ارسل ملاحظاتك حول موقعنا   Monday 27/08/2012 Issue 14578  14578 الأثنين 09 شوال 1433 العدد  

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

دأب الكاتب والزميل الفاضل الدكتور حمزة محمد السالم، على تقديم نفسه ناقداً للمنهج النقلي في فقه الاقتصاد وغيره، لكن في مقال الجمعة الأخير بعنوان “ في النبيذ “، خرج عن ذلك النحو، وتكلم كفقيه أصولي متشدد، رداً على ما يتناوله الناس على صفحات التواصل الاجتماعي عن النبيذ، لكنه لم يعالج الأمر بالخوض في التفاصيل، وذهب للقول الفصل بدون تفنيد الآراء وما اختلف فيه في الفقه الإسلامي، أو ما يعارض ويناقض تطبيقات حديث ما أسكر كثيره فقليله حرام في حياتنا اليومية.

وصل الأخ حمزة السالم، إلى نتيجة اختصرها في الاقتباس التالي (فأينما تواجدت نسبة من الكحول في كمية يستطيع الإنسان تناولها في مجلس واحد كان قليل ذلك وكثيره محرماً سواء أكان ذلك الشيء مشروباً أو مأكولاً أو مدخوناً أو محقوناً)، وذلك استنادا للحديث (ما أسكره كثيره فقليله حرام)، والذي استند إليه بعض الفقهاء في وقت متأخر لتحريم المشروبات التي تحتوي على نسب قليلة من الكحول بعد أن اكتشف المسلمون لاحقاًِ أن المادة المسكرة في الخمور الكحول، ليتحول الحكم الشرعي من تحريم ما خامر العقل بشكل عام، إلى تحريم مادة الكحول على وجه التحديد، بينما لا يقبل هذه القاعدة فقهاء آخرون، لأن الأمر لا يمكن أن يستوي على هذا الحال لاستحالة تطبيقاتها.

أثبتت الدراسات العلمية أن كثيراً من المشروبات والمأكولات تحتوي على نسب قليلة من الكحول، ومنها الخل والخبز والعصيرات الطبيعية التي يتم حفظها في محلات بيع العصير الطبيعي لأيام، لأنها تنبذ قليلاً من الكحول بعد عصرها، ويزيد النبذ كلما تم تركها لفترة أطول، والجدير بالذكر أن الفقهاء فسروا النبيذ الحلال الوارد ذكره في صحيح مسلم على أنه العصير الطبيعي للفواكه، والحقيقة العلمية تؤكد أنه ينبذ قليلاً من الكحول إذا تُرك في آنيته لأيام بعد عصره، كذلك يحتوي الخبز على نسبة قليلة جداً من الكحول، وتحتوي كثير من الأدوية المشروبة على نسب قليلة من الكحول لحفظها، كان آخر تلك الاكتشافات أن مشروب البيبسي والكوكا كولا حسب دراسة فرنسية يحتوي أيضاً على نسب ضئيلة من الكحول، ولو طبقنا هذا الحديث لحرمت هذه المشروبات، ولتم منع بيعها في الأسواق.

انطلاقا من مبدأ ما أسكر كثيره فقليله حرام، أثبتت أيضاً الدراسات الإكلينيكية أن شرب كميات كبيرة من المياه تؤدي إلى حالة من الهذيان والتشنجات، فهل قليل الماء حرام، أيضاً يتناول الناس المواد المضادة للحساسية ويشترونها من الصيدليات بدون وصفة، ويمكن أن تؤدي إلى الهذيان وعدم الإدراك، إذا تم أخذها بكميات أعلى من الوصفة الطبية، وأيضاً المواد المنومة مثل “الفاليم “،والتي يصفها الأطباء للمساعدة في النوم، تؤدي حتماً إلى السكر والإدمان إذا تم تناولها بنسب أعلى ومتكررة، وأن هناك مواداً يصعب حصرها إذا تم تناولها في كميات كثيرة تؤدي لغياب العقل، فهل من القليل من هذه المواد والأدوية أيضاً يحرم تناولها، إذا ثبت نفعها.

ما أحاول أن أشير إليه في هذا المقال، ليس التشكيك في تحريم الخمر والسكر فهذا أمر منتهي منه، ولا مجال للخوض فيه، سواء بقليله، أو كثيره، لكن يوجد كثيراً من التفاصيل التي لا يمكن إغفالها، ومنها باب ما جاء في شرب النبيذ في صحيح مسلم، وهو ما يستحق التأمل والدراسة، وربما يستدعي ذلك الإغفال له إعادة النظر في المنهج الفقهي التقليدي أو الأصولي، والذي يعتمد على صحة الأخذ بحديث الأحاد في الأحكام الشرعية القطعية، وإشكاليته أنه نهج انتقائي، يأخذ ما يريد ويترك ما لا يريد، وينطبق هذا على كثير من الأحاديث التي تعارض الفهم الظاهر للنص القرآني، إما بالتحريم أو التشديد في التحريم إلى درجة استحالة تطبيقاته، في حين يرى آخرون أن الحديث الأحاد إذا خالف النص القرآني لا يُؤخذ به، ومنها تلك الأحاديث التي تُجيز شرب النبيذ لعدة أيام بعد عصره وتخميره وغيرها، وينطبق ذلك على مختلف المشكلات التي يحدث فيها تعارض بين المتواتر والآحاد.

أترك زميلي العزيز مع الخبر التالي عن المواصفات السعودية للقليل من الكحول: (نجحت أمانة المدينة المنورة في السيطرة على ارتفاع نسبة الكحول في مشروب السوبيا الذي يكثر الإقبال عليه في شهر رمضان من كل عام من قبل أهالي طيبة الطيبة......، وخفضت النسبة هذا العام إلى 1 في المائة، علما أن الحد الأقصى للمواصفات السعودية 3 في المائة)، ويتبع في الخبر: (أوضح مدير مختبر الأمانة المهندس خالد نائل كردي أن الفرق الميدانية التابعة لمختبر أمانة المنطقة رصدت ارتفاعا كبيرا في نسبة الكحول في هذا المشروب بعد أخذ عينات خلال عام 1430 وصلت نسبتها إلى 92 في المائة، ثم ارتفعت في عام 1432هـ إلى 95 في المائة).

نُشر الخبر في جريدة عكاظ في يوم الخميس 25-09-1432 هـ، العدد 3721، وهو بالمناسبة مشروب شعير محلي، يكثر شربه في شهر رمضان في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وتم التخفيف من نسبة الكحول ليُسمح بتناوله وبيعه في المدينة المنورة.!، ومع احترامي الشديد لمختبر الأمانة يصعب تصديق أن تصل نسبة الكحول في شراب السوبيا إلى 92%، ويحتاج ذلك لعشرات من السنين من التخمير، وربما كانت السوبيا المزعومة في الخبر مشروب المعدمين القاتل، كولونيا جي بي 1014، والتي تحتوي على نسب عالية من الكحول السام، والعياذ بالله.

 

بين الكلمات
حمزة السالم والكحول
عبدالعزيز السماري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعة حفظ ارسل هذا الخبر لصديقك  

 
 
 
 
للاتصال بنا خدمات الجزيرة الأرشيف جوال الجزيرة السوق المفتوح الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة