(خورخي لويس بورخيس) كاتب وشاعر أرجنتيني، أعمى لكنه بصير، شاعر استثنائي مزج العوالم بعضها البعض، ليقدمها لنا كعالم مدهش آسر، له علاقة مميزة حادة وكثيفة بالكتب والمعرفة. لقد تحدى العمى بالمعرفة، طارداً ظلمة عينيه بضياء إرادة حرة، ليصل به الأمر في العمل بمكتبة - بوينس آيرس- أميناً لمكتبتها الكبيرة، لهذا يجب أن نستخلص منه الدروس والعبر، هو الكائن المولود والمترعرع والمشتغل في المكتبة، مكتبة عنت له نظام قراءة أولاً، مؤكداً فيها على القراءة، ثم الكتابة، منطلقاً من فكرة أن الجميع أيا كانوا يستطيعون أن يكتبوا، ولهذا قال يوماً: “ليفتخر الكتّاب بما كتبوا، ولأفتخر أنا بما قرأت”، ومن هذا المنطلق أريد أن أصل إلى فكرة أن الكل يجب أن يقرأ بنهم أصحاء ومرضى أو ذوو احتياجات خاصة بكثافة وتنوع بعيداً عن الجهل الذي نخر عقول البعض رغم أن بعضها صحيحة ومتعافية ونشيطة، هذا الجهل حول بعضهم إلى أدوات غير منتجة وغير فعالة وغير نشطة. إن على الجميع من كلا الجنسين القيام بترقية العقول بالقراءة والتطلع والبحث المستمر عن المعرفة، لينتشر الوعي والمعرفة ويندثر الجهل لدى المجتمع الذي غيب بعضه دخان الجهل المهول، ففقد بوصلة اتجاهاته، على الجميع دون استثناء الولوج إلى عالم القراءة الساحر وذلك بالتردد المستمر على المكتبات وشراء الكتب المتنوعة والانغماس بلذة البحث والتطلع والقراءة، ليأخذوا منها وقوداً يمنحهم ديمومة الإنتاج والإبداع والتفكير، ولكي يكونوا مثل (بورخيس) الذي عاش قدره وتفوق عليه وطرد ليله الحالك بنور القراءة والبحث والكتابة، إن القراءة والبحث والتطلع هي التي صنعت في عالمنا العربي طرفة بن العبد وأبو العلاء المعري والمتنبي والحلاج وعروة بن الورد ومالك بن الريب والجواهري ونازك الملائكة ومي زيادة ونزار قباني وغازي القصيبي وغيرهم كثير، والقراءة عموما ليس فيها إفلاس ولا خسارة، بل هي مادة جيدة للربح والكسب، قال (كونفوشيوس) الحكيم: حرف واحد لامع يكفي لإنارة العالم ألف عام، فلنبدأ بالقراءة من الآن، قد تكون المهمة عند البعض صعبة أو مستحيلة، لكن الأمر يجب أن يعمل به، حتى لا يتحولوا إلى مجرد أجساد تمشي لكنها بعقول نائمة غير نشطة وغير فعالة. إن على الجميع صنع “تسونامي” عاجل يهدف إلى فتح النافذة على مزارع الحلم والمتعة والنور من خلال القراءة الجميلة، بعيداً عن غبار الجهل وترابه وعواصفه ومشتقاته.