ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Saturday 30/06/2012/2012 Issue 14520 14520 السبت 10 شعبان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وحدة وطن

      

التطلع للقاء والمعرفة والقرب من سمو ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - أمنية الجميع، يتحفز لها ويرغب بها كل من سمع وأبهرته سيرته المحمودة. المهم أن ذلك ليس صعباً أو غير ممكن مع الأمير سلمان؛ فالتواصل معه أسهل بكثير حتى من بعض المسؤولين الآخرين.

المفارقة أن الأمير سلمان يستشعر منذ خمسين عاماً أمانة العمل وعبء الولاية التي حملها مُذ كان يافعاً.

وإذا كانت ملامح النبوغ قد بدت في سموه مبكراً حين استلم إمارة الرياض وهو في العشرينيات من عمره فإن ذلكم الحدس لم يخطئ؛ فأصبح أحد أبرز أمراء التاريخ حكمة وسياسة وذكاء وإدارة.

قبل خمسة عشر عاماً تقريباً كنت أعمل مستشاراً شرعياً في أمانة مدينة الرياض، وتقرر وضع حجر الأساس لمركز شركة الرياض للتعمير.

صباحاً حين قدوم سمو الأمير سلمان مبكراً إلى مقر عمله في مقر الحكم بالرياض طلب مني أن أقرأ القرآن لحفل الافتتاح فحضرت مبكراً متحفزاً لهذا الشرف والمشاركة في تلك المناسبة.

كالعادة، ساعة سلمان الدقيقة التي لا تحتمل التجاوز ولو لدقائق، الثامنة صباحاً بالضبط تتوقف سيارة سموه أمام السرادق المعد لحفل الافتتاح.

كبار المسؤولين في الأمانة لم يحضروا بعد، أما راعي الحفل فكان أول الحضور، مع علم الجميع أن موعد الحفل كان الساعة الثامنة صباحاً.

البعض اعتاد على التجاوزات الزمنية التي يحفل بها مجتمعنا، وآخرون غلبهم النوم والنعاس. اضطرب الجميع، لكن «سلمان الكبير» أخذ مكانه حتى تكامل الجميع فكان درساً لمن يعقل.

ومن مشاهداتي مع «سلمان الإدارة» حيث حضرت عشرات المجالس له، وخصوصاً إبان جلسته التي تنعقد الثامنة صباحاً وبعد صلاة الظهر، وقربي من مقر قصر الحكم في سنوات عشر قضيتها في أمانة مدينة الرياض.

أعلم أن البعض لن يتصور، وخصوصاً من جيل الشباب الجديد، أن أميراً ومسؤولاً كبيراً مثل سلمان يعقد جلستين، يستقبل فيهما المواطنين بكل بساطة وعفوية، ينصت لحاجاتهم، ويستمع لمطالبهم، ويقضي حوائجهم.

إنها مدرسة الأمير سلمان وكفى!

شاهدت ذات مرة أحد المواطنين في جلسة صباحية باكرة يقدم «معروضه»، يطلب تذاكر السفر لأحد البلدان العربية لعلاج أحد أبنائه.

الأمير ينادي باسم الشخص صاحب الخطاب، ويتحاور معه، وكنت قريباً أستمع، وإذا بالأمير يحاوره بلطف ويقول إن الدولة التي ترغب السفر إليها لم تشتهر بطب متقدم، وإنما اشتهرت ببعض أمور السحر والشعوذة.

ثم قال سموه «اختر ما تريد من مستشفيات المملكة المتقدمة وسوف نقوم بعلاج ابنك بعناية خاصة، أما أن أعينك على السفر إلى سحر وشعوذة فلا».

إنه درس عقائدي وإداري رائع. اقتنع الرجل، ورضي بنصيحة الأمير، وخرج وقد تلقى درساً من دروس سلمان بن عبدالعزيز.

إنني أتساءل: أين أولئك المسؤولون من هذه المدرسة وهم يشاهدون سموه المشغل بالهموم والأعمال والمسؤوليات ومع ذلك يتحسس هم كل مواطن، يفتح أبوابه بل حتى هاتفه الذي لا يتردد في سماع صوت من أي مكان.

إنها مدرسة الأمير سلمان بن عبدالعزيز التي ينبغي أن يتعلم الوزراء والمسؤولون منها الكثير، وأن يتلقوا توجيه خادم الحرمين الشريفين له المكرر دائماً وقوله حفظه الله وأيده «افتحوا أبوابكم».

ثم ها هو ولي العهد يقدم الأنموذج الصالح في القيام بأمانة الولاية، ومن ثم أحبه الناس وتباشروا بتعيين خادم الحرمين؛ فهو الأب والأخ وولي الأمر القريب حقاً من كل قلب مواطن ومواطنه.

حظيت بجوار وصداقة سكرتير سموه الخاص الشاعر والأديب الراحل عبدالله بن عبدالرحمن السلوم - رحمه الله -، الذي كان نِعم الأمين في صلاحه واستقامته وصدقه وحرصه وتحقيقه أمنيات سمو الأمير في قضاء حوائج الناس ونفعهم.

كنا نخرج أنا وإياه بعد كل صلاة ونتحدث سوياً، وكان يصلي الفجر ويجلس في بيته دقائق معدودة ثم يتجه مباشرة إلى مكتبه في حدود السادسة والنصف أو السابعة صباحاً.

ولقد شاهدت وغيري كذلك مدى تأثر سموه بفقد ذلكم الرجل الفاضل، الذي كان يتوقد ذكاء ونصحاً، وكان يسرد ويقص علي عدداً من المواقف الإنسانية والأخلاقية لسمو الأمير مع المواطنين، التي لا يمكن حصرها وسردها.

كانت قصيدته - رحمه الله - عند سكن الأمير في قصره في جدة وتهنئته به من روائع الشعر، تفيض بالمعاني الرائعة الجميلة الصادقة.

ومن مآثر سمو الأمير سلمان - حفظه الله - وهي كثيرة أنه أعاد الروح لمحبي التاريخ وعاشقيه بعد أن كاد أن يندرس ويُنسى؛ حيث تواطأت الجامعات على إغلاق أقسام التاريخ بحجة كثرة الخريجين.

وصار خريجو التاريخ عالة على سوق العمل والجامعات كما يقولون، إلا أن سموه - حفظه الله - أعاد الروح وبثها للجميع بالتذكير بكلمته الخالدة «من لا تاريخ له فلا حاضر له»، بل لم يكتفِ بذلك؛ فأحدث جوائز ومِنحاً للدراسات والبحوث، واحتفى بالمؤرخين والباحثين والمهتمين.

ووجد بفضل الله ثم بفضله جيل جديد من المؤرخين الشباب، الذين وجدوا في سموه الأب الحاني والمشجع والمحفز.

ولا غرو وهو أمير المؤرخين وأكثر الناس معرفة بتاريخ هذه البلاد بتفاصيله كافة.

إن تعيين سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز في ولاية العهد والإجماع الذي - كما يقول علماء أصول الفقه - قلَّ أن ينعقد قد تحقق وانعقد مع الأمير وولي العهد سلمان بن عبدالعزيز، الذي كرس جهده وحياته لوطنه ومواطنيه.

فهنيئاً للوطن وأهله.

d-almushaweh@hotmail.com
فاكس: 014645999
 

في حضرة الأمير سلمان بن عبدالعزيز
د. محمد بن عبد الله المشوح

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة