ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Wednesday 04/07/2012 Issue 14524 14524 الاربعاء 14 شعبان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

أنابيب الأجهزة كعلامات استفهام

الثلاثاء 8-5 لا أصدق بأنني انتهيت من المحاضرات السابعة مساء إلا وأولي وجهي صوب “خشم العان, أسابق دقات قلبي” لعنبر أمي بالعناية المركزة. أنثني على جرحي عند مصبات أوجاعها الصاخبة الصامتة.

تلتف علينا أنابيب الأجهزة المؤلمة والمحاليل الشفيفة كعلامات استفهام مبهمة لأقدار قاطعة تتحرك بنا في اتجاهين متوازيين, إلا أنها بشجاعتها الفذة في مقاومة اختلاجات روحها تنجح في تضليل توجسي وتبديد خوفي. يكمل الأسبوع القادم بإذن الله.

***

على بوابة مستشفى الحرس الوطني

صباح الأربعاء 9-5 صباح عادي. أصحو باكراً آخذ طريقي المعتاد إلى مقر عملي من حي الربيع إلى عليشة. أحس في كل مرة وكأنها المرة الأولى بأنني محظوظة وأحمد الله في سري آلاف المرات وأنا أبدأ النهار بتصفح مسقط القلب-مدينتي الرياض من قمتها إلى أخمص قدميها. إذ لا بد لي للوصول إلى الجامعة من أن أعبر أرحب أحياء الرياض قصورا وبساتين غناء بالمعذر إلى أشدها تواضعا وتنوعا عرقيا يسيل من مطلات شرفات الشقق الضيقة والعمائر الكالحة والدكاكين المكتظة بالبضائع الرخيصة بالناصرية.

فأي حظ أوفر لمن يختص في علم الاجتماع وأي فرصة مواتية أكثر لمن يهيم ضميره بهموم الوطن والناس حقيقة أو خيال من أن يجد نفسه أو تجد نفسها مثلي تتماس مع تفاصيل المكان وإيقاع التغير من مطلع النهار. عبر كبري الخليج أهرب جسدي المشربك بالمدعى والمعطى من الالتزامات إلى ذراعي أمي الملوحة عبر بوابات مستشفى الحرس الوطني كأشرعة نجات تمتد نحوي فأرتمي في حماها رغم أنها هي نفسها في غمرة المعاناة. تصارع أمي سكرات الموت بإرادة الحياة، وتخفي عنا هوية الغريم، فنسير في هوى الوهم المشتهى بأنها مثل عاداتها في مخاضات التجارب الجريحة التي مرت بها من الولادات إلى الفقد لن تلبث أن تطوي صفحة الوجيعة وتفرد أغصانها على رؤوسنا.

***

البر قليل في حقها

من الصباح إلى المساء تقف حسناء منارة من نور تدافع عن نور بدمها واظلاف روحها وخطافات أعصابها ومالا يحصى من أقراص الصبر وترياق الأمل لتحول بينها وبين وحش الألم

ومن المساء إلى الصباح تقف أنوار كشمعدانات النذور تذود عن الأم العظيمة تباريح الوجع بضوء عيونها واشتعالات دعائها وابتهالات جوارحها.

أما نوال فعلى مدار الوقت تقف مع حسناء وأنوار بينما نهى تكيد للمسافات بين ألمانيا والوطن بطلاتها التي لا تنقطع تستلهم نوراً تتطارد به ظلمات الاغتراب. يبقى مشاري وأحمد وعبدالرحمن يمشون يومياً من جدة إلى الرياض ليقفوا مع بقية الشقيقات كتيبة متأهبة تحف بسريرها وتتحرك بحسب حركة هدب السيدة السامقة وتردد النفس في صدرها المعطاء.

***

ليس اللقاء الأخير

الخميس 10-5-2012م

منذ أن دخلت أمي العناية المركزة لا أذهب للنوم وإن كنت منتهية من السهر والتعب إلا والجوال تحت وسادتي. دقة واحدة من شقيقتي نوال ووجدتني لا أدري كيف طرت وحطيت عند قدمي سيدتي الوالدة في ثواني.

من الثالثة فجرا إلى السادسة إلا ثلث وتلك السيدة الصابرة المحتسبة تحفر في الصحراء في الصخر في طيات السراب وبطون الأودية وعلى الغيوم والجبال وأجنحة الطير وجذور الأشجار أسطورة نادرة في شرف الأمومة في الموت والحياة. يعلم الله بأنني لا أعلم على الإطلاق من أين واتتني الجسارة وروحي تتقصف كريحانة هالكة أمام رياح الحق التي كانت تزلزل روح أمي بأن أمد يدي إلى صدري الشريفة نور وكلنا حول سريرها ندعو ونرتل سورا وآيات من القرآن الكريم وأقول لها: “ماما أنت النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية، ماما أنت النفس المطمئنة, ماما كلنا بناتك وأولادك الأزواج والزوجات والأحفاد نقف عند قدميك. إلا أن البر نفسه لا يكفيك، والرفيق الأعلى أبرك لك وأولى بك منا يا أعز النساء. الرفيق الأعلى أولى بك, الرفيق الأعلى أعز وأرحم وأنت النفس المطمئنة” دارت عيونها في وجه كل واحد منا وكأنها تقبلنا بعيونها قبلة الوداع. أخذ شقيقي فيصل يُشهد الغالية بصوت يجاهد ألا يتهدج.

فجأة بدأ يحل على حليب وجهها الطاهر محل الإجهاد المبرح لسكرات الموت إشراقة سلام. “أشهد أن لا إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله”. عليك ولك السلام من الرحمن أيتها الأم العظيمة فقد كنت رمزاً للكفاح اليومي البسيط ورمزاً للصبر والبصيرة ورمزاً لقوة العزيمة والإيمان بالإرادة والعمل مع الإيمان بالله. كما كنت وتبقين رمزاً لشجاعة الحياة ولشرف الموت وللقبول بقضاء الله. اللهم ألهمنا لنحيا الوفاء لقيمها السامية ولتربيتها لنا بالكرامة وعلى الكرامة. اللهم ألهمنا أن نكون أهلا للجمع بها في يوم الخلود. إنا لله وإنا إليه راجعون.

***

قصيدة استمهال الوداع

أتظاهر بالتماسك

وبأن المليكة التي أمامي

وعن يميني وعن يساري

لن تلبث أن ترفع كفها

المشغولة بكدمات الإبر المحتقنة بنفث الأنابيب

إلى رأسي لتمحو بحنانها

ما علق بعقلي من شوك الأسئلة

وما يتخطف وجداني من خوف الفقد

غير أنها تمضي في غي إعدادي للغياب

لولا ما ترتكبه أمومتها من خيانة المصاب

فتتلقفني من شفير الهاوية بصدرها المتصدع ألما

وتعيد ترميم أملي برمشة تستمهل الوداع

فيالجهلي

وما كانت تريد المليكة

سوى

أن تقدم لي في نفسها بنفسها العزاء

لحين اللقاء

عند

سدرة المنتهى

***

“أمي أيتها النور والضياء والشمس والقمر والنجوم والقبس وكل مافي الوجود من طاقات الضوء ومنابعه. كم هو العالم فارغ وموحش لرحيلك، لولا قناديل قامتك الفارعة التي تبدد الظلام وتسخر من قسوة الرحيل فأنت الأم التي وإن ماتت فعيونها لا تنام، كم اشتقت للحديث معك ولكني أحس أنفاسك تعطر الجو بأحلى الكلام، كم أشتاق الجلوس إليك ولكن أشعر أن مقامك يملأ المشراق، حتى حين استلمت لأمر ربك بالرحيل كان من لطف الله علينا أن جعل صورتك في كل مكان يتلفت القلب.. أنت الأم العارفة المعطاء في الحضور والرحيل التي حزمها شلال وحنانها بحيرات، الأم التي لا تغيب حتى بعد المغيب. جعلك الله في رحاب رحمته دائماً وأبداً يا أمي الغالية”. أحمد أبوخالد.

***

أكرم العزاء

ولبلادنا المملكة العربية السعودية في رحيل صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز يرحمه الله فلها ولخادم الحرمين الشريفين ولصاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف ولكافة أفراد الأسرة الكريمة أكرم العزاء.

إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ .

Fowziyaat@hotmail.com
 

عند سدرة المنتهى
د.فوزية أبو خالد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة