ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Tuesday 03/07/2012 Issue 14523 14523 الثلاثاء 13 شعبان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

عزيزتـي الجزيرة

 

تعقيباً على د. التركي
نعم نحتاج للمديرين المخلصين المتواضعين المحنكين

رجوع

 

كتب الكاتب د. إبراهيم بن عبد الرحمن التركي في العدد 14492 يوم السبت 12 رجب 1433هـ مقالاً مميزاً، عنوانه (وهم النفوذ)، وكان مما جاء فيه قوله: «زحام المناصب سقوط في وحل المؤقت؛ فالدائرة التي أحاطت به هي ذاتها التي ستقذفه، والهالة التي ظنها وشاحاً ستخبو فتتحول إلى شبح، ومكاسب الدنيا غير المشروعة سيطوقها، أكانت شبراً أم تبراً».

وحقيقة، فإن هذا الكلام كلام كبير؛ فالتهافت على المناصب ليس علامة خير ولا بشرى لصاحبها، وإنما هو مصيبة يجر نفسه إليها، حذّر منها الحبيب صلى الله عليه وسلم حيث وقال: «إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة»، والعجب أن يبادر إلى هذا التهافت أناس ليسوا أهلاً؛ فهم ضعفاء رأي، ولا يحسنون التدبير، ويجهلون مبادئ الإدارة، وإنما استهوتهم الوجاهة، وغرّتهم بهارج الدنيا، ويعشقون سماع عبارات التمجيد الاجتماعية كصاحب السعادة وسعادة المدير، ونحوها، وسحرتهم الهالات الإعلامية والفلاشات الرقمية وجهلوا وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي ذر حين قال له يا رسول الله: ألا تستعملني؟ فضرب بيده على منكبه وقال: «يا أبا ذر، إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها»، فإذا تسنموا المنصب جاءهم أهل المجاملات، وزادوهم تمجيداً وثناء عليهم، وأنهم أهل لهذا زلفى وتقرباً ونفاقاً، وكما قال كاتبنا «ولو صدقوا لأشفقوا عليهم»، فإذا جلس أولئك المتهافتون على كراسيهم الدوارة التي لو دامت لغيرهم ما وصلت إليهم تجدهم يسيئون للأمانة، ويخذلون الوطن من خلال أذية أبنائه وعدم التعاون معهم وخدمتهم، ويمتطون بغلة الظلم، ويسعون سعياً حثيثاً لاستغلال هذه الفرصة لتحقيق مآربهم الشخصية وأطماعهم الذاتية، وقد ينالهم دعاء المصطفى صلوات ربي عليه (اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه)، وغفلوا أن دوام الحال من المحال، وأنهم محاسبون على النقير والفتيل والقطمير، وبعد انتهاء فترة النشوة ومرحلة السراب يظلون في سراديب النسيان، وأول من يهجرهم ويلمزهم أولئك الذين بدؤوهم أول مرة بالتمجيد والثناء.

قرأت ذات مرة قصة أحد المسؤولين، وأنه كان من عادته أن يفتح باب بيته لاستقبال الضيوف مغرب كل يوم، وكان الناس يأتون إليه زرافات ووحدانا، وبعد تقاعده من منصبه قلَّ زواره وقاصدوه بما لا يدع مجالاً للشك أن هذا هو ديدن أصدقاء المصلحة، ولو كان هذا وأمثاله أخذوا أمر المنصب برشد وحكمة، وسعوا في أمره طاعة لله وطاعة لرسوله وولاة الأمر، ونهجوا نهج سلفهم الصالح «وُلِّيت عليكم ولست بخيركم، إن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني»، وأدوا الأمانة على أكمل وجه، وسددوا وقاربوا، لحمدوا العاقبة دنيا وأخرى ذكراً حسناً ودعاء طيباً وبركة في العمر والمال والأهل والولد وأجراً وفيراً.. حدثني صاحبي أنه عندما تم توجيهه للعمل في إحدى مدن المملكة البعيدة عن مدينته وصل إلى مدير الإدارة الموجَّه إليها فأحسن استقباله ورحب به وأنهى معاملته كأحسن ما يكون، ثم دعاه لتناول الغداء معه في بيته، فعجب صاحبي من هذا المدير المتواضع، وسكن حبه في قلبه، وترك أثراً طيباً في نفسه، فشكر صاحبي له صنيعه، ودعا له وهذا لعمر الحق هو المكسب الحقيقي والربح العظيم.

إذاً، ماذا يضير المسؤول حين يكون متواضعاً هاشاً باشاً قريباً من موظفيه شديداً في غير عنف ليناً في غير ضعف؟ إنه بهذا سيدفع موظفيه إلى الإنتاجية في العمل والحرص والإخلاص فيه، وسيحظى بدعوة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام «من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به». حقاً نحتاج إلى المديرين المتواضعين لا المستبدين، نحتاج إلى المديرين المحنكين، نحتاج إلى المخلصين، نحتاج إلى مَنْ يحيي الأمانة ويغتال الخيانة.

عبد الله بن سعد الغانم - تمير - سدير

 

رجوع

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة