير محلها، ولا أحب بسط نفوذي وعاداتي ولهجتي، وأحب أن ألبس مايناسبني ويروق لي لا ما يناسب غيري ويروق لهم، وأبتعد كثيرا عن الشعارات الرنانة التي لا تفيد، وأكره الكذب والفتنة ومحاولة شق الصف، وأكره أن أقذف الآخرين بكرات النار، أو أن أصب الزيت على الكرات لتزداد لهبا واشتعالا، ولا أحترم الذين يشبهون (عين عذاري) تسقي البعيد وتترك القريب، وأيقن أن ثوبا مقلما يرتديه الإنسان على سروال صيني وينتعل زنوبة قد يكون أفضل تفكيرا وفهما وأوسع إدراكا وثقافة من إنسان يرتدي أفضل الأقمشة اليابانية، وينتعل أفخم الماركات الإيطالية من الأحذية، ويقتني أجمل الأقلام الألمانية الصنع، لكنه يتمنطق بكلام يشبه العلك والعجين، وأمقت الخيانة والرداءة والموبقات وسوء القصد والمنقلب واللصوص وأصحاب الهوى والذين في قلوبهم غل ومرض، لكنني في المقابل أحب الآخرين المشبعين بالبياض ورائحة النعناع، والذين يملكون سحر الحضور والعمل والإبداع، ويأسرون حين الحديث، والذين يهوون إشعال الشموع وتبديد الظلام، والذين يرتحلون بين المجرات لتزيين الحياة والناس، والذين يحبون قطرات الندى، وضوء الشمس، وتراتيل الفجر، والفضاء المفتوح، والطموح والجموح والارتقاء، والذين يشبهون اللؤلؤة والزمردة ونوبة المطر، فهؤلاء كلهم أقرب إلى قلبي وعقلي، وفي المجمل إنني أكتب لأنني أريد محاصرة القصور العملي والإبداعي والتطويري والاجتماعي والإنساني والهم الوطني، وأبقيه محاصرا حتى ينهض المغردون فيه من سباتهم العميق، وحتى يدركوا بأنه لابد أن يكون للكوابيس نهاية، ولا بد للربيع أن يبلغ العالية، ولا بد أن يكون للطرقات أفق وأرصفة، ولا بد أن يكون للريح والأزهار وجهات نحو الغيم والمدار والرابية، وبألا نكون منغلقين على وجودنا، ومتكورين على ذواتنا، وأنانيين ومتوحشين وبنا توحد، وألا نرى سوى صورة واحدة هي صورة أنفسنا، وأسماء واحدة هي أسماؤنا الشخصية، وألا تأخذنا خطانا إلى تيه الفشل والدروب المعتمة العاقرة، وألا نمر على المارب مرور الإبل، ونصيح بأننا قد جئنا من تخوم الغياب، وألا نضيع بين الهرج والمرج، ومفخخات الكلام، وألا نتداعى من شارع لشارع بلا وعي، حتى نقف في الشارع البعيد بلا علامات ولا دليل، وألا نكون مثل جمل تائه يحمل تلا من التمر والزبيب وخطاه تتعثر، حتما سيموت الجمل ويضيع التمر والزبيب، وسيجيء الصعاليك ويلتقطون الحمل ويضيع المسير، في الجملة الأخيرة، ما أسعى إليه في كتاباتي كلها دقها وجلها هي التذكير والتنبيه ودق النواقيس بأننا نحتاج في كل مرة إلى إعادة تدقيق ومعاينة وتمحيص وغربلة للأشياء كلها، وأحيانا كثيرة إلى صرامة وحدة عالية في القول تحيل بسرعة فائقة النكوص والتخاذل والتهاون والتراجع والكسل وضعف القيم والمبادئ الإنسانية والاجتماعية ورداءة العلاقات البينية والجمعية والتواصلية والهوان والغفلة وعدم المبالاة والتقصير في الارتقاء والسمو والتمدن والأخلاق والتميز والعطاء والعمل الخلاب إلى ما يشبه الرعد والبرق وأزيز الصواريخ العابرة.

ramadanalanezi@hotmail.com
 

لهذا أكتب!
رمضان جريدي العنزي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة