ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Tuesday 03/07/2012 Issue 14523 14523 الثلاثاء 13 شعبان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

الموت هو القدر الذي لا نملك سوى الامتثال له ليأخذ من أراد دون استئذان، وتبقى الأشياء الكبيرة لنا تذكرنا بهم، وتكون خطواتهم فوق الطرقات، وبعد أن يلفظوا أنفاسهم الأخيرة، ويغمضوا أعينهم بأمان، ويقولوا للدنيا سلاماً، يتركون الذين يبقون على قيد الحياة من الأهل والمحبين يتجرعون مرارة الفراق، ويفقدون قدرة الحياة، ويتجدد موتهم عند كل ذكرى.

يمر الموت بوجوه كثيرة كل يوم أفراداً وجماعات فلا يكترث بها، يعرف أنهم لن يذهبوا بعيداً، ولا يستحقون أن يحث إليهم الخطى ما داموا سوف يأتون إليه بأقدامهم مهما طال بهم الزمان؛ لذا يمضي في طريقه بحثاً عن وجوه تضيء الأمكنة وأصوات تبدد وحشة الأزمنة.. كي يصنع فجيعته المؤلمة التي تخلع بعض القلوب من أماكنها!

مساء الجمعة الماضي، الموافق 2 شعبان 1433هـ، اختار الموت رجلاً فذًّا ليأخذه في طريقه إلى هناك.. إلى رحاب من كتب على نفسه الرحمة، كان ذلك الرجل هو الشيخ عامر بن عبدالله آل منيف النهدي، أحد أعيان مكة المكرمة وأحد رجال الخير والعطاء والصلاح. شهد الجميع للفقيد بالتقوى والصلاح، وله جهود مباركة في العمل الخيري والاجتماعي، كما اشتُهر بحبه لإصلاح ذات البَيْن وعدم التردد في خدمة الجميع، ووفاته أحدثت فاجعة كبيرة بين أهله ومحبيه رغم تجاوزه التسعين عاماً؛ حيث كان للفقيد أعمال جليلة وتاريخ عريق وماضٍ يفتخر به أبناؤه وأحفاده لسنوات عديدة، بل يمتد إلى عائلته وربما يتعدى ذلك ليصل إلى قبيلته الكبيرة؛ فذكر الشيخ عامر نجده في كل مجلس ومحفل، وكرمه وشهامته ومساعدة الجميع كانت عنواناً بارزاً في كل المواقف.

لقد دعم أبو عبدالله - رحمه الله - العديد من الأعمال والمشاريع الخيرية والاجتماعية، ومن أعماله الكثيرة والجليلة تبني فكرة المستودع الخيري التابع رسمياً لجمعية البر الخيرية بمحافظة شرورة؛ حيث يُعتبر المؤسس والأب الروحي لذلك المشروع ولغيره من المشاريع المباركة؛ وذلك لاقتناعه بفكرته ودعمه مادياً ومعنوياً، وعمد إلى إرسال قوافل الخير بين فترة وأخرى، كما نجد اسمه - رحمه الله - داعماً لجميع المناسبات والمشاركات الاجتماعية والتراثية كسباقات الهجن والتكفل بتكاليف المشاركة والتنظيم والدعم، بل ساهم مراراً في احتفالات عدة للمحافظة وغيرها، كما نلمس كرم الفقيد بين أهله وعشيرته ومساعدته لهم مادياً ومعنوياً في الأزمات والضائقات.

لقد كان الشيخ عامر رجلاً صاحب فكر نير وبُعد نظر، يحظى بمحبة وتقدير الجميع، الصغير قبل الكبير، يتصف بالمحافظة على أموره الدينية والحنكة والفطنة، رجلاً كريماً في طباعه ومضيافاً حريصاً على مساعدة الجميع، لا يتأخر عن عون من طلب منه العون. كما كان - رحمه الله - واجهة اجتماعية محبوبة من الجميع، وكان يتمتع - رحمه الله - بقربه من بعض أفراد الأسرة المالكة الكريمة - وفقهم الله - علاوة على علاقته بأصحاب الفضيلة هيئة كبار العلماء وأئمة الحرم وجمع كبير من المشايخ والعلماء وأصحاب الفكر.

وكان أبو عبدالله - رحمه الله - قد جمع في حياته مجموعة صفات لا نجدها إلا في الأخيار من الناس، ولا يقدم عليها إلا من كان يتميّز بمثل ما كان عليه من جميل الصفات، ولا يشعر بقيمتها إلا من كان لصيقاً أو على معرفة أو قريباً منه، ومن ذلك البيت المضياف، حيث الكرم والجود والسخاء في زمانٍ كان الناس فيه ليسوا على هذا القدر من الإمكانات والقدرات؛ وبالتالي الاستعداد للقيام بمثل هذه المبادرات.

لقد كان الشيخ عامر - رحمه الله - نموذجاً للرجال الكبار ذوي الطموح العالي في تحقيق النجاح في كل ميدان، وكان الانطباع العام عنه دائماً أنه رجل جاد وصارم ومجدّ ومضياف، ضمن صفات كثيرة أهَّلته لبلوغ هذه المساحة الكبيرة من النجاح الذي سعى إليه في حياته إلى أن توفاه الله.

{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} إنا على فراقك لمحزونون؛ فقد فقدنا عَلماً من الإعلام ونبعاً من ينابيع الخير والعطاء والوقوف بالكلمة الصادقة المعبرة.. رحمك الله يا أبا عبدالله؛ كنت نعم المعين لأهلك وعشيرتك وأصدقائك ومحبيك.. رحمك الله؛ كنت رمزاً من رموز العمل الإنساني؛ فنعم الرجل أنت، وستكون بمشيئة الله قدوةً حسنهً لأبنائك من بعدك، فهذا ما رأيته من محبيك والداعين لك بالرحمة وهم يتزاحمون في مقبرة العدل لتقديم العزاء والدعاء لك بالرحمة والمغفرة.

majeedan@gmail.com
 

الشيخ عامر النهدي.. حياة حافلة بالعطاء
عبد المجيد النهدي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة