Thursday 03/10/2013 Issue 14980 الخميس 27 ذو القعدة 1434 العدد
03-10-2013

البراءة من زيف كرنفال الأمم المتحدة

الصمت عن الخطأ مشاركة في ذلك الخطأ، والعرب يقولون: «الساكت عن الحق شيطان أخرس».. وفق هذين المفهومين أقدمت الدبلوماسية السعودية على اتّخاذ موقف رمزي يفهمه ويعرف أبعاده كثيراً من يعملون في دهاليز السياسة والمسالك الدبلوماسية، فللمرة الأولى تمتنع المملكة عن إلقاء كلمتها في الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة، إمعاناً في إظهار موقفها الرافض لما يجري في منظمة الأمم المتحدة من توافقات وصفقات تتم على حساب الشعوب والدول لصالح حفنة صغيرة من الدول حُصرت في الدول الخمس الدائمة العضوية والدول التي تستظل تحت ظل سلاح الفيتو المجيَّر لخدمة تجاوزات تلك الدول المتمردة، إذ أصبحت منظمة الأمم المتحدة مرتعاً لتكريس مصالح الدول الخمس، ومكاناً يحمي الدول المتمردة على الأنظمة والقوانين الدولية بسلاح الفيتو المجُيَّر لحماية إسرائيل من قِبل أمريكا وبعض الدول الغربية، ولحماية الأنظمة الشمولية التي تقتل شعبها من قِبل موسكو وبكين مثلما حصل ويحصل لحماية نظام بشار الأسد.

أثناء مراحل اندلاع الثورة السورية، وعجز مجلس الأمن الدولي من القيام بدوره في حماية الشعب السوري من عمليات الذبح والإبادة التي يرتكبها النظام السوري، نبَّه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بأن الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بعجزهما عن حماية الشعب السوري وعدم القيام بما أُقيما من أجله، يُفقد المنظمة الدولية أهميتها، وأكد بما معناه أن دور منظمة الأمم المتحدة أصبح بلا قيمة.

قول وتأكيدات خادم الحرمين الشريفين لمسهما الجميع بعد العجز الفاضح لكل أجهزة وإدارات المنظمة الأممية، فمجلس الأمن الدولي أصبح أسير الرغبة الروسية أو الأمريكية، وحتى الأعضاء الثلاثة الآخرون أصبحوا منقادين لرؤية موسكو وواشنطن، اللتين تخلتا عن القيم وانحازتا للمصالح والنفوذ على حساب دماء الشعوب.

أما الدول العشر الأخرى فأصبح دورها مكملاً، مثل أي قطعة في ديكور منزلي.. ولهذا فقد عجز مجلس الأمن الدولي، وبالتالي منظمة الأمم المتحدة من حل ومعالجة أيٍ من الأزمات الدولية وبالذات المؤثرة، فبالنسبة للأزمة السورية انشغل الجميع بقضية أفرزتها القضية الرئيسة، إذ اهتموا بالأسلحة الكيماوية وتركوا المشكلة الرئيسة، وهي مواجهة نظام مجرم يقتل شعبه، ومع أن المشكلة الأساسية هي وقف القتل اليومي للشعب السوري، إلا أن التركيز كان على الأسلحة الكيماوية خدمةً لكيان إقليمي مجاور لسورية قايضت الدولة الكبرى مصلحته الأمنية ببقاء نظام قاتل تعمل الدول الكبرى الأخرى على تحصين بقائه، ولهذا فقد جاءت معالجة مسألة السلاح الكيماوي لتخدم توجُّه الدولتين وبقاء النظام على حساب مصلحة الشعب السوري.

تبادل الصفقات والمقايضات والأدوار التي تتم على حساب الشعوب، لا يمكن أن تخفيها ابتسامات واحتفالات ولقاءات الاجتماع السنوي للأمم المتحدة، ولهذا فإن المشاركة في هذا «الكرنفال الزائف» مشاركة في خداع الشعوب، ولهذا جاء امتناع المملكة عن إلقاء كلمتها في هذا «الكرنفال»، بل وعدم توزيع نصها إمعاناً في التنبية لما يجري على حساب الشعوب.

jaser@al-jazirah.com.sa

 
مقالات أخرى للكاتب