ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Friday 06/07/2012 Issue 14526 14526 الجمعة 16 شعبان 1433 العدد 

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

      

يناقش الغرب اليوم الموجات الإلحادية الشاملة التي تجتاح مجتمعاته، ويتنادى في البحث الجدي عن حلول عملية لإعادة الناس للإيمان بالربوبية على أي أيديولوجية، سماوية كانت أو وضعية.

والغرب ينطلق من مصالح اجتماعية لا دينية في توجسه من الموجات الإلحادية، لما في الإيمان بالجملة من منافع دنيوية كثيرة، يدركها عقلاؤهم ومفكروهم، ليس هذا محل سردها.

انتشار الإلحاد في الغرب لم يأت في سنوات ولا عقود بل انتشر خلال قرون زمنية بدأت مع بدايات انتفاضة أوروبا وتخلصها من سطوة رجال الدين، مع ازدياد إدراك الغربيين لمستوى استغلال الكنيسة - من خلال رجال الدين - للبلاد والعباد، وأنهم السبب في جمود حضاراتهم العلمية قروناً زمنية طويلة. وكما هو سيناريو الإلحاد كان سيناريو الديمقراطية الغربية، فهي لم تأتِ كذلك خلال سنوات ولا عقود بل تشكلت تدريجياً عبر قرون من الزمن.

أقرّ استراتيجيو الغرب والشرق ومفكروهم بأن لم يكن أحد منهم يتصور أن يحدث الربيع العربي بهذه السرعة والسلمية نسبياً؛ فما حققته بريطانيا خلال مائتي عام حققه المصريون خلال ثمانية عشر يوماً، والدماء التي سُفكت في بعض الثورات الغربية لتحقيق الديمقراطية كانت بمئات الألوف، ولا تُقارن مطلقاً بالدماء التي سُفكت وتسفك اليوم في بلدان الربيع العربي مجتمعة.

العولمة واختزال الخبرات واختصار التجارب وتناقل المعلومات كانت هي السبب في اختزال واختصار الزمان والدماء في الربيع العربي. وكما اختُزل زمن الربيع العربي وكلفته فستختزل العولمة زمان وكلفة وصول الموجات الإلحادية الغربية للعالم العربي، التي بدأت تظهر طلائعها في الشباب العربي المُتعلم. والتجاهل وإنكار الحقائق والواقع مراكب هلاك الأمم وضياع الحضارات، وكلما تأخرنا في إدراك الواقع والاعتراف به زاد اعوجاج الطريق حتى تستحيل معه العودة.

وقد أدرك الغرب بعد حادث سبتمبر أنه لم يعد يستطيع العيش بمعزل عن الشرق الفقير المتأخر رغم الجبروت الغربي وثرائه وتقدمه، وكذا يجب أن ندرك نحن اليوم بأننا لا نستطيع النجاة بديننا بمعزل عن الغرب الملحد رغم عظمة عقيدتنا وثراء ديننا. ونحن أهل رسالة تجمع الشرق والغرب بعيداً عن الإلحاد قريبة إلى أصول عقائدهم، ملخصها قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً..}.

من تأمل بعمق حياة المسلمين في الغرب، واستحضر الفترة المكية في عصر النبوة الشريف، أدرك أن الفرد هو الغاية من الدين في تحقيق التوحيد، وأن المجتمع مجرد وسيلة لحفظ إيمان الفرد والقيام بالدعوة، والوسائل في الشرع متعلقة بحكمها لا عللها؛ فهي تدور وجوداً وعدماً وتعديلاً مع الحكمة المناطة بها.

عزل الثقافات اليوم قد أصبح من المستحيلات، والتوحيد هو أول مراحل الدعوة، وهو أصل الدين وغايته، والمسكوت عنه في هذا الباب أن في التوحيد جامعاً عقائدياً بين الثقافات يبحث عنه الغرب بتعطش، ولكن قد أعماه وأصمه عن دعوة التوحيد التي جاء بها عليه السلام التراكمات الفقهية من أقوال الرجال التي حجبت أبصار الغرب عن لا إله إلا الله. والتراكمات الفقهية لم تعمِ أبصار الغرب والشرق عن رسالة محمد بن عبد الله عليه السلام بل إنها أصبحت عبئاً على حياة المسلمين العملية ودافعاً للتمرد على لا إله إلا الله، فالله الله لا تتبعن رياح الإلحاد رياح الربيع العربي.

hamzaalsalem@gmail.com
تويتر@hamzaalsalem
 

المسكوت عنه
هل سيتبع الإلحاد الربيع العربي؟
د. حمزة بن محمد السالم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة