ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Thursday 05/07/2012 Issue 14525 14525 الخميس 15 شعبان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

المقاصد الشرعيّة، هي: قواعد كلية مستخرجة من استقراء كافة النصوص، والأحكام الجزئية. وكما أنها تقوم على ضرورة اعتبار الكليات، فإنها تقوم أيضاً على ضرورة اعتبار الجزئيات،

بحيث تتضمّن منهجاً واضح المعالم، يرسم للعالم المجتهد أسس الاستنباط، وذلك ضمن المقاصد الكبرى للشريعة، المبنيّة على الجزئيات، مع مراعاتهما معاً، وأن يكون الاجتهاد مبنياً عليهما أيضاً -، أقصد: القواعد، والكليات مع الأدلة الجزئية.

قبل أيام، وجّه مفتي مصر الدكتور علي جمعة، رسالة للشيخ يوسف القرضاوي، بأنّ: “الأمة الإسلامية، ابتليت بعلماء لا يمكن أن ننكر علمهم، لكن ننكر عليهم رغبتهم الجامحة في أن يصنعوا لأنفسهم بطولات ورقية على حساب القواعد الشرعية، والمصالح المرعية، والحفاظ على نظام المجتمع، واستقراره”. وكأنّ مفتي مصر أراد أن يُفهم الشيخ يوسف القرضاوي، بأنّ أحكام الشريعة الإسلامية لا يمكن أن تغيب، بسبب مخالفتها لمقاصد النفوس، أو بما يتوافق مع شهواتها، حتى وإن تستّرت خلف دعوى حفظ مقاصد الشريعة. فكثيراً ما يندفع بعض العلماء إلى تحقيق مصلحة شرعية في اجتهادهم، غافلين في المقابل عن المفاسد المترتبة على ذلك؛ ما يجعلهم في نهاية المطاف نادمين على ما أقدموا عليه، بسبب استعجال النتائج.

إنّ الوقوف على المدارك الشرعية، وتفهُّم الحكم التشريعية؛ نظراً لاختلاف القواعد من حيث أصولها من جهة، ومن حيث وجود الدليل على حكم المسألة المبحوث عنها، أو عدم وجوده من جهة أخرى، مطلب مهم. وعند إسقاط ما تقدم، وتنزيل كلام مفتي مصر، بأنّ الدكتور يوسف القرضاوي، يحاول إقحام ثوابت الدين في معترك السياسة الحزبية، الأمر الذي يؤدي إلى مزيد من الفرقة، والتشرذم باسم الدين، موضحاً: “أنّ هؤلاء يظنون أنهم حماة الإسلام دون غيرهم، وأنهم هم المسلمون وحدهم، وأنهم العلماء دون غيرهم، ويجب على كل مسلم اتباع آرائهم، والسمع، والطاعة لهم دون غيرهم، ويعيبون عليهم إذا خالف أحد منهجهم، أو طريقة تفكيرهم.. وأنّ الدين لا يدخل أبداً في السياسة الحزبية، ولا علاقة له بلعبة الحزبية؛ لأنّ هذه أدوات تتغيّر بتغيُّر الزمان، والمكان، أما ربط الدين بالسياسة بمعناها الحزبي، فمفسدة للدين، وإهانة، وظلم له”. ففي تقديري: أنّ هذا صحيح، وما حدث، ويحدث في الأوساط العلمية، والعملية، من إهمال القواعد العقدية، أو الدعوية، أو الخلقية، بعيداً عن العناية بالقواعد الأصولية، والفقهية الغالبة، لم تكن في نهاية الأمر قواعد ضابطة، ومعالم مفهمة للأحكام الشرعية المتعلّقة بها.

يمكنني بعد هذا التوضيح، مناقشة هذه النتيجة، ما دام أنّ هذه التطبيقات على أرض الواقع، لا تخرج عن كونها اجتهادات بشرية، وهو الحاجة إلى ضرورة التأصيل الشرعي لكثير من قضايا الدعوة في الاستدلال، والتقعيد، والتنظير، وربطها برباط شرعي متين منضبط، حتى يكون لهؤلاء الدعاة مرجعية علمية موثوق بها؛ لتكون اجتهاداتهم على مقتضى ما يرضاه الشارع الحكيم، وذلك من خلال الموازنة بين المصالح، والمفاسد، والتركيز على مآلات الأمور، دون الاكتفاء بالنظرة الآنية القاصرة.

إنّ قراءتنا للواقع اليوم، تستدعي العمل على ترشيد العمل الإسلامي، وربطه بقواعد الأولويات الفقهية، لاسيما وأنّ المتبصِّر بمتطلَّبات المرحلة الدعوية، وما يكتنفه من قصور واضح في التكوين الشرعي، أدى مع الأسف إلى انفصال الحكم عن محله، وغياب البُعد الزماني، والمكاني في تنزيل الحكم الشرعي على الواقع. ومثل هذا التوجيه، سيكون له أثره المحمود على النظر الاجتهادي في النوازل، والمستجدات التي تعنّ للناس من حين لآخر، إضافة إلى قدرتها على التكيُّف مع المستجدات التي لها صلة بالفعل الاجتهادي، والحضاري للأمة المسلمة، فهل نحن فاعلون ؟.

drsasq@gmail.com
 

الإسلاميون والسياسة الحزبية.. المواجهة الكبرى!
د.سعد بن عبدالقادر القويعي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة