ارسل ملاحظاتك حول موقعنا   Tuesday 18/12/2012 Issue 14691  14691 الثلاثاء 05 صفر 1434 العدد  

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

الأستاذ الدكتور (ناصرالحجيلان) وكيل وزير الثقافة للشئون الثقافية رجل غزير الثقافة وبسيط وشفاف وكان أستاذا يدرّس الأدب في جامعة الملك سعود ومن المؤكد أن اختياره لشغل الكرسي الوزاري ليس اعتباطيا مثلما أن المواطن السعودي يتمنى ككل إنسان في العالم أن يكون وزيرا أو وكيلا للوزير على أقلّ الأحوال.

ولكنه وليس ككل إنسان في العالم لا يتمنى أن يكون لمنصبه علاقة بالثقافة من القريب ولا من البعيد، إذْ إن الثقافة إشكالية وملأى بالحراك الذي لا يعير اهتماما للظروف السياسية والثقافية والاجتماعية بقدر ما هي مشغولة بالمثقف الذي يمثّل محور عملها وذلك من كافة النواحي وأهمها الظروف المعيشية للمثقف وهل هي ظروف تسمح لإنسان يمتلك الوعي بالحرية تماما فهو لا يمكن أن يكون مثقفا مستقلا عن نسقه الاجتماعي، والذي يزدحم بالأحداث ذات الجذر الثقافي، وهو كإنسان له الحقّّ في ممارسة طقوسه التي من بينها رغبته في عدم خوض تجربة الوظيفة العمومية التي ربما تتناقض مع إيمانه بأن الحقّ والخيرَ والجمال هم الثلاثي الذي يهدف بنو الإنسانية إلى أن يسجلوها كما يسجل اللاعب الغزير الموهبة ثلاثية الأهداف في كرة السلة من مكان بعيد ولكنه قابل للتموضع ورمي الكرة في مكانها الصحيح وهو الهدف الذي يُعَدّ بثلاث نقاط

وليس اثنتين

كالهدف العادي. ولقد سبق لي وأن سعدت بلقاء الأستاذ الدكتور الحجيلان في يوم الانتخابات التاريخي لمجلس إدارة كلّ نادِ في البلاد وقال لرفاقه عني كلاما أعتزّ به وأفتخر كون قائله أستاذا جامعيا قرّر كتابي القصصي (رائحة المدن) كمادة للمطالعة الحرة على طلابه في الجامعة وهذا وحده شرف كبير لي كمواطن وكمثقف ولأنه ليست تربطني بسعادة وكيل الوزارة أية علاقة من قبل أي أن رأيه ليس عاطفيا وليس عنصريا وليس من قبيل المجاملة بالإطلاق. كنت رشحت نفسي لمجلس إدارة النادي وفشلت يومها ولكن كلمات الحجيلان كانت تواسيني بل وتهطل كرذاذ جميل وهو شعور المبدع بالرضا عن نفسه والثقة في مقدرته على الوصول للاوعي المجتمع من خلال تكوين ثقافته والإسهام في سيره على درب التقدّم بتقديم عمل خلاق مستقل وغير خاضع لسلطة تتدخل في مفرداته.

وكمتابع قرأت كثيرا هجوما على الأستاذ الدكتور ناصر الحجيلان مرتبطا بكونه وكيلا لوزير الثقافة دون أن تقودني تلك المفردات الجارحة والخارجة عن أخلاقيات العمل الثقافي لأنها موجهة إلى مثقف ومتخصص ومسئول وليس إلى وكيل وزير ليس له علاقة بالثقافة!. ومن أجمل انطباعاتي كوني لم أقرأ ردا منه على منتقديه وأكمل أن تلك اللذعات لم تخبرني عن خطأ أو فعل غير ثقافي يتحمله الحجيلان مما يرسّخ لديّ الاقتناع بأنها حلقات من سلسلة تنتهي بإطاحته من منصبه وهو عمل غير أخلاقي فدور المثقف هو البناء والتقبّل للاختلاف بدون أيّ تحفظ. وكوني أنتمي إلى الحقل الثقافي وأمارس الكتابة بدون خضوع لتيار أو القيام بدور تبريري كما يفعل موظفو العلاقات العامة الذين يُعْتَبَرون أردأ أشكال البشر وهم يعون هذا ويحاولون تبريره هو أيضا. وكالدكتور ناصر الحجيلان أقرأ كثيرا من الغمز واللمز حول الأستاذ الدكتور عبدالله الغذامي، وكذلك أقرأ عنه مدائح عنه وهو أمر نادر في مجتمعنا الذي ينقاد تلقائيا خلف المنتقدين غير المخلصين والذين يريدون اختلاق موقع ما بعد الثقافة وهو موقع سيكولوجي إلى حدّ أنه تنظر في محكمة شرعية بالدمام دعوى مشتبكة حول النادي الأدبي هناك وهذا سلوك غير مبرّر بالمعنى الثقافي ولو برّره من يفعلونه لأنّ الثقافة لا تعتدّ كثيرا بكونها إحدى دعامات الديموقراطية لأنه حتى في مسألة الديموقراطية ليست هنالك حقائق ثابتة وليست ثمة ما يمنع من عدم إتّباع سلوك يعتبره الغالبية حقا لأنه ليس كل ما هو (موضوعي) موضوعيا بسبب أنه ليس كل الناس إنسانيين كاملين وإلا لما رأينا الشبكة القضائية من المدعي العام إلى ضابط الخفر مرورا بالنصوص التي تتشابه مع الثقافة كالكتابة الصحافية وكالاهتمامات السياسية فالحجيلان والغذامي راضيان عن نفسيهما ومرحلة الرضا عن النفس تعتبر حالا تقدميا وممعنا في توظيف الثقافة وأنسنتها.

كما أنه من الصعب تخطي وزير الثقافة من مسألة ثقافية فهو ضمير جمع وممثل للدور السياسي الثقافي الذي يصنع إحدى أهم قوى المجتمع وهو الكيان الثقافي سواء كان فعالا أو غير ذلك. ولأنه خلف كل حجاب أسود وجه به بعض البياض الخلاق فإن هذه الهوامش دليل على أن الحركة الثقافية المحلية متقدمة إلى حدّ يجعلنا نوسّع دائرة التفاؤل بكياننا كمثقفين منتمين للثقافة بغض النظر عن الظرف التاريخي الذي تعيشه الأمة العربية والمتمظهر بما كان يُدْعى بالربيع العربي وكانت نتائج هذا الربيع الممتد حتى الآن كأطول فصل ربيع في التاريخ القتل والإمعان في القتل لدرجة صار معها القتل الوحشي الذي هو النتيجة السوداء لكل دراما في التاريخ مفردة تزقزق فوق رؤوس مقدمي نشرات الأخبار الذين تعرف ماذا سيقولون وهم يعرفون أنك تعرف ماذا سيقولون فيصبح القول تحصيل حاصل. وتحصيل الحاصل هو فعل وليس وصفا، إنه من قبيل حصاد الريح أو من مفردات الشاعر إليوت كالرجال الجوف.

alhomaidjarallah@gmail.com
حائل
 

نظرة ما
موقف
جارالله الحميد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعة حفظ ارسل هذا الخبر لصديقك  

 
 
 
 
للاتصال بنا خدمات الجزيرة الأرشيف جوال الجزيرة السوق المفتوح الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة