Tuesday 01/10/2013 Issue 14978 الثلاثاء 25 ذو القعدة 1434 العدد
01-10-2013

أفلا ينظرون...........؟!

انعكست صفات العصر على معاصريه..!

هو عصر السرعة فتجدهم سريعين في كل أمورهم..،

يأكلون بسرعة، يشربون بسرعة.. يرتدون ملابسهم بسرعة..، يتحدثون بسرعة..،

يتوضأون بسرعة..، يصلون أيضاً بسرعة..،

ولا يتوقف أمر السرعة عند هذا في سلوكهم..،

بل ذهبوا يفكرون بسرعة،.. ويلتقطون بسرعة..، يتكلمون بسرعة..، يتناقلون الأخبار والأحداث، ويتبادلون الآراء، والأحكام بسرعة..

ولأن من الحكمة ما يصح، فإنَّ الصحيح هو أن في «العجلة الندامة».. وفي «التأني السلامة»..

وبمثل ما يناشدون التأني في السير في الطرقات لئلا يصاب أحد في حادث سرعة، أو يُقتل أحد جراء السرعة..، فإنَّ في السرعة وخماً..، ونتائجها في الغالب غير مرضية..،

تأتي على حق فتطمسه، وعلى صدق فتغيبه، وعلى نور فتطمسه، وعلى صواب فتبطله، وعلى حقوق فتسلبها، وعلى حقائق فتبترها،

فالسرعة في الصلاة مثلاً تبطلها، حيث لا يفي المسرع بأركانها، وواجباتها..،

والسرعة في الإدلاء بالشهادة تعطل الأدلة..، ولا تمكن من نوال البراهين، ولا الاستيفاء للحقائق..، والسرعة في العمل لا تجعله يتم بإتقان..

وكذلك السرعة في تناقل الأخبار دون رويّة، تظلم متهماً بريئاً، وتوقع غافلاً نقياً، وتضخم حدثاً متداولاً..،

حتى في الأكل تجد السرعة لا تجعل الطعام يتمثل جيداً في الجسم فتمرضه..

فماذا عن السرعة في المنجزات..؟

إن جاءت عن تضافر فهي حميدة، وإن كانت عن طمع لنيل مكاسب فوبالها على مستخدميها..

فتفكّروا في سرعة العصر، وراقبوها في الحركات، والتصرفات، في المواقف، والأحداث، في الممارسات، والسلوك، في العلاقات، وأداء الواجبات..

وقد قلّلت، وسطّحت، وبترت، ونفت، وظلمت، وباعدت..في الأداء، والعلاقات، والممارسات..الفردية والجمعية..! على مستوى الخاص، والعام..

فليكن الاتقان، والطهر، والسلامة، والصدق، والحق، والعدل، والنقاء، والأمانة، واليقين، والثقة، وحماية النفس، والآخرين، والعام، والخاص هي مبادئ، ومنطلقات الحركة لكل فعل..

ولتكن الروية منطلق التفكير، وإصدار الرأي، والحكم، والقرار..وتوخي النتيجة لكل شيء بما في ذلك كأس الماء كيف يُشرب..؟ وحين يُشرب فإلى أين يذهب الماء الذي كان فيه، وما الأعضاء التي تتضرّر من سرعة شربه..؟!

فكل عمل يرافقه التعقل برويته، يبلغ العمق في تأثيره، والمكسب في حصاده..بما في ذلك أعمال القلوب، بمثل ما يكون من أعمال جوارح الجسم، والعقل، واللسان فيه..

وكل أمر يجيء على مهب ريح سرعة لا تعقل فيها، يبوء إلى التسطح، والهشاشة، والأمراض، والتعسر، وعدم بلوغ المرام منه..

إنه عصر السرعة، مهما بلغ فيه المرء من مكاسب، إلا أن خسائره أفدح صحياً، ونفسياً، وعقلياً.. ونتائج علاقات، وعمل..

وللناس أن ينقبوا عن هذه الأمراض، والمفاسد، ويتفكروا بموضوعية فيها..،

وفي الواقع بين عيونهم أفلا ينظرون..؟!!

عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855

 
مقالات أخرى للكاتب